الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المقرّبون إلى الله.. خصالهم وكيف تكون واحدا منهم ؟ علي جمعة يوضح

الجنة
الجنة

كشف الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء عن مضمون قول ربنا سبحانه وتعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، مبينا أن المولى سبحانه وتعالى يتكلم عن هذه الطائفة التي هي من أوليائه.

هل كل مسلم أصبح ولي لله؟ 

وأوضح من خلال صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: أولياء جمع: ولي، والولي هو هذا المطر القريب من الوسميِّ، فأول دفعات المطر تأتي يسمونها بالوسميِّ، ثم بعد ذلك القريب منه جدًّا -من هذه الدفعة الأولى- يسمونها بالوليِّ.

وأشار علي جمعة إلى أن الوليُّ فيه معنى القرب، فأولياء الله سبحانه وتعالى مقرّبون إلى الله، وفي القرب تحدث الرحمة، وفي القرب يحدث الحب، وفي القرب تحدث الاستجابة، وفي القرب تحدث السكينة، وفي القرب تحدث النورانية؛ ولذلك فأولياء الله سبحانه وتعالى هم في القرب بأصل الكلمة، (أَوْلِيَاءَ اللهِ) أي: أولئك المقرّبون إلى الله سبحانه وتعالى.

وتابع: بدون شك إذا كان هناك قرب وبعد فإن الأمر يختلف، فهناك مَنْ هو قريب، وهناك مَنْ هو أقرب، وهناك مَنْ هو قريب، وهناك مَنْ هو أقلّ قربًا من هذا القريب؛ ولذلك القرب كله درجات، وحاول أهل الله أن يقفوا عند تلك الآية، وأن يتأملوا وأن يتدبروا الحال الكوني لأولئك العابدين المقربين إلى الله سبحانه وتعالى مِمَّنْ أخلصوا دينهم، وتكلم أهل الله على أن هؤلاء الأولياء على ثلاثة أنحاء :

الأول: أسموه بالعوام؛ لأنهم كثر، والثاني: أسموه بالخواص، والثالث: أسموه بخواص الخواص.

وهذه الثلاثة في الحقيقة: هي إجمالية، عندما أَلَّف "نجم الدين كبرى" كتبه عن الطريق، قال -وهذا يأخذه من روزبهان البقليِّ، وهو يتلقى عليه العلوم في مصر- فيقول: عدد الطرائق -إلى الله- على أنفاس الخلائق، أي: وكأن كل واحدٍ منا له درجة عند الله سبحانه وتعالى، لدرجة أن الطريق إلى الله عددها: عدد أنفاس الخلائق الموجودة العابدة لله سبحانه وتعالى.

وشدد أن الطريق إلى الله تعالى منا مَنْ هو قريب، ومنا مَنْ هو في الوسط، ومنا مَنْ هو بعيد. وهذا القرب: منا مَنْ هو في العوام، ومنا مَنْ هو في الخواص، ومنا مَنْ هو في خواص الخواص. هذه أمور إجمالية، فعدد الطرائق على أنفاس الخلائق هذه، تُبَيِّن لك أن التفصيل وكأنه شخصي، مع كل شخصٍ منا طريقٌ إلى الله سبحانه وتعالى؛ إنما هناك مشارب ومناهج، وطرق عامة، تجعل الإنسان له طريقٌ معين إلى الله سبحانه وتعالى.

يقول: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} وهنا نراه قد أطلق، وإذا قَلَّت القيود زاد الموجود. {لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} في الدنيا، أو في الآخرة؟ لم يذكر. إذن، ففي الدنيا والآخرة. كلما قَلَّت القيود كثر الموجود. ما دام لم يقيدها بالدنيا، ولم يقيدها بالآخرة، فهي تشمل الاثنين معًا، فهي في الدنيا والآخرة.

وأكد علي جمعة أن قوله سبحانه {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} مطلقًا، يعني: في جميع الأحوال، مع جميع الأشخاص، في كل الأزمان، في الدنيا والآخرة، وفي كل مكان، أحياءً وأمواتًا. {لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} كلمةٌ بليغة مطلقة، تُنزل أولياء الله سبحانه وتعالى في مكانة عالية، في الدنيا وفي الآخرة.

وشدد على أن بعض الناس ينكر هذا التقسيم الثلاثي الذي قاله أهل الله، ويقولون: كل المسلمين من أولياء الله. وهذا لا مشاهد، ولا هو واقع، ولا هو صحيح. أولياء الله الذي ساروا في طريق الله، وطريق الله مقيدٌ أولًا بالكتاب وَالسُّنَّة، ومقيدٌ ثانيًا بالذكر والفكر.

فشخص بمجرد إسلامه، أو هو مسلم ولا يقيم فروضه، يكون وليًّا من أولياء الله! هذا أمرٌ غير صحيح، بل لابد من الذكر والفكر، على حد قوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} أشخاص قلوبهم معلقةٌ بمواطن السجود ينتظرون الصلاة في قلوبهم بعد الصلاة، «ورجلٌ قلبه معلقٌ بالمساجد». و (المساجد) جمع: (مسجد)، وهو مصدر ميمي يصلح للدلالة على الزمان والمكان والحدث.

وأضاف: لذلك فليست هذه المساجد بمعنى الجوامع؛ وإنما هي بأوقات الصلاة ومواطن السجود؛ حيث يتعلق قلب الإنسان أَلَّا يفوته لقاء الله سبحانه وتعالى. {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} إذًا، فلا خوف في قلوبهم، ولا في عقولهم، ولا في أرواحهم، ولا في أنفسهم، وسبب ذلك: هو التوكل، فالتوكل عند أولياء الله الصالحين يؤدي بهم إلى التسليم، وإلى الرضا؛ ولذلك لا يخافون، هم يتوكلون على الله، مِمَّنْ يخافون؟ وَمَنْ هذا الذي يستطيع أن يُحَرِّك الخوف في قلوبهم؟ هذا حالهم، أما مقامهم: فهم لا يحزنون.