الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الخارجية الأمريكية لـ صدى البلد: مصر تتمتع بثقة كبيرة.. وهذه رؤيتنا لإخراج إفريقيا من أزماتها|حوار

المتحدث الإقليمي
المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية

استضافت العاصمة الأمريكية واشنطن فعاليات القمة الأمريكية الإفريقية الثانية في الفترة من 13 إلى 15 ديسمبر الجاري، بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأكثر من 50 وفدًا من القارة السمراء، وذلك بعد 8 سنوات من انعقاد القمة الأولى عام 2014.

وناقشت القمة الأمريكية الإفريقية الثانية عددا كبيرا من الملفات الهامة التي تتعلق بإيجاد حلول لأزمات القارة الإفريقية ومستقبل شعوبها، ومن بينها: (الاستثمارات - تغير المناخ - انعدام الأمن الغذائي، الذي تفاقم بسبب الحرب في أوكرانيا - العلاقات التجارية - الحوكمة وكذلك دور المجتمع المدني).

وأجرى موقع "صدى البلد" الأخباري، حواراً مطولا مع ساميويل وربيرغ، المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، لمناقشة ما تم التأكيد عليه خلال فعاليات القمة الأمريكية الإفريقية الثانية، وكيف سيكون مستقبل العلاقات الأمريكية مع دول القارة خاصة في ظل المنافسة مع القوى الكبرى؟.

وإلى نص الحوار:-

ماذا تغير منذ القمة الأولى خاصة العلاقات بين واشنطن والقاهرة؟

القمة التي تم عقدها هذا العام، شددت على القيمة والأولوية التي توليها الولايات المتحدة لتعاوننا مع إفريقيا في التحديات والفرص العالمية الأكثر إلحاحًا، وكذلك أكدت على التزام إدارة الرئيس جو بايدن بتنشيط الشراكات والتحالفات العالمية، لقد تغيرت الكثير من الأمور سياسيا واقتصاديا منذ آخر قمة، ولكن الرئيس بايدن كان ملتزم بتعزيز تعاون الولايات المتحدة مع الدول الإفريقية منذ أول يوم له في البيت الأبيض، بالتالي هذه القمة تثبت مدى اهتمام الإدارة بالقارة.

فيما يتعلق بمصر، فقد أكد الوزير بلينكن للرئيس عبد الفتاح السيسي خلال اجتماعهما على التزام الولايات المتحدة بالشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وقد رأينا تطور مجالات التعاون بين الولايات المتحدة ومصر على عدة أصعدة ومن ضمنها ملف تغير المناخ على سبيل المثال، حيث تم إطلاق العديد من الشراكات والمبادرات الجديدة في cop27، بالإضافة إلى التعاون الذي ازداد في مجالات الدفاع الثنائي والدبلوماسية الإقليمية، مصر تلعب دوراً أساسياً في المنطقة ونحن نتطلع إلى مزيد من الشراكة مع الحكومة المصرية.

بدون شك فإن مصر جزء مهم من الاتحاد الإفريقي وتلعب دوراً في القضايا الإفريقية البارزة ونحن على تواصل مع الحكومة المصرية بشكل دائم حول مختلف القضايا البارزة في المنطقة، ونثمن الجهود الإيجابية التي تبذلها الحكومة المصرية بشأن حلحلة بعض الأمور العالقة.

كيف يمكن للقمة أن تساهم في إيجاد حلول لأزمات القارة وشعوبها؟

لقد قمنا بمناقشة العديد من الملفات الهامة خلال القمة الأمريكية الإفريقية، من بينها ملف الأمن الغذائي وهو أمر حساس وحاسم للقارة الأفريقية، خاصة بعد تضرر أمنها الغذائي جراء الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والجفاف، بالإضافة إلى أسباب سياسية مثل الصراعات والنزاعات الإقليمية والدولية، لهذا السبب أعلن الرئيس بايدن عن تقديم 2.5 مليار دولار إضافي من المساعدات الطارئة ومساعدات للأمن الغذائي متوسط إلى طويل الأجل لنظم الغذاء الأفريقية وأسواق الإمداد المرنة.

وتأتي هذه المساعدات لتبني على أكثر من 11 مليار دولار من المساعدات الإنسانية ومساعدات الأمن الغذائي الأمريكية في هذا العام فحسب، وأطلق الرئيس بايدن شراكة استراتيجية جديدة بشأن الأمن الغذائي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي لنستفيد معا من القطاعين العام والخاص وبنوك التنمية متعددة الأطراف والمؤسسات المالية الدولية لتسريع الاستثمارات التحويلية في نظم غذائية مستدامة ومرنة لمنع الصدمات الغذائية قبل حدوثها.

ما الذي يمكن  لواشنطن أن تقدمه للقارة الإفريقية؟

هذا السؤال مهم جداً ولكن لا بد من الإشارة إلى نقطة أساسية هنا، وهي أن إدارة الرئيس بايدن ترى أن الولايات المتحدة عليها أن تتعاون مع القارة الإفريقية وأن تعمل معها، وليس فقط أن تقدم لها المساعدة، لأنه يوجد الكثير لنتعلمه من الدول الإفريقية وشعوبها خاصة أن قارة إفريقيا هي واحدة من أسرع المناطق نموًا في العالم، وأكبر مناطق التجارة الحرة، وتحتوي على النظم البيئية الأكثر تنوعًا، وواحدة من أكبر مجموعات التصويت الإقليمية في الأمم المتحدة.

تعد المساهمات والشراكات والقيادة الأفريقية ضرورية لمواجهة تحديات هذا العصر، والرئيس بايدن يدرك أن ديناميكية هذه القارة واقتصاداتها وشعوبها هي بمثابة الأساس لمستقبل مشرق للقارة والولايات المتحدة.

الولايات المتحدة قامت خلال القمة الأمريكية الإفريقية بمناقشة أفضل السبل للتعاون مع القارة ليستفيدوا من أفضل ما يمكن أن تقدمه أمريكا في مجالات متعددة مثل الحكم الرشيد والأمن والحوكمة والديمقراطية والأمن الغذائي والصحة والمناخ والتجارة والاستثمار والنمو الاقتصادي والمساعدات الإنسانية، وبالفعل تم الإعلان عن الكثير من المبادرات للتعاون، فقد أعلنت الولايات المتحدة عن تخصيص 55 مليار دولار لإفريقيا على مدى السنوات الثلاث المقبلة عبر مجموعة واسعة من القطاعات لمواجهة التحديات الأساسية في عصرنا.

هل تطورت السياسات الأمريكية داخل القارة الإفريقية منذ عام 2014؟

بشكل عام، الولايات المتحدة تتطلع إلى تعزيز المصالح المشتركة مع القارة الإفريقية واتخاذ خطوات إضافية لبناء شراكات أمريكية إفريقية في القرن الحادي والعشرين تتوسع وتعمق مشاركتنا الطويلة، وقد عكست هذه القمة اعترافنا بأن أفريقيا هي لاعب جيوسياسي رئيسي، ولاعب يشكل حاضرنا، وسيشكل مستقبلنا، ويعتقد الرئيس بايدن أن تعاون الولايات المتحدة مع القادة الأفارقة، وكذلك المجتمع المدني، والأعمال التجارية الإفريقية، والشتات الإفريقي، والقادة من النساء والشباب، أمر ضروري لمواجهة التحديات المشتركة واغتنام الفرص، بما في ذلك زيادة الإنتاج الغذائي المستدام، وتعزيز النظم الصحية ومكافحة جائحة كوفيد-19، والاستجابة لأزمة المناخ المتصاعدة، وبناء اقتصاد عالمي قوي وشامل، وتقديم المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة، وتعزيز المبادئ والمؤسسات الديمقراطية العالمية.

نحن ملتزمون بتوسيع وتحديث شراكات الولايات المتحدة في إفريقيا، والعمل معًا لإيجاد حلول مبتكرة للتحديات الجديدة وطويلة الأمد، وتسخير الأبحاث والتقنيات الجديدة، والاستثمار في مصادر القوة طويلة الأجل مع تلبية الاحتياجات العاجلة.

وكما ذكرنا في السابق، ستركز الاستراتيجية الأمريكية على العمل والتعاون مع إفريقيا والشعوب الإفريقية، وليس فقط عبر تقديم المساعدات.

أهم المبادرات المطروحة من واشنطن لدعم شعوب القارة الإفريقية؟

يمثّل اندماج إفريقيا في الأسواق العالمية وازدهارها الديموغرافي وتنامي روح المبادرة والابتكار على مستوى القارة فرصة غير عادية للولايات المتحدة للاستثمار في مستقبل القارة الأفريقية، ولذلك، ستدعم الولايات المتحدة وتسهّل تعبئة رأس المال الخاص لتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، بحيث تشارك الولايات المتحدة في مستقبل إفريقيا بشكل أكبر.

سيعمل قادة الأعمال والحكومات سوية على تعزيز البيئة التي تمكّن الأعمال والاستثمار، بما في ذلك تعزيز تطوير وتنفيذ سياسات وممارسات فعالة في جميع القطاعات، وتحديد الفرص الجديدة للأفارقة والأمريكيين وتعزيزها، وستقدم الولايات المتحدة الدعم المنسق في الوقت المناسب الذي يلبي احتياجات الشركات والمستثمرين، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والشتات والشركات المملوكة من قبل النساء، للنهوض بأولويات البنية التحتية وتعزيز التجارة والاستثمار في اتجاهين.

وسيكون هذا الدعم من خلال مبادرات مثل "الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار" (PGII) و"ازدهار أفريقيا".

لقد أعلن الرئيس بايدن، في منتدى الأعمال الأمريكي الأفريقي في القمة، عن تقديم أكثر من 15 مليار دولار في الالتزامات التجارية والاستثمارية والصفقات والشراكات التي تعزز الأولويات الرئيسية، بما في ذلك مجالات الطاقة المستدامة والأنظمة الصحية والأعمال الزراعية والاتصال الرقمي والبنية التحتية والتمويل. 

وكانت قد ساعدت الحكومة الأمريكية، منذ عام 2021، في إبرام أكثر من 800 صفقة تجارية واستثمارية ثنائية الاتجاه عبر 47 دولة أفريقية بقيمة إجمالية تقدر بأكثر من 18 مليار دولار، وأغلق القطاع الخاص الأمريكي صفقات استثمارية في إفريقيا بقيمة 8.6 مليار دولار. وقد بلغ إجمالي السلع والخدمات الأمريكية المتداولة مع إفريقيا في عام 2021  83.6 مليار دولار.

وأما بالنسبة للقطاع الصحي، تفخر حكومة الولايات المتحدة بالعمل في شراكة مع الحكومات والمؤسسات في إفريقيا، بما في ذلك الاتحاد الأفريقي والمراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، لتعزيز أهداف الصحة العامة المشتركة. بينما نواصل العمل لإنهاء المرحلة الحادة لوباء COVID-19، فإننا لا نزال ملتزمين بتعزيز النظم والمؤسسات الصحية وتعزيز الأمن الصحي العالمي ومكافحة فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز والملاريا والسل والنهوض بالصحة الإنجابية وصحة الأم والوليد والطفل وسد الفجوات في التغذية والأمراض غير المعدية وتسريع الجهود لتحقيق التغطية الصحية الشاملة وخطة التنمية المستدامة لعام 2030.

منذ بداية ولاية إدارة بايدن-هاريس، استثمرت الولايات المتحدة والتزمت بتوفير ما يقرب من 20 مليار دولار في برامج صحية في منطقة إفريقيا. وهذا يشمل ما يقرب من 11.5 مليار دولار للتصدي لفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز وأكثر من ملياري دولار لمكافحة الملاريا وأكثر من ملياري دولار لدعم تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية وكذلك صحة الأم والطفل وأكثر من 2 مليار دولار لمعالجة الآثار الصحية والإنسانية والاقتصادية لـ COVID-19. 

تكمل هذه البرامج الثنائية الاستثمارات الأمريكية الكبيرة في المنظمات متعددة الأطراف التي تقدم دعمًا كبيرًا لتحسين النتائج الصحية في إفريقيا، مثل منظمة الصحة العالمية والتحالف العالمي للقاحات والتحصين والصندوق العالمي لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز والسل والملاريا وصندوق الأمم المتحدة للسكان وبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز، من بين أمور أخرى. 

لقد أنقذت استثمارات الولايات المتحدة وشراكاتها في مجال الصحة في إفريقيا ملايين الأرواح، وعززت النظم الصحية، وجعلت إفريقيا والعالم أكثر استعدادًا للتهديدات الحالية والمستقبلية للأمن الصحي. وحققت استثمارات الولايات المتحدة المكثفة في مجال الأمن الصحي والشراكة عبر أربعة عشر دولة في القارة تقدمًا في مجال السلامة البيولوجية والقدرة على الأمن البيولوجي، وأنظمة المراقبة، وأنظمة المختبرات الوطنية، والتأهب لحالات الطوارئ، وعمليات الاستجابة للطوارئ.

وفي عام 2021 وحده، عالجت الولايات المتحدة والدول الأفريقية حالات تفشي متعددة في القارة، بما في ذلك COVID-19 وإيبولا، باستخدام التحسينات الحاسمة للأمن الصحي العالمي التي حققتها هذه الشراكات بشكل فعال.

لماذا منعت واشنطن بعض الدول من المشاركة، وكيف تساعد في وقف النزاعات المسلحة داخل القارة؟

استضاف الرئيس بايدن قادة من جميع أنحاء القارة الأفريقية، كان هدفنا هو استضافة قمة شاملة على نطاق واسع، وقد وجه الرئيس بايدن دعوات لقادة الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي التي لم يقم الاتحاد الإفريقي بتعليق عضويتها، حيث أنه من المعروف أن الاتحاد الإفريقي قام بتعليق عضوية أربع دول وبالتالي لم تتم دعوة هذه الدول.

بالنسبة للنزاعات المسلحة فإن حالة وخصوصية كل دولة تختلف عن الأخرى وليس هناك حل واحد يناسب كل الدول، ولكن بشكل عام نحن نعمل مع الحكومات الإفريقية على هذا الملف بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي لإيجاد حلول لهذه المشكلة ومعالجة الأسباب الكامنة وراءها.

دلالات القمة الإفريقية الأمريكية وتوقيتها من التطورات العالمية؟

الخطوط العريضة لهذه القمة كانت: تعميق وتوسيع الشراكة طويلة المدى بين الولايات المتحدة وأفريقيا لتعزيز الأولويات المشتركة، بالإضافة إلى تعظيم وصول الأصوات الأفريقية بشكل تعاوني لمواجهة تحديات العصر المحددة، والاستفادة من أفضل ما في أمريكا وأفضل ما يمكن أن تقدمه لتعزيز وتمكين المؤسسات والمواطنين والدول الأفريقية، وإدارة الرئيس بايدن لطالما كانت مهتمة بالقارة الإفريقية والشعوب الإفريقية.

تعد الشراكة القوية بين الولايات المتحدة والدول الأفريقية أمرًا حيويًا لتحقيق أولوياتنا المشتركة، سواء كان ذلك التعافي من الوباء وتعزيز الأنظمة الصحية، أو خلق فرص اقتصادية واسعة النطاق، أو معالجة أزمة المناخ، أو توسيع الوصول إلى الطاقة، أو تنشيط الديمقراطيات، أو تعزيز النظام الدولي الحر والمفتوح.

هل أمريكا قادرة على مساعدة إفريقيا رغم الخلافات مع الصين وروسيا؟

لقد ركزت هذه القمة على أفريقيا وقد كانت فرصة لتعميق العديد من الشراكات التي لدينا في القارة الأفريقية. لقد قمنا بالتركيز على جهودنا لتعزيز هذه الشراكات عبر مجموعة واسعة من القطاعات، تمتد من الأعمال التجارية إلى الصحة، والسلام والأمن. لقد كان تركيزنا في هذه القمة على أفريقيا وحول ما يمكننا تقديمه للقارة. 

الأمر ليس متعلق بالدول الأخرى ولا يتعلق بالمقارنة والتباين، بل هو متعلق بالأجندة الإيجابية التي يتعين على الولايات المتحدة أن تطبقها بالتعاون مع إفريقيا.