"بروكسل".. استنساخ مسرحية رديئة

ضمن العلامات الفارقة التي اتسم بها إخوان "طز في مصر" عبر تاريخهم, الاستنساخ او السرقة من تجارب الآخرين بحكم عجزهم عن الإبتكار.. التجديد و الإبداع لا يدخلان ضمن طقوس عبادة المرشد- سواء كان اسمه البنا او بديع- اثناء مرحلة التكوين.. لجأ البنا الى التفاوض مع جميع القوى السياسية و الدينية لدعم مشروعه الوليد.. بعدما حققت الجماعة تواجدا في الشارع و الجامعة و في القصر الملكي, تعالت على لعبة التفاوض حتى قُصِم ظهرها عقب موجة الارهاب و الاغتيالات , و بدأت حكومتي النحاس و النقراشي في اعتقال قادتها ثم اصدار قرار حل الجماعة.. عندها, طرق البنا جميع الأبواب بحثا عن أي فرصة للمساومة .
لم يكن غريبا في إطار الإنقسامات والتشرذم الذي تعاني منه الجماعة ان تستدعي ورقة المساومات عبر وثيقة تتضمن عدة مبادئ , خصوصا ان مكان إطلاق المبادرة يحمل اشارة لا تحتمل اللبس.. عاصمة بروكسل هي المقر الرسمي للإتحاد الاوروبي الذي انصرف اهتمامه مؤخرا عن الجماعة , ليبدأ متابعة الخطوات السياسية المقبلة في مصر.. في لحظة يأس, تصور قادة التنظيم ان هذا "الشو" الإعلامي سيعيد لهم بعض الاهتمام الدولي بعد المغامرة الطفولية التي انتهت بالفشل الذريع امام المحكمة الدولية , بالإضافة الى استغلال هذه الوثيقة كمحاولة ساذجة امام العالم للتنصل من العمليات الارهابية داخل مصر و التي تتم فعليا بتوجيهات و تمويل قادة التنظيم .. اما ظهور الشخصيات و هي تؤدي دور "الحمل" المسالم في مشهد اعلان الوثيقة التي ستليها تشكيل (المجلس الوطني الديمقراطي) , فقد ظهر اشبه بمشهد من مسرحية عبثية رديئة التأليف و الإخراج .. الجماعة منذ إنشائها و حتى يوم 25 يناير 2011 لم تؤمن اصلا بمبدأ "الثورة" كي تسعى اليوم الى استردادها !! .
جرى العرف ان ضمانات النجاح و المصداقية لأي مبادرة تقترن بالمكانة الشعبية التي تحظى بها الجهات او الأسماء التي اطلقتها ,خصوصا ان ألاعيب "الضحك على الذقون" لم تعد تنطلي على الشارع.. لذا, فان التقييم, على ارض الواقع السياسي, حتما سيؤكد انه من العبث اعتبار "الأصالة".."الوسط".."البناء و التنمية" كيانات مستقلة و هي في الواقع أسماء محسوبة على الجماعة, و لا تملك أي وجود فعلي بعيدا عنها.. ايمن نور- و حزبه غد الثورة- لا يكل و لا يمل من المراهقة السياسية و هو يلهث خلف اي دور او منصب- و تسجيل فضيحة احتماع سد النهضة وحده كفيل بتأكيد هذه الحقيقة- .. بينما كانت "جبهة الضمير" استنساخ إخواني ردئ من جبهة الإنقاذ . لعل "القاعدة" الوحيدة التي تملكها هذه الاسماء هي كراهية الشارع و احساسه بوجود ثأر شخصي مع الجماعة نتيجة الدماء التي اراقتها .
رهان المشاركين في هذه الوثيقة- المهزلة, على انضمام بعض التكتلات الشبابية المحسوبة على ثورة 25 يناير, يبدو متسقا مع عدد النجاحات التي حققها الإخوان في خداع هذه الحركات و استخدام اعضائها كوسيلة للوصول الى هدف محدد, ثم التخلص منهم برصاصة على اقرب رصيف . الجماعة قرأت جيدا الفراغ الفكري و السياسي الذي تصر عقول شباب هذه الحركات على التمسك به دون وعي او فهم حقيقي.. و الاّ كيف يلتقي اقصى اليسار ممثلا في دعوة "تروتسكي" – منظِر روسي دعا الى حالة الثورة الدائمة- و هو المفترض ما تتبناه حركات مثل 6 ابريل و غيرها, مع تيار يمثل أقصى اليمين الرجعي.. تيار يخفي اطماعه تحت عباءة الدين !! . التكتلات الشبابية الهبت و شاركت في دعوة عادلة و هي تثور بهدف التغيير.. لكن مجموعات منها ظلت عاجزة حتى الآن عن تجاوز مرحلة "التغيير" الى واقع "التحقيق" .. حالة الثورة المستمرة لن تجعل السماء تُمطِر "العيش" الذي كان احد المطالب الاساسية في الميدان.. و لا "الحرية" ستتحقق عن طريق اطلاق الشماريخ من على مقاهي و ميادين وسط البلد.
بينما لا يبدو الحديث عن دور امريكي خلف الستار مستبعدا ,اذا ما اقترن بعودة ظهور "نغمة نشاز" اخرى تحت اسم "مشوار الألف ميل" ..مبادرة من "تأليف" د.سعد الدين ابراهيم, الذي فيما يبدو شعر بحنين الى استعادة دوره في العمل ضمن طاقم قنوات الاتصال بين امريكا و الاخوان .