الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد إباحة رئيس الاتحاد الإسلامي بأستراليا للخمر.. جمعة: «إتلم يا فاسد».. والبحوث: إمامته غير جائزة


«البحوث الإسلامية»: لا تجوز الصلاة خلف مصطفى راشد
رئيس الفتوى بالأزهر: الإسلام حرم الخمر على 3 مراحل
«الأوقاف»: شرب الخمر حرام.. ومدمنها لا يدخل الجنة
دار الإفتاء: الجلوس مع شارب الخمر حال شربه «معصية»
أثارت فتوى الشيخ مصطفى راشد، رئيس الاتحاد الإسلامي بأستراليا، جدلاً كبيرًا، بادعائه أن شرب الخمر حلال والإسلام والآيات القرآنية الأربع لم تحرم شرب الخمر صراحة بالنص.
وأكد العلماء لـ«صدى البلد»، أن شرب الخمر حرام شرعاً وكبيرة من الكبائر لدلالة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على ذلك، منوهين بأن الشيخ راشد يتكلم فيما ليس له به علم، ويتقول على آراء المفسرين والعلماء.
بدوره، هاجم الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، فتوى راشد، قائلاً: «اتلم العيب أصلاً على أصحاب القناة الذين سمحوا لك بأن تقول هذا فهم يريدون الإثارة قبل الإنارة».
وأضاف «جمعة»، أن «مصطفى فاسد يطلع يقول أي حاجة ويشكك الناس في دينها لأنه يرتدي عمامة الأزهر، ما ينفعش يا خوية، إذن يبقي الزنا حلال لأن الله تعالى قال لا تقربوا الزنا ولم يقل حرمت عليكم الزنا، مشددًا على أن الخمر محرم مثل الزنا».
وأفتى بأنه يحرم على المسلم شرب الخمر والنظر إليه والجلوس في البارات، وكذلك زراعة العنب من أجل أن يكون خمرًا، مستشهدًا بقول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».
وأشار عضو هيئة كبار العلماء، إلى أن راشد يرتدي زياً أزهرياً مع أنه ليس من أبناء الأزهر الشريف، منوهًا بأن ارتداء زي العلماء أصبح لُعبة لخداع الناس.
من جانبه، أكد أن شرب الخمر محرم شرعًا، بدليل قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، موضحًا أن الفعل « فَاجْتَنِبُوهُ» من أفصح ألفاظ التحريم التي وردت في القرآن الكريم، في قوله تعالى: «فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ» الحج 30.
وشدد عضو مجمع البحوث الإسلامية، على أنه لا يجوز الصلاة جماعة خلف الشيخ مصطفى راشد لأنه ينكر معلومًا من الدين بالضرورة، ولا تتوافر فيه شروط الإمامة ومنها الورع والتفقه في الدين وأن يكون عادلا يحبه الناس، وذا علم وإقناع، كما يدعو الناس إلى الخروج عن ثوابت الدين، ويشوه صورة الإسلام.
وأوضح المفكر الإسلامي، أن «راشد» يفتري ويقتول خطأ ويزعم باطلاً، مخالفًا بذلك تفسير العلماء وإجماع الفقهاء على أن شرب الخمر حرام بدلالة النص القرآني على ذلك.
من جانبه، بيّن الدكتور سعيد عامر، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر، أن شرب الخمر حرام شرعًا، ويدمر الفرد والأسرة والمجتمع والعالم كله، مؤكدًا أنه يؤثر على الحالة النفسية والجسدية للجسم بشكل كامل، مشبهه بأنه سرطان العصر وخراب ودمار للعالم كله.
ونوه «عامر» بأن الإسلام جاء بمنهج قويم ليعالج ظاهرة شرب الخمر المتفشية في الجاهلية، مشيرًا إلى أن الشريعة الإسلامية حرمت الخمر على 3 مراحل، فظلت 15 عامًا حتى يستجيب المسلمون لأمر الله تعالى، منوهًا بأن الخمر كانت كشرب الماء في الجاهلية.
وأوضح رئيس لجنة الفتوى، أن أولى مراحل تحريم الخمر كانت من النبي صلى الله عليه وسلم عندما حرمها على نفسه قبل بعثته الشريفة، لافتًا إلى أن المرحلة الثانية للتحريم كانت الآيات القرآنية: كقوله تعالى:- "وَمِنْ ثَمَرَات النَّخِيل وَالْأَعْنَاب تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا"، منوهًا بأن هذه الآية لم تأت بالتحريم القطعي لشرب الخمر.
ولفت إلى أن القرآن الكريم يبن لنا منافع وأضرار الخمر في قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ"، مؤكدًا أن هذه الآيات جاءت لبيان النفع والضرر من شرب الخمر وليس لتحريمها.
وتابع: أن الإسلام أراد التضيق -بعد ذلك- على المسلمين في شرب الخمر، كما في قوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ".
وتابع: إن الصحابة رضي الله عنهم دعوا بأن يُبيّن الله لهم في الخمر بيانًا شافيًا إما بالتحريم أو بالإباحة، فذهب سيدنا عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال يا رسول الله بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا فنزل قول الله تعالى:-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ"، مؤكدًا "فكانت هذه الآيات هي المرحلة الثالثة لتحريم الخمر.
وفي السياق نفسه، نبه الشيخ عبد الخالق العطيفي، وكيل وزارة الأوقاف، على أن شرب الخمر حرام شرعاً ومن أكبر الكبائر عند الله عز وجل، مشيرًا إلى أن شارب الخمر لا يدخل الجنة.
واستشهد «العطيفى» بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر والعاق لوالديه والمنان المنفق سلعته بالحلف والكذب".
بدورها، أكدت دار الإفتاء، أن شرب الخمر حرام شرعًا؛ ودليل حرمتها: قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» [المائدة: 90].
وأوضحت الإفتاء، لما كان شربها معصية كان الأصل في مجلس شربها أنه معصية أيضًا، وكانت مجالسة شارب الخمر حال شربه محرمة ولو لم يشربها المُجالِس؛ وذلك لقوله تعالى: «وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ [النساء: 140].
وأضافت: ومن السنة ما ورد عن عُمَرَ بْن الْخَطَّابِ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلا يَقْعُدَنَّ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ"، وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقْعُدْ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ". رواهما الإمام أحمد وغيره.
وأشارت إلى أن حكمة ذلك: أن الإنسان يوشك على الوقوع في المحظور ما دام يحوم حوله ويألفه قلبه وتنحسر حرمته وهيبة اقتحامه في قلبه ما دام ملابسًا لأهله مشاهدًا لاقترافه.
وتابعت: أما بخصوص التشبه بشرَبة الخمر في طقوس شربهم لها ومشاركتهم فيها وإن لم يشربها الشخص نفسه، فهو كذلك غير جائز؛ لما أخرجه أبو داود عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ».
ونص علماء الإسلام على ذلك صراحة؛ فنقل العراقي في طرح التثريب [2/ 19، ط. دار إحياء الكتب العربية] أنه: "لو تعاطى شرب الماء وهو يعلم أنه ماء، ولكن على صورة استعمال الحرام -كشربه في آنية الخمر في صورة مجلس الشراب- صار حرامًا؛ لتشبهه بالشرَبة"، وجعل النووي من موجبات العقوبة التعزيرية: "إدارة كأس الماء على الشرب تشبيهًا بشاربي الخمر" .