الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. نهى بلال تكتب: لماذا لا تورث النساء كما أمر الشرع؟!

صدى البلد

موضوع اليوم من أصعب ما يحيك بالقلب ويضيق به الصدر وتضجر منه النفس بل النفوس، ونبدأ بالسؤال لكل ذي لب وقلب سليم لماذا لا تورث النساء كما أمر الشرع ؟!

يقول ربنا سبحانه وتعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ والْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [سورة النحل 90].

البغي حرمه الله، فكيف تستبيحون حرمات الله وتأكلون أموالكم بينكم "إنه كان حُــوبـًا كبيرًا"، وكيف تستمرئون حقوق النساء لا كما أوجب الله ؟!

وقد قال ربنا (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَفْرُوضًا) [سورة النساء 7].

لقد رأيت من الشطط الكثير ولكن أعظمه عندي هو عدم استبراء الذمم من حقوق الآخرين واستباحة أكل أموالهم وإنه لظلم عظيم.

وقد أهلك الله قومًـا طففوا الموازينَ فكيف بقومٍ لم يقيموا الموازين بالأصل واستحلوا الحرام وطابت به أنفسهم فأكلوه هنيئًا مريئا؟!

اتقوا الله يا عباد الله وزنوا بالقسطاس المستقيم واعلموا أن الله سيضع الموازين القسط ليوم القيامة ولن يتركم أعمالكم وستوفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لديه لا يظلمون.

لقد ساد الحكم بالعُرف حتى أصبح مِنهاجًا وشريعةً ما أنزل الله بها من سلطان، وصار الاحتكام إلى قوانين الآباء والأجداد في عدم توريث النساء وبخسهن حقوقهن التي أقرها الشرع هو القانون الموجب الملزم رُغم كلام ربنا عز وجل" ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون" وقد حرم التعدي على حقوق غيرهم "ولا تبخسوا الناس أشياءهم".

وإذا سألتهم عن هذه الضلالة لقالوا: هذا ما وجدنا عليه أباءنا!

سبحان الله..

أتطيب أنفسكم بأكل الحرام وتهنأون به وتستحلونه وهو عين الحرام؟

أليس من العجب أن تكون آيات المواريث في القرآن أهم الدساتير لدول الغرب كفرنسا ومرجعيتهم في فض المنازعات حول التركات؛ ونحن أهل الدين نكتفي بقراءتها فقط ؟!

لقد أثير غضبي ما يسلكون مع النساء من الترضية أو"الرضوة" وهو مقدار من المال يعطيه الأخوة الذكور لكل بنت من أخواتهن نظير التنازل عن حقها الكامل في الميراث وهو ما يُّعد اغتصابًا لحقوقهن وإجبارهن على هذا لا يكون أبدًا تأصيلًا لعلاقة الأخوة وصلة الأرحام بعد ذلك بل على العكس يكون هذا ذريعةً للكراهية والبغضاء وتكأةً للعداوة والعدوان اللذين لم يقرهما الدين مطلقًا؛ ولم أكن أتخيل أن الناس قد اتخذوا هذا دينـًا جديدًا وأصبح السائد هو استبعاد الإناث عند القسمة و إذا ورثن ففي جزء من الأموال فقط، أما باقي التركة من أراضٍ وعقارات وممتلكات فلا يتم إحصاؤه إلا للتوزيع على الأخوة الذكور فحسب.

أهذا هو ما شرعه الحقُّ سبحانه؟!

وهناك العديد من صور التعدي والبغي؛ كأن يتم توريث الأبناء ويتم الاتفاق فيما بينهم؛ فيستبعدون والدتهم بل قد يتوارثها هي نفسها مَنْ يعتبر أفضلهم ليتكفل بها منًا منه، وهذا من الاستخفاف بحكمة التشريع وإقرار الذمة المالية للنساء وما قد يستوجب غضب الأم وسخطها بل وعدم رضاها وأراه من المهلكات.

إذن فمن الجَـوْرِ أيضًا عدم إحصاء جميع ما آل إليهم وتفنيده والاحتكام إلى ما شرَّع رب العالمين.

تعالوا إلى كلمةٍ سواء "تحكيم شرع الله" وتلك أي التشريع التي جمعها الله في سورة خصها بالتسمية "النساء".

(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۚ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا).

(وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ۚ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ ۚ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۚ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ ۚ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ۚ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ۚ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ۚ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ۚ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) [سورة النساء 11 - 12].

(يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ۚ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ۚ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ ۚ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ ۚ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۗ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [سورة النساء 176].

ألا ترون كيف حرص الشرع على عدم استبعاد أولى القسمة؛ أفيرضى بإضاعة حق أصيل للنساء في الإرث؟!

(وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا) [سورة النساء 8].

فمن ضيع الحقوق وتعدى حدود الله؟!

(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) سورة النساء 13 - 14].

#و_خــتامـًا

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [سورة النساء 1].

وصلِ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.