الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تتصف به الملائكة المقربون.. هذا العمل يحبه الله ويغفله الكثيرون

تتصف به الملائكة
تتصف به الملائكة المقربين .. هذا العمل يحبه الله

قال الشيخ الدكتور أسامة خياط، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن من عباد الله من يسلُك الجادّةَ ويمشي سويًّا على صراطٍ مستقيمٍ، مجانبًا سبلَ أهل الحيرةِ والتذَبذب، حائدًا عن طريق أهلِ الشكِّ وضعفِ اليقين.


وأوضح «خياط» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنهم  الذين يسيرون إلى الله تعالى سيرَ من عرف ربَّه فأقبل عليه، لا يخاف أحدًا سواه، ولا يرجو إلا إياه، مستيقنين أنَّ منزلة الخوفِ هي من أجَلَّ منازل العابدِين ربَّهم، المستعينين به، وأنفعها للقلب، وأعظمِها آثارًا على حياةِ الخَلق في العاجِلة والآجِلة، وأنها فرضٌ على كلّ بني آدم، كما دلَّ على ذلك قوله تعالى: «إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ»، وقولُه عزَّ اسمُه: «فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ».


اقرأ أيضًا..

وتابع: كما أثنى سبحانَه بجميلِ الثناء على أهلِ هذا الخوفِ ومدَحهم بقوله سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ، وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ، وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ، وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ، أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ»؛ ذلك أنهم ـ كما قال الحسن ـ عملوا بالطاعات، واجتهدوا فيها وخافوا أن تُرَدَّ عليهم.


وأضاف أن المؤمن جمع إحسانًا وخشية، وأنّ المنافق جمع إساءةً وأمنًا، أي من العقوبة وأثنى الله سبحانه باتّصاف الملائكة المقرَّبين بهذه الصفة، فقال سبحانه: «يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ»، وأثنى على النبيِّين ـ صلواتُ الله عليهم وسلامُه أجمعين ـ حيث امتدَحَهم لاتِّصافهم بهذه الصفة بقوله: «الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا».


وأشار إلى أنه لما كانت الخشية خوفًا مقرونًا بمعرفةٍ وعلم، فإنّه على قدر العلم والمعرفةِ يكون الخوفُ والخشية؛ وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أشدَّ الخلقِ خوفًا من ربِّه، وأعظمَهم خَشيةً له، كما صرَّح بذلك في الحديث الذي أخرَجه البخاري في صحيحه في قوله عليه الصلاة والسلام: «فوالله، إني لأَعلَمُهم بالله وأشدُّهم له خشيةً»، وفي لفظٍ لمسلم في صحيحه: «والله، إني لأَرجُو أن أكونَ أخشاكُم للهِ وأعلمَكُم بما أتقيه»، ولذلك أيضًا وصَف الله تعالى العلماءَ به سبحانه بأنهم الذين يخشون الله حقًّا، فقال سبحانه: «وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ».


ونبه إلى أن هذه الخشيةُ نشأت من علمِهم بأنه سبحانه مالِك الكونِ كلِّه، له مقاليد السموات والأرض، إليه يرجع الأمر كلُّه، وأنه المدبر لأمور المخلوقات كلِّها، وأنّه الحيّ الذي لا يموت، القيوم الذي تقوم الخلائقُ كلُّها به وتفتقر إليه، بخلاف غيره؛ فهو عاجزٌ فانٍ لا يملِك لنفسِه نفعًا ولا ضرًّا ولا مَوتًا ولا حَياةً ولا نُشورًا، وأنَّ الخلقَ جميعًا وسائطُ لإيصالِ ما كتَبه الله وقدَّره من أقدار.


وأكد أنّ الخوفَ ليس مقصودًا لذاته، بل هو مَقصودٌ لأمرٍ آخَر، فهو وسيلةٌ وطريقٌ وليس غايةً أو هدفًا، فإنه يرتفِع بارتفاعِ المخوفِ منه؛ ولذا كان مِن حال أهلِ الجنّة أنهم لا خَوفٌ عليهم ولا يحزنون فيها؛ لزوال الخوفِ مِن العقاب، وحلولهم دارَ المقامَة والثوابِ، فضلًا من الله تعالى وإكرامًا منه لهم، جزاءَ صبرهم على طاعته، وحذَرِهم من معصيته؛ ولهذا كان الخوفُ المحمودُ الصادقُ.

اقرأ أيضًا..