الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكم من لم يخرج زكاة الفطر.. سؤال يثير دهشة مستشار المفتي

حكم من لم يخرج زكاة
حكم من لم يخرج زكاة الفطر.. سؤال يثير دهشة مستشار المفتي

حكم من لم يخرج زكاة الفطر لعدم الاستطاعة، وهل يجوز دفعها من زكاة المال وإعطائها للقريب المحتاج؟، سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية، عبر فيديو البث المباشر على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى « فيسبوك». 

وقال الدكتور مجدي عاشور، مستشار مفتي الجمهورية، إن لم يستطيع إخراج زكاة الفطر، فلا إثم عليه؛ لأن عدم الاستطاعة يسقط التكليف، لافتًا: زكاة الفطر تجب على من يملك ما زاد عن قوت يومه يوم العيد وليلته، فمن لم يجد؛ فلا زكاة عليه.

وتعجب مستشار المفتي: " كيف يمكنك دفع زكاة المال ولا تستطيع إخراج زكاة الفطر، فلا أتصور ذلك؛ لأنه يوجد مال"، مشيرًا: يجوز دفع الزكاة للقريب المحتاج من غير الأصول والفروع، بل هو أولى من غيره. 


حكم تأخير زكاة الفطر بعد صلاة العيد.. هل يجب قضاؤها؟

أوضح الدكتور شوقى علام، مفتي الجمهورية، أن الذي عليه جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة، وهو قول الحسن بن زياد من الحنفية: أن وقت وجوب أداء زكاة الفطر مُضيق، فمن أَداها بعد غروب شمس يوم العيد من دون عذرٍ كان آثمًا، وكان إخراجها في حقه قضاء.

وأضاف « علام» في إجابته في وقت سابق عن سؤال: «ما حكم تأخير زكاة الفطر بعد صلاة العيد؟»، عبر البوابة الإلكترونية لدار الإفتاء المصرية، أن جمهور الحنفية ذهبوا إلى أن وقت وجوب زكاة الفطر مُوسع، والأمر بأدائها غيرُ مقيدٍ بوقتٍ، ففي أي وقتٍ أخرجها كان فعله أداء لا قضاء، لكن يُستحب إخراجُها قبل الذهاب إلى المُصَلى.

ونبه مفتي الجمهورية أن الفقهاء اتفقوا على أن زكاة الفطر لا تسقط بخروج وقتها؛ لأنها وجبت في ذمة المزكي للمُستحقين، فصارت دَيْنًا لهم لا يسقطُ إلا بالأداء؛ قال شيخ الإسلام البيجوري الشافعي في "حاشيته" على "شرح الغزِّي على متن أبي شجاع": [ويجوز إخراجُها -أي زكاة الفطر- في أول رمضان، ويُسَنُّ أن تُخرَج قبل صلاة العيد؛ للاتباع إن فُعِلَت الصلاةُ أولَ النهار، فإن أُخِّرَت استُحِبَّ الأداءُ أولَ النهار، ويكره تأخيرُها إلى آخر يوم العيد -أي قبل غروب شمسه- ويحرم تأخيرُها عنه لذلك -أي: لآخر يوم العيد، وهو ما بعد المغرب- بخلاف زكاة المال فإنه يجوز تأخيرُها له إن لم يشتد ضرر الحاضرين].


ونبه إلى أن الإثم عند الجمهور منوطٌ بالاختيار والعَمد والاستطاعة، فمَن كان غير قادرٍ أو كان ناسيًا؛ يجب عليه إخراجُها قضاء عند الجمهور وأداء عند الحنفية مع ارتفاع الإثم عنه، وعليه وفي واقعة السؤال: فالأصل إخراج زكاة الفطر لمستحقيها قبل صلاة العيد، لكن إن حصل من الأعذار للمزكي أو للَّجنة ما أخر إخراجها؛ فلا حرج في إخراجها بعد ذلك في يوم العيد، أو بعده.

وبين أن زكاة الفطر هي الزكاة التي سببها الفطر من رمضان، وقد فرضت في السنة الثانية للهجرة، وهي زكاة أبدان لا مال، وفريضة واجبة؛ لما روى ابن عمر -رضي الله عنهما-: «أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس: صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على كل حر وعبد، ذكر وأنثى من المسلمين»، رواه مسلم.

وواصل أنها تجب عن كل مسلم عبد أو حر، ذكر أو أنثى، صغير أو كبير، ويخرجها الإنسان عن نفسه وعمن يعول، وتخرجها الزوجة عن نفسها أو يخرجها عنها زوجها، وقد وصفت زكاة الفطر بأنها طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين.


واستشهد بما روى أبى داود عن ابن عباس -رضي الله عنهما -أنه قال: «فرض رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم - زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات».


وذكر أن الشافعية والحنابلة ذهبوا إلى أن زكاة الفطر تجب عند غروب شمس آخر يوم من رمضان، والقول الآخر للمالكية أنها تجب بطلوع فجر يوم العيد، وذهب الجمهور إلى جواز إخراجها إلى غروب شمس يوم العيد، ويسن عندهم ألا تتأخر عن صلاة العيد، ويحرم عندهم جميعًا تأخيرها عن يوم العيد -الذي ينتهي بغروب شمسه- من غير عذر، ولا تسقط بهذا التأخير، بل يجب قضاؤها.


وأشار إلى قول أبو الحسن المالكي في "شرح الرسالة" : [وَلا يَأثَمُ مَا دَامَ يَومَ الفِطرِ بَاقِيًا، فَإِن أَخَّرَهَا مَعَ الْقُدرَةِ عَلَى إخرَاجِهَا أَثِمَ] ، وقول الإمام النووي الشافعي في كتاب "المجموع شرح المهذب" في معرض الحديث عن زكاة الفطر وتأخيرها عن صلاة العيد: [ومذهبنا أنه لو أخرها عن صلاة الإمام وفعلها في يومه لم يأثم وكانت أداء، وإن أخرها عن يوم الفطر أثم ولزمه إخراجها وتكون قضاء، وحكاه العبدري عن مالك وأبي حنيفة والليث وأحمد].

وذكر قول الإمام البهوتي الحنبلي في كتاب "كشاف القناع" : [(فَإِن أَخَّرَهَا عَنهُ) أَيْ عَن يُومِ العِيدِ (أَثِمَ) لِتَأخِيرِهِ الوَاجِبَ عَن وَقتِهِ، وَلِمُخَالَفَتِهِ الأَمْرَ (وَعَلَيهِ القَضَاءُ) لأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَلَمْ تَسْقُط بِخُرُوجِ الوَقتِ، كَالصَّلاةِ] ، مشيرًا إلى الدليل على جواز تأخير إخراجها إلى نهاية يوم العيد: ما رواه البيهقي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما -قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن نخرج زكاة الفطر عن كل صغيرٍ وكبيرٍ وحرٍ ومملوكٍ صاعًا من تمرٍ أو شعيرٍ، قال: وكان يؤتى إليهم بالزبيب والأقِط فيقبلونه منهم، وكنا نؤمر أن نخرجه قبل أن نخرج إلى الصلاة، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقسموه بينهم، ويقول: «اغْنُوهُمْ عَنْ طَوَافِ هَذَا الْيَوْمِ».


ولفت إلى قول العلامة ابن قدامة في "المغني": [المستحب إخراج صدقة الفطر يوم الفطر قبل الصلاة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، فإن أخرها عن الصلاة ترك الأفضل؛ لما ذكرنا من السنة؛ لأن المقصود منها الإغناء عن الطواف والطلب في هذا اليوم، فمتى أخرها لم يحصل إغناؤهم في جميعه، لا سيما في وقت الصلاة. ومال إلى هذا القول عطاء ومالك وموسى بن وردان وإسحاق وأصحاب الرأي. وقال القاضي: إذا أخرجها في بقية اليوم لم يكن فعل مكروهًا؛ لحصول الغَنَاء بها في اليوم].


وأكمل أن الحنفية ذهبوا إلى أن صدقة الفطر واجب موسع في العمر كله؛ قال في "الدر المختار مع حاشية ابن عابدين" (2/ 72، ط. إحياء التراث): [(تَجِبُ) وَحَدِيث: فَرَضَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وآله وسلم- زَكَاةَ الْفِطْرِ؛ مَعْنَاهُ: قَدَّرَ؛ لِلإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مُنْكِرَهَا لا يَكْفُرُ (مُوَسَّعًا فِي الْعُمُرِ) عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ].

واختتم بأن إخراج زكاة الفطر قبل الصلاة أفضل، فيسن ألا تتأخر عن صلاة العيد، لكن إن تأخر إخراجها إلى ما بعد الصلاة يوم العيد وقبل غروب شمسه فهو جائزٌ ولا حرج فيه ويقع مجزئًا، وأما تأخيرها عن يوم العيد بغير عذر فحرام يأثم فاعله، ومع هذا فإنها لا تسقط بمضي زمنها، بل هي باقية في الذمة متعلقة بها حتى تُقضى.