الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أغدا ألقاك.. في رثاء ابن عبد المطلب


عاش حياته بطلا.. ووافته المنية وهو في أوج البطولة، فمنذ ولادته كان طفلا استثنائيا أحبه الله، عاش 42 عاما متحديا إعاقته التي وُلد بها، ولم ييأس للحظة طيلة هذه السنوات أمام الابتلاء، وتحدى إعاقته وعايش المجتمع والواقع، وأثبت للجميع من أقربائه وأصدقائه وزملائه، أنه هو السليم المعافى، كونه تسامح مع نفسه ورضي وقنع بما قسمه الله له ليعيش مختلفا عن باقي الناس، بينما نحن الأصحاء أثبت لنا أننا مرضى.
الرضا والتصالح مع النفس وحبه للناس، كانت أسلحته ليعيش في سلام متحديا الإبتلاء، فلم يشعر بضعف أو وهن رغم المآسي التي عاشها عندما كان يشتد عليه المرض حيث كانت حالته استثنائية فأعضاء جسده تختلف عن الطبيعي بالكثير، كان يسافر بين بضعة سنوات وأخرى للعلاج في الخارج أو يمكث في المستشفى لأشهر، ونظنها أنها نهايته، لكنه كان يعود بعد كل محنة أقوى وإرادته في مواجهة المرض كانت تزداد صلابة.
إنه صديقي المقاتل أحمد عبد المطلب الذي وافته المنية، صباح يوم الأربعاء الماضي العاشر من رمضان، والذي أحتسبه شهيدا، بعد مواجهة قاسية مع ورم سرطاني استمرت قرابة الثلاثة أشهر الأخيرة في عمره، واجه الابتلاء بإرادة وعزيمة بعد أن عرف في هذه اللحظة أن الله قد اختاره واصطفاه، وسلم بقضاء الله عندما صارحه الأطباء بالمرض، فبمجرد أن عرف حقيقة مرضه منذ اللحظة الأولى، قال: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، بقلب مطمئن، مؤكدا أن المرض لن يقهرنه وسيواجهه بكل صلابة، متمسكا بالبقاء رغم كل المتاعب من أجل ابنته الصغيرة حنين، فلم يئن أو يتألم للحظة طيلة المشوار الصعب الذي خطى فيه لمواجهة هذا الورم الشرس الذي أصابه في الجزء السفلي للمخ، متحديا آلام العلاج الكيماوي والإشعاعي، وكانت الضحكة وخفة الدم وقفشاته المعتادة لا تفارقه حتى قبل لحظات من وفاته، والتي أعلن فيها أن الله قد اختاره مستردا وديعته، وكانت الابتسامة وهو ينطق الشهادتين لا تفارقه في حديث ملائكي لا يدركه البشر.
ذكريات جميلة جمعتني بابن عبد المطلب فقدعرفته، منذ ما يقرب من 19 عاما، تمر أمامي كشريط سينمائي، أسترجع فيه أحلى ذكريات الصداقة والعمل حيث بدأنا الرحلة في مجلة الشباب ثم مجلة نصف الدنيا، حيث تعلمت منه في الصحافة الكثير كمهني مبدع، تحت زخات المطر كنا نذهب إلى المسرح سويا، نأكل سويا ونستمتع بالحياة على طريقته الخاصة.
صديقي الغالي، الذي أنعيه بقلب يعتصره الأسى والحزن على الفراق، عاش مثابرا رأيت فيه قول الله تعالى: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون". فقد عاش مثابرا، ومات مثابرا بطلا.
صديقي أحمد عبد المطلب، أشكره بعد أن اصطفاه الله، وأحسبه شهيدا في جنات الخلد، لأني تعلمت منه الكثير والكثير، فجنازته كانت عُرسا زففناه فيه إلى السماء.
والله يا ابن عبد المطلب، إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك لمحزونون.
جفت الأقلام وطُويت الصحف.. خذ كتابك بيمينك يا صديقي فأنت الآن في رحاب الله.
خلاص يا أحمد.. مشيت وسبتنا.. هتوحشنا، وهتفضل عايش فينا، إلى أن ألقاك وتصحبني إلى الجنة يا صديقي، فالأجل قد دنى.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط