الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"القضاء الإداري" تلزم المحليات بتعويض المواطنين عن أضرار المحلات الخطرة.. وتقضي بتعويض أسرة بـ100 ألف جنيه لفقدانها عائلها بسبب انفجار أسطوانة غاز

انفجار أسطوانة غاز
انفجار أسطوانة غاز

  • القضاء الإدارى فى حكم جديد لصالح المواطنين ضد فساد المحليات
  • التزام المحليات بتعويض المواطنين عن الأخطار الناجمة عن المحلات الخطرة المدارة بدون ترخيص
  • إلزام الوحدة المحلية برشيد بتعويض 3 أطفال وأمهم بـ 100 ألف جنيه فقدوا عائلهم نتيجة انفجار أنبوبة غاز

في حكم تاريخى للقضاء المصرى يكشف منابع الفساد فى المحليات ويرسى مبادئ واصول نظم الادارة المحلية لصالح الشعب وادارة شئونه ومصالحه المحلية وتفعيل دورها فى الرقابة الميدانية الحقيقية وليست المكتبية او الصورية لتنفيذ خطط التنمية فى حكمها الاول من نوعه فى دهاليز الادارة المحلية وتحريرها من الفساد الادارى وكشف تجاوزات عمل تلك المحليات.

وفى حكم جديد لصالح المواطنين ضد تردى المحليات اكدت محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية الدائرة الاولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة على التزام المحليات بتعويض المواطنين عن الاخطار الناجمة عن المحلات الخطرة المدارة بدون ترخيص.

وأكدت على ان جوهر عمل المحليات ميدانى بطبيعته فى الرقابة والتفتيش على المحال وليس عملا مكتبيا يدار من خلف الأبواب وان الرقابة الميدانية ليست مقصودة لذاتها وإنما لحماية أمن المواطنين وسلامتهم بالدرجة الأولى والزمت الوحدة المحلية برشيد بتعويض 3 اطفال وأمهم اسرة صغيرة 100 الف جنيه فقدت عائلها نتيجة انفجار أنبوبة غاز لمحل خردة فى الشارع لان الوحدة المحلية برشيد تقاعست عن ضبط محل خطر في نهر الطريق دون ترخيص وامتنعت عن غلقه بالطريق الإداري مما يشكل بذاته ركن الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية كأحد الاسباب التى ترتبت عليها النتيجة واكدت ايضا على ان تعدد الأسباب المتكافئة المؤدية للضرر تجعلها جميعا متعادلة في تحملها بعبء مسئولية إحداث الضرر وهو ما استقر عليه ايضا مجلس الدولة الفرنسى.

وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين خالد شحاته ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة بإلزام محافظ البحيرة ورئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة رشيد بأن يؤديا للاطفال القصر إسراء وآيات ومحمد ابناء المرحوم ناجي أحمد حمودة بوصاية امهم ارملته ثناء إبراهيم قطب مبلغا مقداره مائة ألف جنيه (100,000) جنيه تعويضا عما لحقهم من أضرار مادية وأدبية جراء وفاة مورثهم نتيجة انفجار انبوبة غاز لمحل خطر لحام خردة بالشارع برشيد , تقسم بينهم بحسب النصيب الشرعي لكل منهم، وألزمت الإدارة المصروفات.

قالت المحكمة إن مفاد أحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 بشان المحال الصناعية والتجارية المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة ومن بيان المحال الواردة بالجداول الملحقة به ، أن المشرع تقديرًا منه للطبيعة الخاصة لأنواع معينة من المحال أطلق عليها مسمى المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة العامة والخطرة ، وأفرد لها تنظيمًا تشريعيًا خاصًا مؤداه عدم جواز إقامتها أو إدارتها إلا بترخيص ، وأحاط الحصول عليه بقواعد وإجراءات، منها وجود المحل في موقع توافق عليه الجهة الإدارية المختصة بمراعاة نوع النشاط ومدى تأثيره على البيئة المحيطة به أو ما يسببه من مضايقات وإقلاق لراحة السكان، وضرورة توافر اشتراطات معينة لإقامة هذا النوع من الأنشطة سواء كانت عامة لجميع أنواع المحال أو لنوع منها، أو اشتراطات خاصة يتعين أن تتوافر في المحل المقدم عنه طلب الترخيص . فإذا أدار صاحب الشأن المحل دون الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية ، تَعَيّن غلقه بالطريق الإداري.

وأضافت المحكمة  أن ممارسة جهة الإدارة لاختصاصها بغلق المحل أو إيقاف إدارته جزئيا أو كليًا ، لن يتأتى إلا بمباشرتها لاختصاص آخر المقرر لموظفي إدارة الرخص الذين يندبهم الوزير المختص صفة مأموري الضبط القضائي في إثبات الجرائم التي بالمخالفة لأحكام ذلك القانون أو القرارات المنفذة له، ويكون لهم دخول المحل للتفتيش عليه، وهو اختصاص لازم وتمليه طبائع الأشياء والتي تقتضي المتابعة والرقابة المستمرة من جهة الإدارة على المحال الخاضعة لأحكام القانون للتأكد من تشغيلها وإدارتها وفقا لما تميله تلك الأحكام من اشتراطات.

وقالت إن ما من شك أن ممارسة عمل الرقابة والتفتيش على المحال التجارية والصناعية هو عمل ميداني بطبيعته وليس عملا مكتبيا يدار من خلف الأبواب ، وإنما يستلزم نزول الموظف المختص إلى أماكن تواجد المحال الخاضعة لأحكام القانون للتفتيش عليها على الطبيعة ورصد مخالفاتها وضبطها في حينه، خاصة ما يشكل منها خطرًا على الصحة أو الأمن العام، فإذا أحجمت جهة الإدارة عن ممارسة اختصاصها المشار إليه كانت ممتنعة عن ممارسة اختصاص أصيل هو من أهم واجباتها تجاه المواطنين، لأن الرقابة الميدانية التي تمارسها جهة الإدارة بالمحليات على ذلك النحو ليست مقصودة لذاتها وإنما قُصِد منها حماية أمن المواطنين وسلامتهم بالدرجة الأولى من تعمد البعض ممارسة أنشطة خطرة دون استيفاء التراخيص اللازمة ولا اشتراطات الأمان المطلوبة.

وذكرت المحكمة أن الثابت من الأوراق ان أحد المواطنين ويدعى علي يوسف الشامي قام بإدارة وتشغيل محل لحام خردة بدون ترخيص والكائن بشارع الحدادين المتفرع من شارع سوق السمك بمدينة رشيد ، وقام المذكور بمحاولة تقطيع اسطوانة ( كمبروسر ) مستخدمًا أنبوبة غاز (لمبة لحام) في نهر الطريق أمام باب المحل، ونتج عن ذلك حدوث انفجار شديد نتيجة انفجار الاسطوانتين اللتين تأثرتا نتيجة التقطيع بلمبة اللحام وذلك على النحو الوارد بتقرير المعاينة الذي أعدته إدارة الدفاع المدني بمديرية أمن البحيرة، والمودع بمستندات جهة الإدارة ، وقد نتج عن ذلك الانفجار حدوث عدد من الوفيات بين المارة الذين تصادف وجودهم أمام المحل لحظة وقوع الانفجار ومن بينهم زوج المدعية المرحوم / ناجي أحمد حمودة وأن جهة الإدارة أفادت في كتابها المرفق بمستندات المدعية أن المحل المشار إليه لم يصدر له ترخيص وأنه كان يعمل في غير أوقات العمل الرسمية، وهو ما ينهض دليلًا على تقاعس الجهة الإدارية في ممارستها اختصاصها الأصيل بالتفتيش والرقابة على هذا المحل، إذ كان يتوجب على جهة الإدارة إعمال اختصاصها المنوط بها بالتفتيش على المحل، والذي كان سيمكنها من كشف المخالفة وضبط المحل وغلقه بالطريق الإداري.

إلا أن الجهة الإدارية امتنعت عن ذلك وتعللت بعذر هو أقبح من ذنب بأن المحل كان يدار في غير أوقات العمل الرسمية ، وكأن الالتزام بأحكام القانون مرتبط بأوقات العمل الرسمية للجهة الإدارية ! ، وكأنه بفوات تلك المواعيد يصبح المحظور مباحًا ! وتنعدم الرقابة على المخالفين لأحكام القانون بعد انتهاء أوقات العمل الرسمية ، يديرون أنشطة خطرة على الصحة أو الأمن العام ويهددون حياة السكان والمارة دون مساءلة أو اعتراض من جهة الإدارة التي أغلقت أبوابها بعد انتهاء أوقات عملها الرسمية ، وأَلِفَت الاستكانة والتخاذل في أداء عملها حتى أصبحت تبرر خطأها بأعذار لا يقبلها العقل أو المنطق القانوني السليم. 

وأشارت المحكمة الى أن الوحدة المحلية لمركز ومدينة رشيد امتنعت عن اتخاذ التدابير والإجراءات الواجبة قانونًا حيال المحل المشار إليه سلفًا، تاركة إياه يدير نشاطا خطرًا في نهر الطريق أمام محل يدار دون ترخيص ، وتقاعست عن ضبطه وغلقه بالطريق الإداري ، مما يعد معه قرارًا إداريًا سلبيًا ، يشكل بذاته ركن الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية للجهة الإدارية و وعن ركن الضرر فإن الثابت من الأوراق أن المدعية – وهي زوجة وأم لثلاثة أطفال – فقدت زوجها في حادث انفجار الاسطوانتين المستخدمتين بالمحل المذكور سلفًا ، وهي بفقدها زوجها الشاب الذي كان يبلغ من العمر وقت وقوع الحادث ثمانية وثلاثين عامًا ، تكون قد فقدت عائلها الذي انتُزِعَ من وسط أطفاله صغار السن والذين كان يبلغ أكبرهم سنًا وقت الحادث اثني عشر عامًا وأصغرهم أربع سنوات ، وهم جميعًا ممن تجب نفقتهم على الزوج والأب المتوفى ، مما أفقدهم مصدر النفقة وهم في سن أحوج ما تكون إلى الرعاية والإنفاق،  فضلا عما أصابهم من ضرر أدبي تمثل فيما أصاب شعورهم وعاطفتهم وما أصابهم من الغم والأسى والحزن جراء فقدهم لعائلهم الوحيد.

واختتمت المحكمة حكمها المهم بأن خطأ جهة الإدارة وتقاعسها عن إصدار قرار بغلق المحل المذكور مما مكّن صاحبه من ممارسة نشاطه المحظور دون ترخيص ودون توافر الاشتراطات العامة والخاصة المتطلبة قانونًا من نواحي الصحة والأمان ، فتكون جهة الإدارة قد ساهمت بخطئها الفعال والمنتج في وقوع الضرر بالمدعية وأبنائها والمتمثل في وفاة مورثهم . دون أن ينال من ذلك القول بأن خطأ صاحب النشاط كان له نصيب في إحداث تلك الوفاة مما قد يقطع علاقة السببية بين خطأ جهة الإدارة والضرر ، فذلك مردود عليه بأنه من المستقر في الفقه والقضاء الفرنسيين أنه إذا تدخل أكثر من سبب في إحداث الضرر فإنه يعتد بكل من هذه الأسباب إذا كانت جميعها متكافئة من حيث الأثر المنسوب إليها . أي أنه إذا تعددت العوامل المؤدية إلى الضرر فإنها تكون جميعا متعادلة في تحملها بعبء مسئولية إحداث الضرر طالما ثبت أن هذا الضرر ما كان ليحدث لولا تضافر هذه الأسباب جميعًا ، وبحسبان أن خطأ جهة الإدارة في الدعوى الماثلة هو مما يؤدي إلى نتائج ضارة يمكن توقعها أو في الإمكان توقعها وحتى وإن لم تقصد الإدارة إحداثها ، وسلوكها في هذا لشأن يحكمه واقع الحياة والبيئة المحيطة والعرف السائد فإن هي قصرت عن بذل القدر الذي يتعين أن تبذله الإدارة الحريصة فإن ذلك يعد تهاونا منها ومما يشكل إهمالًا جسيمًا ، ولا يعصمها من المسئولية سوى حالتي القوة القاهرة أو الحادث الفجائي ، وخطأ المضرور وهما غير متوافرين في الدعوى الماثلة .