الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صدق أو لا تصدق.. «لبن الحمير بديل لبن الأم»

شرب لبن الحمير
شرب لبن الحمير

"كليوباترا" الملكة المصرية الجميلة، التي كانت إحدى أهم ملكات مصر في العصر الفرعوني، مازالت الدراسات والأبحاث تهتم بها وتبحث عن سر هذا الجمال الذي مازال حديثا للعالم حتى اليوم.

تداولت المواقع الإخبارية معلومة نشرتها خبيرة التجميل الفرنسية "ساندرين فيجويه"، فى أحدث دراسة لها تؤكد أن "لبن الحمير" كان له دور عظيم في هذا الجمال، وهو ما يستدعي تسليط الضوء على هذا النوع من اللبن الذي تؤكد المصادر التاريخية وبعض الأبحاث والدراسات العلمية فوائده!

التقرير التالي يقف على صفات لبن الحمير وفقا لعدد من الدراسات والمعلومات المتوافرة عنه على الشبكة العنكبوتية.

بديل للبن الأم
لقد استخدم لبن الحمير في الماضي كبديل لحليب الأم حتى بداية القرن العشريني؛ حيث يعتبر حليب الحمار هو أقرب أنواع الحليب للإنسان, مما جعل بعض السيدات يستخدمنه لإرضاع أطفالهن بدلا من حليب البقر؛ حيث إن حليب البقر كثيرا ما يسبب الحساسية للرضع (حساسية حليب البقر تصل إلى 4%)، أما حليب الحمار فهو أقل تحسسًا, هذا بالإضافة إلى أن حليب الحمار يحتوي على فيتامين ج بنسبة أكثر 60 مرة من حليب الأبقار, كما أنه يحتوي على كميات مناسبة من فيتامين (أ) وفيتامين (د) وفيتامين (ه) وهو غني بالكالسيوم والفوسفور.

من الناحية العلمية يمتلك الإنسان والحمار جهازًا إمعائيًّا واحدًا, على عكس الحيوانات المجترة التي تمتلك جهازًا هضميًّا مزدوجًا يؤكسد الحوامض الدهنية الأساسية والفيتامينات، وهكذا فإن الجهاز الهضمي الاحادي لدى البشر والحمار يرد العناصر الأساسية من دون أكسدتها لذا تكون موجودة بكثرة في حليبهم، كما أن طبيعة الحليب عند الفئتين من حيث بروتيناتها وسكرياتها متشابهة.

وحليب الحمارة مليء بالفيتامينات A,B1,b2,B6,d,EC وبالمعادن والكالسيوم والمغنيسيوم والفسفور والصوديوم والحديد والزنك، والحوامض الدهنية غير المشبعة، وأيضًا بالكيل جليكيرول الذي يدخل في تركيبة جهاز المناعة، كما أنه خفيف على المعدة لأنه لا يحتوي على الكازيين القابلة للتخثر.

ونسبة المواد الدهنية فيه قليلة لذا هو مناسب للأطفال الذين يعانون من حساسية إزاء بروتين حليب البقر، وهذا البروتين أيضًا غائب عن حليب الأم لذا فإن بعض المراكز الاستشفائية في ألمانيا وإيطاليا تعتمد حليب الحمارة لتغذية الرضع.

وبفضل تركيبته الاستثنائية القريبة من حليب البشر, يُقدم حليب الحمارة عناصر أساسية لتوازن الجسم. فقيمته الغذائية العالية تجعل منه إضافة مهمة على الغذاء, منشطة ومقوية بالنسبة للأطفال والكبار في فترات النقاهة والمسنين وأيضًا الأشخاص الذين يعانون من تعب شديد.

هل أخبرك أحد من قبل أن حليب (لبن الحمارة) يحمل بين طياته سر طول العمر؟ طبعا غريبة هذه المقولة، ولكن هناك أسرة في الإكوادور فقط رحبت بتلك المقولة، ولكن كان للإكوادورية "كابوفيللا" رأي في هذا الموضوع؛ حيث تعتبر "كابوفيللا" هي أكبر سيدة معمرة في التاريخ وقد توفيت عن عمر يناهز "116" عاما، ولكن ما علاقة هذه السيدة المعمرة بحليب الحمار.

تقول السيدة المعمرة إنها تتناول يوميا لبن الحمار وهذا هو السر في طول عمرها. وعندما قابلها مذيع بإحدى القنوات التليفزيونية البلجيكية سألها مستعجبا: "نعرف أن لبن الحمار جيد للصحة وسهل الهضم وخفيف على المعدة والأمعاء ولكننا لم نسمع أنه يطيل العمر".

يدخل في صناعة كريمات التجميل
ويقوم مستر دنيس وشريكته ماري تاك بإدارة مصنع "أوروبيا بلجيكيا" لإنتاج لبن الحمار؛ حيث يقوم المصنع بإنتاج ما بين 2000 إلى 3000 لتر كل عام (الحمارة الواحدة تنتج حوالي لترين من الحليب يوميا بينما البقرة الواحدة تنتج ما يقرب من 40 لتر يوميا) نصفها يستخدم في أغراض صناعة أدوات التجميل (صناعة الصابون الطبي وكريمات التجميل وماسكات الوجه), أما النصف الآخر فيتناوله الإنسان كشراب صحي وبدون بسترة. يقول مستر دنيس إنه لا حاجة لبسترة حليب الحمار فهو لا يحتوي على أي بكتيريا ضارة كحليب البقر مثلا.

حليب الحمارة أخف من حليب الأبقار
ويصف صاحب المصنع الحليب بكونه أكثر بياضا وأخف من حليب البقر، كما أنه يحتوي على نسبة دهون أقل وبروتين مفيد للجسم يتميز بقلة نسبة الكازين وبروتين مصل الحليب فيه.

"إيدز وسرطان"
دراسة غريبة أجريت في الهند ونشرت في "مجلة الهند للعلوم الطبية" عام 1999 وأثبتت أن حليب الحمار يعالج مرض الإيدز اعتمادًا على أن محفزات المناعة في ذلك الحليب قد تشفي من السرطان والسل أيضا. يقول الباحثون أيضًا إن حليب الحمار يحتوي على الجلوبين المناعي وهو الذي يعمل كأجسام مضادة ويحفز الجهاز المناعي للوقاية من الأمراض.

لبن الحمار يوقف زحف الخلايا السرطانية؛ أثبتت أبحاث كثيرة للأطباء أن لبن الحمار له قدرة على توقيف نشاط الخلايا السرطانية وأيضًا على أكسدة الجذور الحرة وبهذا فنستطيع بلبن الحمير العلام من بعض أنواع السرطانيات.

وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة The daily Telegraph البريطانية أن الباحثين في جامعة نابولي بإيطاليا وجدوا أن لبن الحمير مغذٍ جدًا؛ لأنه يحتوي على لاكتوز أكثر ودهون أقل من حليب البقر، وبه نسبة عالية من الكالسيوم ويساعد في تقليل نسبة الكوليسترول وحماية القلب لأنه يحتوي على أحماض أوميجا 3 الدهنية.

وخلص الباحثون أيضًا إلى أن حليب الحمير مشابه جدًا للبن المرأة، وأنه يمكن استخدامه للأطفال الذين لديهم حساسية لمنتجات الأبقار.

وقال الباحثون، الذين قدموا نتائجهم في المؤتمر الأوروبي الخاص بالبدانة في تركيا أنه "ينبغي تشجيع استهلاك لبن الحمير"؛ يؤثر حليب الحمارة في مختلف أنظمة الجسم فيقوي المناعة ويسهِّل الهضم, كما أن خمائره تجدد البيئة المعوية وتحد من البكتريات المسببة للأمراض في الأمعاء, كما أنه يساعد على التخلص من الحموضة في المعدة ويقدم مادة السيستين للكبد والتي تعمل على إزالة الشوائب منه.

• ثبت علميًّا وبشكل قاطع أن لحليب الحمارة فائدة صحية كبيرة جدًا للإنسان وقد وصف قديمًا كعلاج لضيق التنفس وضعف المعدة وكعلاج أكيد وفعال للسعال الديكي.

• أكدت الأبحاث المخبرية أن حليب الأم يحتوي من فيتامين (a) على نسبة تعادل 5 أضعاف ما يحتويه حليب البقر وحوالي 30% من وزنه كالسيوم و19 مليجرام فسفور وهو المفيد لتغذية خلايا المخ لهذا كان من الضروري أن ترضع المرأة طفلها.

كما أن من خصائصه المتعددة المعروفة والتي وصفها أبو الطب أبقراط (460-370 قبل الميلاد) أنه يساعد في حل مشاكل الكبد والأمراض المعدية والحمى والوذمات ونزيف الأنف وحالات التسمم وتضميد الجروح.

ويستخدم حليب الحمارة لعلاج الجلد المصاب بالإكزيما وحب الشباب والتقشر لأنه ذو مفعول مطهّر، ويبدو أن تأثيره على البشرة ناجم من تحسن تأثيره على الجهاز الهضمي والكبد وهما جهازان إن أصابهما خلل أنعكس مباشره على البشرة، لذا يعتبر حليب الحمارة مساعدا في محاربة حالات حساسية الجلد والكثير من أمراضه، ويوصف في حالة الشيخوخة المبكرة للبشرة، من تجاعيد وجفاف بسبب تأثيره المضاد للتأكسد.

300 حمار سر جمال كليوباترا
وتحكي كتب التاريخ والسينما عن القصة الشهيرة لكليوباترا ملكة مصر, فقد كانت كليوباترا تستحم بحليب الحمير للحفاظ على بشرتها نضرة وحيوية، ولكي تستخدم حليب الحمير في الاستحمام كانت ملكة مصر تحتاج لحوالي 300 حمار لتلبية احتياجاتها فالحمار الواحد ينتج مابين لتر إلى لترين يوميا بينما كانت هي تحتاج إلى 500 لتر يوميًّا لتفي باحتياجاتها.

والجدير بالذكر أن بعض شركات مستحضرات التجميل في بعض الدول مثل قبرص وشيلي وبلجيكا أنتجت مستحضرات تجميل من حليب الحمير وأسمته "كريم حليب حمار كليوباترا" تيمنًا بما كانت تفعله كليوباترا.

وقد درس علماء الكيمياء الحيوية تركيبة حليب الحمير المذهلة هذه وتأثيرها على البشرة, حيث تبين أن هذا النوع من الحليب يحتوي على العديد من الأحماض الدهنية مع تركيزات عالية من الفيتامينات التي تغذي الجلد. وقد ثبت مدى تأثير هذا الحليب على جفاف الجلد والتشققات وكذلك على التجاعيد؛ حيث إنه (وبناء على أقوال أطباء الجلد) قادر على منع البشرة من الترهلات والانكماشات ويساعد على إعادة حيويته.

وقد كان حليب الحمير قديمًا ذا مكانة عالية؛ حيث اعتبره اليونانيون القدماء علاجًا ممتازًا للعديد من الأمراض, كما اعتبره الرومان شرابًا مترفًا وغالي الثمن وعظيم الفائدة. وقد أوصى به أبوقراط لعلاج العديد من الأمراض مثل التسمم ولدغ العقارب وآلام المفاصل والجروح.

العائد الاقتصادي في استثمارات "لبن الحمير"
إن تربية الحمير واستغلال حليبها من أصعب ما يكون؛ إذ يجب حلب الحمارة 6 مرات في اليوم وبشكل يدوي, شرط أن يكون صغيرها بجانبها حتى يدر حليبها وبكميات قليلة جدًا، فالحمارة لا تنتج أكثر من لترين في اليوم بعكس البقره التي تنتج 30 لترا في اليوم الواحد، كما أن حليب الحمارة يتأكسد بسرعة كبيرة ومن الضروري تجليده لنقله وتسويقه, مما يتطلب استثمارات مالية كبيرة لا توفر سوى إنتاج ضئيل.

حليب الحمير عبر التاريخ
وفقا للمراجع التاريخية، في القرن التاسع عشر حتى بداية القرن العشرين كان يستخدمه الناس في العلاج. وفي هذا الوقت خاصة في باريس أنشأت العديد من "معامل ألبان الحمير" لاستخدام السيدات ذوات الطبقة الأرستقراطية اللائي كن يقبلن على شراء هذا الحليب باهظ الثمن كمادة من مواد التجميل.

اسطبل حمير داخل مستشفى للأطفال
وعندما تطورت مواد التجميل في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى بدأت السيدات الفرنسيات في استخدامه لتغذية أطفالهن الرضع؛ حيث كانت المعامل تنتج هذا النوع من الحليب لمساعدة الأمهات اللائي لا يستطعن إرضاع أطفالهن.

والطريف في الموضوع أن مستشفى الأطفال في باريس التي كانت تسمى" Hôpital des Enfants Assistés” كانت تحتفظ بقطيع من الحمير داخلها وكان الأطفال يرضعون مباشرة من ضرع الحمار.

وبالطبع فقد أثار هذا الموضوع استياء الكثيرين، ولكن يبدو أن الأمر لاقى بعض الاستحسان، وذلك عندما طرحت مجلة نصف الدنيا القاهرية موضوعًا عن إمكانية الاتجاه نحو لبن الحمير، معتمدة في طرحها هذا على مجموعة من الأبحاث العلمية الحديثة، التي نشرت في إيطاليا وأثبتت فاعليته وفوائده الكبيرة، والتي عززها رأي البروفسور الإيطالي جوزيف جالوتو من خلال مجلة أمريكية نشرت أبحاثه منذ سنوات، حيث قال: إن لبن أنثى الحمار لا يضر بالإنسان كما يُعتقد، ولكن يرجع رفضه إلى عوامل نفسية لعدم الاعتياد على تناوله.

وأشار إلى أنه واجه العديد من الانتقادات بهذا الخصوص إلى أن نجحت سيدة إيطالية تدعى توريزي في إقناع المئات بتناوله في بلاده لدرجة أنها اتخذته تجارة رائجة وبات يُدرّ عليها عائدًا ماديًا لا بأس به، ليحقق فيما بعد انتشارًا واسعًا في بعض المتاجر والصيدليات في الدول الغربية.

رأي الدين في لبن الحمير
يبقى أن نعرف رأي الدين في تناول حليب الحمير؛ حيث تعددت الفتاوى الإسلامية التي تعارض هذا الأمر استنادًا على إجماع رأى العلماء في تحريم لحوم الحمير الأهلية، وبالتالي فلا يجوز شرب حليبها لعلاج ولا لغيره، لأن ما حُرِّم أكله حُرِّم العلاج به، ولا يحل إلا للضرورة التي تحل بها الميتة للمضطر.

وخلاصة القول في ذلك أن التداوي به جائز إذا تعين دواء دفعًا للحرج والمشقة في تركه {وما جعل عليكم في الدين من حرج} ولكثرة فوائده قال ابن مفلح في الآداب: قد ذكر الأطباء أن لبن الأتن قليل الدسومة رقيق يشد الأسنان واللثة إذا تمضمض به بخلاف غيره من الألبان، جيد للسعال والسل ونفث الدم إذا شرب حليبا حين يخرج من الضرع وينفع من الأدوية القتالة والزحير وقروح الأمعاء وهو غير موافق لأصحاب الصداع والطنين والدود.

لا يدرس في مصر
من الثوابت العلمية أنه غير مصرح بدراسة إلا خمسة أنواع فقط من الألبان وهي لبن الجاموس والبقر والماعز والغنم والإبل، ويمنع دراسة أو التعامل مع لحوم أو البان الحمير والخيول لمعتقدات دينية إسلامية، لأن أصل اللبن من دم الجسم وكل 300 جزء من الدم تعطي جزءًا من اللبن ولأنها محرمة فإنه يمنع تناولها.