الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى نصر أكتوبر .. «نصر سالم» يسرد أسرار الـ 22 يوما قبل الحرب .. ويكشف عن الجزء الخفى من «جبل الجليد»

صدى البلد

في السادس من أكتوبر من كل عام، تحتفل مصر بذكرى نصر أكتوبر وتحرير «أرض الفيروز» سيناء، من الاحتلال الإسرائيلي فقد تم تحرير الأرض والتي خاضت مصر العديد من الحروب على مر التاريخ للمحافظة عليها ، واكتمل التحرير بعودة طابا عام 1988 ، حيث قامت دولة الاحتلال الإسرائيلي في احتلال سيناء كاملة بعد حرب يونيو عام 1967، ومن بعدها، انطلق الكفاح المسلح بين الجيش والشعب في حرب الاستنزاف، وانتهت الملحمة الكبرى في نصر أكتوبر 1973.

وتتميز سيناء بمكانتها الجغرافية وتاريخها الواسع، فلقد ضحى من أجلها آلاف المصريين لكي يحافظوا على أغلى بقعة في الوطن، ينظر إليها العدو بنظرة «المفترس»، نظرًا لموقعها الجغرافي والاستراتيجي، حيث أنها المفتاح لموقع مصر العبقري في قلب العالم بقارته وحضارته، هي محور الاتصال بين أسيا و أفريقيا بين الشرق والغرب.

والمعروف عن سيناء أنها البوابة الشرقية لمصر، وحصن الدفاع الأول عن أمن مصر وترابها الوطني، وهي الآن البيئة الثرية بكل مقومات الجمال والطبيعة والحياة برمالها الذهبية وجبالها الشامخة وشواطئها الساحرة ووديانها الخضراء وكنوز الجمال والثروة تحت بحارها، و في باطن أرضها من «نفط و معادن»، فهي التاريخ العريق الذي سطرته بطولات المصريين وتضحياتهم الكبرى لحماية هذه الأرض.

وفي إطار مرور الذكرى الـ 43 عاما علي ذكرى نصر أكتوبر، قام موقع قام موقع «صدى البلد» بإجراء حوار مع قام موقع «صدى البلد» بإجراء حوار مع اللواء أركان حرب نصر سالم، رئيس هيئة الاسطلاع الأسبق، وإلي نص الحوار:

ما كان دورك في نصر أكتوبر 1973؟

قال: «انضممت للكلية الحربية عام 1968 وتخرجت في عام 1970م، وفور تخرجي، عملت بجهاز الاستطلاع وكنت ملازما أول وقت قيام حرب أكتوبر 1973م، وكانت وظيفتي الرئيسية هى جمع المعلومات وتقديره للموقف عن العدو من خلال معرفة نقاط قوته وضعفه، وبهذه المعلومات تكون تحصل على 70% من نتائج الخطة, والاستطلاع دائما يعطى المعلومات للرئيس بصفته القائد الاعلى للقوات المسلحة لتقدير الموقف وإصدار القرار المناسب فى الوقت المناسب, لأن طبيعة الضباط والصف ضباط والجنود الذين يعملون فى جهاز الاستطلاع لابد أن يكونوا على درجة عالية من الدقة فى الأداء لأن طبيعة العمل لا تتحمل الخطأ وإلا سوف يتعرض كل افراد المجموعة إلى الخطر».

وتابع: «خلال فترة الحرب التى ظلت 22 يوما أكدت صحة ودقة المعلومات التى قدمتها مجموعات الاستطلاع عن العدو قبل الحرب من خلال الملاجئ والمعدات ومعرفة كل صغيرة وكبيرة عن الساتر الترابى "خط بار ليف" لأنها كشفت الأوضاع الداخلية للعدو فأصبحت الضفة الشرقية للقناة كتابا مفتوحا للقيادة العامة للقوات المسلحة»,

كم يوما عملت فى جمع المعلومات خلف خطوط العدو؟

أوضح: «كنت أول قائد مجموعة عملت خلف خطوط العدو لمدة 180 يوما وكنت أجمع المعلومات عن أهم تحصينات ومواقع العدو الإستراتيجية والحمد الله أن كافة المعلومات التى تم إعطائها للقيادة العامة للقوات المسلحة ساعدت بنسبة 100% فى توجيه ضربات لأهم الحصون والدشم ونسف مطاراته وخاصة " تمادة"».

هل كنت تعلم بميعاد الحرب ؟

قال: «لم أعرف ميعاد الحرب لأننى كنت مكلفا بمهمة إستطلاع لمدة 7 أيام يوم 6 أكتوبر وعلمت بنجاح الضربة الجوية وعبور القوات أثناء قيامى بالصعود إلى الطائرة برفقه مجموعتى لتنفيذ المهمة المكلف بها فوصلنا إلى المكان فوجدناه محاط بسلك شائك وتم إختراق السلك وصعدنا إلى أعلى نقطة فى الجبل وبدات تظهر معالم الموقع فكان به مطار إسرائيلى ولواء مدرع وتم إرسال كافة المعلومات عن الموقع بكل تحصيناته إلى القيادة العامة للقوات المسلحة وتم إرسال الطائرات التى قصفت الموقع والمطار».

وتابع: «كانت صدمة قادة إسرائيل بأن قالوا بان أجهزة الاستطلاع المصرية جعلت سيناء والمواقع الحصينة للعدو كتابا مفتوحا أمام الجيش المصرى, وأن أجهزة الاستطلاع بقيت فى سيناء منذ يونيه 1967 م وحتى أكتوبر 1937 م وما بعدها يقبت العناصر ويتم تغييرها باستمرار وكان بفضل هؤلاء من خلال إعطائهم المعلومات عن كل صاروخ ودانة مدفع وقذيفة سبقها بلاغ من عناصر الاستطلاع لأنهم "الجزء المخفى من جبل الجليد"».

وأكمل: «لقيت تعاونا من أهالى وشيوخ وعواقل سيناء طوال خدمته خلف خطوط العدو وكانوا يتميزون بالوطنية والشجاعة وإنكار الذات مع وجود القلة الفاسدة يتم الابلاغ عنها بواسطة الشرفاء منهم , وقال لما أعادوا سيناءالى أحضان الوطن انها محفوظة بعين الله وبفضله وبايدى أبناء القوات المسلحة ولن يفرطوا فيها لانها عادت بدمائنا الذكية وهى أمانة فى أعناق هذا الجيل ومن بعده الاجيال القادمة».

أهم المواقف الصعبة التى تعرضت لها ؟

قال: «هناك العديد من المواقف الصعبة التى وضعت فيها بطبيعة عملى ومنها كيف أتصرف فى أسبوع ومعى 3 زمزميات مياه, وفى أحد المهام التى كلفت بها أثناء سيرى أكتشفت على الخريطة إنه يوجد لسانا ضحريا من الجبال الوعرة فى زمام موقع العدو فقمت باختيار أعلى نقطة وتسلقت وكانت مفاجئتى إنها قريبة من موقع العدو فبعد أن صعدت إلى الجبل كنت فى قلب موقع العدو وأن برج المراقبة قريب منى جدا, بعدها شعرت باننى ميت ولكن إصررت على إستكمال مهمتى وطلبت الشهادة ثم قمت بنقل المعلومات فى 3 دقائق وأثناء إرسالها كانوا قريبين منى ولكنهم لم يكتشفوا أمرى وحمدت الله على تادية المهمة بنجاح على الرغم من صعوبتها».

كيف ساعد بدو سيناء رجال الاستطلاع في عملهم؟

شدد: «بدو سيناء لديهم روح وطنية عالية وكانوا يرفضون الإحتلال الإسرائيلي رغم محاولة الإسرائيليين الدائمة للضغط عليهم لعدم مساعدتنا أو أن يكون لهم ولاء لغير مصر، تارة بالإغراء المادي وتوفير الكثير من حاجاتهم، وتارة أخرى بالتعذيب والتنكيل بهم ليخافوا ولكنهم "أبوا" ذلك وتحملوا وقدموا لنا كافة المساعدات الممكنة لإعاشتنا وإخفائنا عن أعين مخابرات العدو ودورياته، وبدو سيناء مازالت تربطني بهم حتى الآن علاقة جيدة وأثناء عملي». وأكمل: «كنت حريصًا على أن أظهر كواحد منهم في العادات والملابس وكل شيء، وقد دعمنا شيوخ القبائل بالإمداد بالدقيق الذي كنا نعجنه بالماء وكنا نخبزه على الشمس ونأكله، والماء والملابس البدوية».

ما الأماكن التي كلفت بالاستطلاع فيها؟

قال: «كنت أنفذ دوريات إستطلاع من أعلى الجبال وأتخفى بين الصخور في منطقة عيون موسى وسدر الحيطان وجبل المر، وبعد عبور الجيش المصري إلى الضفة الشرقية ورغم تحقيق الأنتصارات، مهمتنا لم تنتهِ، بل كنا نقوم بإبلاغ القوات العابرة بأوامر القيادة في الأماكن التي كان يصعب فيها الاتصال خصوصًا عند تغيير بعض الخطط ومن الصور التي لا أستطيع نسيانها صباح يوم 8 أكتوبر عندما قام الطيران الإسرائيلي بعمل هجمات مكثفة ضد وحدات الدفاع الجوي وقصف إحدى السرايا بقنابل زمنية وقنابل الـ"بلي" المحرمة دوليًا».

وتابع: «كانت مهمتي هي إبلاغ قائد السرية بسرعة الإخلاء والمناورة إلى موقع أخر تبادلي مع إتباع كافة التعليمات والإجراءات الخاصة، وبناءً على ذلك قام قائد السرية بالإخلاء حسب التدريبات التي قام بها قبل الحرب إلى موقع آخر بديل».