الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صبحي عسيلة: فتح تعاني من أزمة صراع الأجيال .. ومصر قادرة على احتوائها

عسلية
عسلية

حذر الدكتور صبحي عسيلة الخبير بمركز الدراسات السياسية بالأهرام من الأزمة الشديدة التي تمر بها حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحالة الصراع السياسي والشخصي بين قياداتها.

داعيا مصر إلى بذل كل الجهود الممكنة لإثناء الحركة عما هي ذاهبة إليه .. ومؤكدا على أن الطرف الوحيد الراغب والقادر على حماية فتح حتى من نفسها هو مصر.

ونبه عسيلة - في كلمته بالجلسة الأولى من مؤتمر (دور الإعلام في دعم المجتمع الفلسطيني - التحديات والفرص) والذي نظمته صحيفة الأهرام بمشاركة عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين والمصريين - إلى تراجع نصيب فتح في مواجهة الفصائل الأخرى خاصة حماس في الانتخابات التي أجريت قبل عقد من الزمن والتي وصفها بأنها واحدة من أهم تجليات الوضع المأزوم التي مرت وتمر به فتح إضافة إلى حالة الصراع السياسي والشخصي بين قيادات الحركة وأعضائها بالشكل الذي بات يهدد كيان الحركة.

وقال "إنه ومع تأزم حركة فتح تأزمت منظمة التحرير الفلسطينية بل وتأزم الوضع الفلسطيني برمته"..مضيفا "إن الدعوة التي أطلقها الرئيس محمود عباس لعقد مؤتمر حركة فتح السابع جددت الآمال في إقالة الحركة من أزمتها باعتبار أن عقد المؤتمر كان مطلبا فتحاويا ملحا ، وفي مقابل ذلك فإن الدعوة للمؤتمر أثارت الكثير من الشكوك حول قدرة المؤتمر في التعامل مع أزمة الحركة".

وأضاف "لقد طرحت الدعوة كذلك العديد من المخاوف من أن يكون المؤتمر العام السابع للحركة الذي طال انتظار انعقاده بمثابة رصاصة الرحمة على الحركة ليس كتنظيم في الساحة الفلسطينية ولكن كفكرة جامعة للفلسطينيين وأن يكون سببا في تحولها لتصبح طاردة بعد أن كانت تنظيم من لا تنظيم له من الفلسطينيين إذ مثلت منذ نشأتها جبهة عريضة أو بالأحرى بوتقة انصهرت فيها كل التيارات الفلسطينية بصرف النظر عن انتماءاتها الفكرية والأيديولوجية وكان ذلك أحد أهم العوامل التي ساعدت في نجاح وقيادتها للعمل الفلسطيني بمستوييه المسلح والسلمي".

وتابع "إنه وعلى الرغم من أزمة الحركة التي انعكست في خسارة فتح للانتخابات في عام 2006 في مواجهة حماس فإنها تمكنت من عقد مؤتمرها السادس داخل فلسطين وتحديدا في مدينة بيت لحم في أغسطس 2009 بعد مرور نحو 21 عاما دون مؤتمر عام للحركة حيث عقد المؤتمر الخامس للحركة في تونس عام 1988..أي أن حركة فتح لم تعقد سوى مؤتمر عام واحد في ظل السلطة الوطنية الفلسطينية".

وقال عسيلة إن المؤتمر العام السابع للحركة تأخر موعد انعقاده لمدة عامين حيث كان مقررا له طبقا للنظام الأساسي للحركة أن يعقد كل خمس سنوات أي في عام 2014 ، ومع ذلك فإن الإطار العام السابق والمحيط بانعقاده يضع الكثير من علامات الاستفهام حول جدوى انعقاده في تلك الظروف وجدواه في إقالة الحركة من أزمتها..مشيرا إلى أن الظروف والصراعات التي تمر بها الحركة ستفرض نفسها على أعمال المؤتمر باعتبار أن مهمته مناقشة المشكلات التي تعترضها على مختلف المستويات.

ولفت إلى أن هناك علامات استفهام مثارة حول المؤتمر لم تأت من مناهضين للحركة ولكنها جاءت من قيادات وأعضاء فيها ، وهو ما يعني بشكل أو بآخر أن أزمة فتح أبعد من أن تكون أزمة شخصية فقط ولكنها في الحقيقة تعبير عن أزمة حقيقة عنوانها صراع الأجيال داخل الحركة وعدم استعداد قادة الحركة الأكبر سنا في إتاحة الفرصة لأجيال أخرى والأهم عدم استعدادهم للتفاعل الإيجابي مع أفكار ورؤى أخرى داخل الحركة، ناهيك عن مشكلة تغليب المصالح الشخصية وإعلائها على المصلحة العليا للحركة وهو ما ينظر إليه أجيال كثيرة في الحركة على أنه تخل عن تاريخ الحركة التي استوعبت الجميع بصرف النظر عن انتماءاتهم الإيديولوجية والفكرية.

وتساءل إلى أين تسير فتح المأزومة بعد يوم التاسع والعشرين من نوفمبر الجاري إذا ما حدث ما هو متوقع حتى الآن من استبعاد بعض أعضاء وقيادات الحركة..قائلا "إنه وبدون شك فإن المؤتمر العام السابع في حال شرعن استبعاد بعض قيادات وأعضاء فتح سيضع الحركة أمام سيناريوهين الأول (متفائل) بمعنى أن يقبل أو بالأحرى يذعن المستبعدون من الحركة لمقررات المؤتمر العام ويتركون الساحة للحركة بتشكيلها الجديد الذي سيعتمده المؤتمر السابع..والثاني (متشائم) بمعنى أن تتعقد أزمة الحركة نتيجة إقصاء بعض القيادات وأعضاء الحركة فهذا الإقصاء سيعني اشتعال الصراع بين فصلين أحدهما يدير الحركة ويتولى مواقع المسئولية بها وآخر "مطرودا" من الحركة أو محروما من التواجد بها والمشاركة في أعمالها".

ونبه إلى أن هذا الصراع سيكون على مستوى الأرض أي داخل الساحة الفلسطينية ربما يكون عنيفا أو سياسيا عبر منافسة الفصيل الأول في الانتخابات الفلسطينية بما سيعني خسارة الفصيلين لصالح حماس..مرجحا أن السيناريو الثاني هو ما سيؤول إليه وضع حركة فتح وهو السيناريو الذي يدفع جميع الأطراف المعنيين باللحمة الفلسطينية وفي مقدمتهم مصر إلى بذل كل الجهود الممكنة لإثناء الحركة عما هي ذاهبة إليه.

وقال "إنه وإزاء ما ستؤول إليه الأمور بعد المؤتمر السابع ، فإن فتح باتت في أمس الحاجة إلى إعادة إنتاج إذ ستصبح مشكلات الحركة بعد المؤتمر أصعب بكثير من أن تسمح بإعادة البناء أو الترميم، ولن يجدي معها سوى إعادة الإنتاج ، بمعني أن يعاد إنتاجها من المؤمنين بمبادئها والقادرين على تطويرها بما يؤهلها للتعامل مع التحديات التي تواجهها والتي ازدادت صعوبة وخطوة خلال الأعوام الأخيرة".

ورأى عسيلة أنه في كل الأحوال فإن المؤتمر السابع لفتح الذي تحول إلى هدف في حد ذاته سيضعها عند مفترق طرق شديد الخطورة بما يجعلها في أمس الحاجة لمن يرشدها لطريق النجاة.

وشدد على أن هناك رسالتين الأولى تتمثل في أنه لا توجد ضربات قاضية في الصراع السياسي بين الفرقاء "فما بالنا حين يكون في حركات للتحرر الوطني".. والثانية أن الطرف الوحيد الراغب والقادر على حماية فتح حتى من نفسها هو مصر "فهل يفسح الفتحاويون المجال للرؤية المصرية ومعها الرباعية العربية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل وقوع الكارثة التي سندفع فاتورتها جميعا".