الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحكام وآداب ينبغي على «العاطس» التحلى بها

صدى البلد

قالت دار الإفتاء المصرية، إنه يسن للعاطس أن يضع شيئًا على فمه ويخفض صوته بقدر المستطاع؛ لكي لا يتأذى منه أحد.

واستدلت الإفتاء في فتوى لها عبر موقعها الرسمي، بما روي عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه: «أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كَانَ إِذَا عَطَسَ غَطَّى وَجْهَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِثَوْبِهِ، وَغَضَّ بِهَا صَوْتَهُ»، «سنن الترمذي».

ويعرض «صدى البلد» بعض الأحكام المتعلقة بتشميت العاطس، فروي عنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ، فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ، وَأَمَّا التَّثَاوُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِذَا قَالَ هَا، ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ» رواه البخاري.

حكم تشميت العاطس:
ذكر الفقهاء أن تشميت العاطس فرض على الكفاية، أي: إذا فعله بعض الحاضرين، سقط عن الباقين، للحديث المتقدم ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ، فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ».

وقت تشميت العاطس:
يكون عند سماع حمد العاطس، وذلك لما رواه أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «عَطَسَ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا، وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! شَمَّتَّ هَذَا وَلَمْ تُشَمِّتْنِي، قَالَ: «إِنَّ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ، وَلَمْ تَحْمَدِ اللَّهَ» رواه البخاري.

حكم تذكير العاطس إذا لم يحمد الله:
اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من قال: يُذكر حتى يحمد الله، ثم يشمته، فيفوز بالدعوة، لاسيما أن ذلك من باب التعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف، والنصيحة، وهذا قول النووي والنخعي، وقيل: لا يشمته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُذكر ذلك الرجل بالحمد، تعزيرًا له، وحرمان لبركة الدعاء، لأنه حرم نفسه بركة الحمد، فنسي الله، فصرف الله قلوب المؤمنين وألسنتهم عن تشميته، والدعاء له، ولو كان تذكيره سنة، لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى بفعلها وتعليمها والإعانة عليها، وهذا قول ابن العربي وابن القيم.

الحكمة من الحمد بعد العطاس:
أوضح العلماء أن العطاس نعمة من نعم الله، فلا بد للعاطس إذا عطس أن يحمد الله تعالى، وقال ابن القيم في كتابه «زاد المعاد»: «العاطس قد حصلت له بالعطاس نعمة ومنفعة بخروج الأبخرة المحتقنة في دماغه، التي لو بقيت فيه أحدثت له أدواء عسرة، شرع له حمد الله على هذه النعمة، مع بقاء أعضائه على التئامها وهيئتها على هذه الزلزلة، التي هي للبدن كزلزلة الأرض لها».

المستحب عند العطس:
يستحب خفض الصوت بالعطاس، ووضع شيء على فمه وأنفه لئلا يخرج منهما أذىً، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، كَانَ إِذَا عَطَسَ، غَطَّى وَجْهَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِثَوْبِهِ، وَغَضَّ بِهَا صَوْتَهُ» أخرجه الترمذي وأبو داود، وقَالَ الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

بعد كم مرة تشمت العاطس؟:
رأى بعض الفقهاء إن تشمته إذا عطس اثنتين، وقيل: ثلاث، وقيل: أربع، ومعنى ذلك أن العاطس إذا عطس مرتين تشمته مرتين، وفي الثالثة تقول له: إنك مزكوم، وتدعو له بالعافية، وقيل: بعد ثلاث، وقيل: بعد أربع، والصحيح: أنه بعد ثلاث عطسات يعطسها العاطس، وفي الرابعة تقول: إنه مزكوم، وبذلك تعتذر عن تشميته، وتبين له أن به مرض، وعليه أن يتعالج منه، وتدعو له العافية.


تحميد العاطس:
وردت ألفاظ الحمد على أوجه متنوعة: الْحَمْدُ لِلَّهِ، أو الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، أو الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فروى البخاري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ»، وروى أبو داود، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلْيَقُلْ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَيَقُولُ هُوَ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ».

قال النووي في "شرح مسلم: قَالَ الْقَاضِي: وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي كَيْفِيَّة الْحَمْد وَالرَّدّ، وَاخْتَلَفَتْ فِيهِ الآثَا، فَقِيلَ: يَقُول: الْحَمْد لِلَّهِ، وَقِيلَ: الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ. وَقِيلَ: الْحَمْد لِلَّهِ عَلَى كُلّ حَال. وَقَالَ اِبْن جَرِير: هُوَ مُخَيَّر بَيْن هَذَا كُلّه ,، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مَأْمُور بِالْحَمْدِ لِلَّهِ، وأضاف: وَاخْتَلَفُوا فِي رَدّ الْعَاطِس عَلَى الْمُشَمِّت، فَقِيلَ : يَقُول: يَهْدِيكُمْ اللَّه وَيُصْلِح بَالكُمْ، وَقِيلَ: يَقُول: يَغْفِر اللَّه لَنَا وَلَكُمْ، وَقَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ: يُخَيَّر بَيْن هَذَيْنِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب، وَقَدْ صَحَّتْ الأَحَادِيث بِهِمَا".

وجاءت ألفاظ التشميت على أوجه متنوعة: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ، أو يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ، أو عافانا الله وإياكم من النار، أو يرحمكم الله، أو يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ وَيَغْفِرُ لَنَا وَلَكُمْ.