الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دور المرأة والإعلام في مؤتمر مواجهة التطرف بمكتبة الإسكندرية

مكتبة الإسكندرية
مكتبة الإسكندرية

شهد المؤتمر الدولي الثالث لمكافحة التطرف، المنعقد حاليا بمكتبة الإسكندرية تحت عنوان "العالم ينتفض: متحدون في مواجهة التطرف"، عدة جلسات شارك فيها باحثون ومفكرون وخبراء دوليون متخصصون في قضايا التطرف، وتناولت الجلسات وضع المرأة، دور الإعلام، التنوع الديني والثقافي، رصد خطابات التطرف، واستطلاعات الرأي.

تحدث في جلسة "التنوع الديني الثقافي" كل من الدكتور إلياس الحلبي؛ أستاذ الحضارات بجامعة "بلمند" في لبنان ومدير مشارك في مركز الشيخ نهيان للثقافة، ومن السعودية الدكتور عبد الله الخطيب؛ أستاذ مشارك في جامعة الملك بن عبدالعزيز، والمطران منير حنا؛ رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية بمصر وشمال إفريقيا والقرن الإفريقي، وأدارت الجلسة الدكتور نيفين مسعد؛ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة.

وفي كلمته، قال الدكتور إلياس حلبي أنه في الحديث حول العلاقة بين التنوع والإرهاب فلابد من محاولة تفكيك الآليات الذهنية التي أدت إلى تشكيل هذا الموقف المتأزم وما يتبعه من جنوح للإرهاب، وأنه كي نستطيع فهم الموقف لابد أيضا من التعرض لقضايا وعي الإنسان بذاته وبالآخر والواقع من حوله والسلطة والصراع الذي يدفعه لاتخاذ موقف سلبي من موضوع التنوع.

وأكد أن رفض التعددية والتنوع راجع إلى مفهوم الهوية الذي يتم حصره في كثير من الأحيان في الهوية الأحادية التي لا يستطيع فيها الشخص أن يتقبل أن تكون لديه هوية مركبة لها عدة جوانب؛ مما يؤدي إلى خلق حالة صراع داخلي لدى صاحبها تدفعه إلى "الاختزالية"، بمعنى أن يختزل الشخص المحددات الكثيرة للهوية في الهوية الدينية والنزول لمستوى أدنى وهو الهوية الطائفية.

وتناول "حلبي" قضية وعي الإنسان بالأخر الذي ينظر إليه على أنه المسؤول عن المشاكل التي يمر بها ويشكل مصدر الخطر لمجرد "غيريته" ووجوده، حتى لو لم يقم الأخر بشيء سلبي، مشيرًا إلى أن القضية الأصعب عندما يصبح الآخر مصدر لتأزيم علاقتي مع الله وتكريرًا لصفائي الديني.

وأضاف أن الصراع الداخلي بين معتقدات الإنسان وما يريده وما يعيشه يعبر عنه أحيانًا في شكل جنوح ومغالاة تنعكس على الوعي للذات وللآخر، لهذا لا يستطيع الإنسان تقبل التنوع أو التعايش معه بل والسعي لإزالته وصولًا إلى الصفاء في كل شيء، مشددًا أنه كي نفهم العلاقة بين التعددية والإرهاب والتطرف لابد من أن نفهم مفهوم "الاختزالية"؛ بمعنى أن يختزل الله في صورة تخدم فكرة معينة، أو اختزال النص الديني في الآيات التي تخدم أغراض محددة، واختزال التفسير لتقديم التبريرات المطلوبة التي تدعم التطرف والمغالاة، بالإضافة إلى اختزال مقاصد الله من الخلق لخدمة المشروع الذي يلبسه المتطرفون إلى الله.

من جانبه، لفت الدكتور عبدالله الخطيب إلى أن العديد من الدول أعلنت فشل سياسات التعددية الثقافية؛ وكان أولها ألمانيا عندما صرحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن مقاربة التعددية الثقافية قد فشلت بشكل مطلق في ألمانيا، تبعها بعدة أشهر تصريح من قبل رئيس وزراء بريطانيا حينذاك، ديفيد كاميرون، قال خلاله أن التعددية فشلت في بريطانيا، وأن المملكة المتحدة بحاجة إلى هوية قومية أقوى حتى لا يلجأ الناس إلى التطرف، ثم تلتها فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية. وأرجع "الخطيب" أسباب فشل سياسات التعددية إلى الخطورة التي تشكلها تلك التعددية من وجهة نظر بعض الحكومات، والتجاور الشكلي للثقافات دون أن يكون هناك تفاعل حقيقي خارج إطار النفعية، وانكفاء بعض الثقافات على نفسها مما خلق بيئة خصبة لنمو التطرف والتشدد.

فيما طرحت جلسة "رصد خطابات التطرف"، والتي قام بإدارة الحوار فيها الدكتور رفعت السعيد، مجموعة من النماذج للخطابات المتطرفة والمؤسسات التي تعمل على رصد ومحاربة تلك الخطابات واستراتيجيات التعامل معها، وقال الدكتور رفعت السعيد، لابد من التفرقة بين المعرفة والعلم، حيث أن المعرفة هي المعرفة السطحية بالشيء، وأما العلم بالشيء فهو التعرف علي مكوناته، أي ان استخدام المعرفة دون إعمال العقل يجعل هناك أقوال تتردد إلي العقل المصري دون صحة وعلم لها، مما سبب على أثره أنتشار لأفكار لا تندرج للدين وتم استغلالها باسم المعرفة وأتخذها البعض انها علم لهم، لافتًا إلى أننا نواجه ظاهرة صعبة وهي محاولة تجديد وتصحيح الفكر.

وتحدث الدكتور محمد عبد الفضيل؛ منسق عام مرصد الأزهر الشريف، عن أنواع الخطابات المتطرفة التي يباحث فيها المرصد وهي: خطابات دولية متطرفة "داعش نموذجًا" والتي تستهدف جذب أكبر عدد من المسلمين، وتتطرق للمشاكل والمعوقات الحياتية للمسلمين في الغرب، وتسيطر عليها لغة الترغيب في الجنة، والترهيب من النار، والنوع الثاني هو نوع إقليمي متطرف، ومنهم "بوكو حرام" وحركة الشباب الصومالية، والتي تشكك في إسلامية النظم القومية، وتدعو إلى إقامة الخلافة الإسلامية كبديل وحيد، ويغلب عليها لغة التكفير والكراهية، أما النوع الثالث فهو خطابات محلية متطرفة، ومنها "حركة حسم، ولواء سيناء"، وتهدف إلى زعزعة الشعور بالهوية القومية والعربية.

وأوضح الدكتور عبد الفضيل طرق مواجهة خطابات التطرف بحسب المرصد، ومنها تجديد الخطاب الديني عن طريق خلق لغة دينية جديدة أكثر تأثيرا وجذبا ومتسق مع لغة ما بعد الحداثة، وترميم البنية التحتية التي يتم استغلالها من المتطرفين، وكذلك إعلاء قيمة الإنسان فوق كل القيم، وترسيخ هذه القيمة والتأكيد على أن الفرد هو العامل والهدف والمنطلق لأنه مخلوق من الله، فضلا عن ترسيخ قيمة الهوية العربية وثقافتها في وعي الأطفال، والتركيز على قيمة الوطن، وعرض الدكتور عبد الفضيل نماذج للخطابات المتطرفة التي توجهها كل فئة، كما عرض نماذج للخطابات المتطرفة الناطقة باللغات الأجنبية، ومناهج داعش التعليمية ومبادئهم العقيدية.

وطرح الدكتور عبد الفضيل مجموعة من التحديات التي تواجه المرصد نحو الفكر المتطرف، ومنها إغفال المؤسسات التعليمية والثقافية الاهتمام بالنشء في تصحيح المفاهيم المغلوط، وتنوع وتشعب الفكر المتطرف وعمقه، وكذلك تنوع أسباب الفكر المتطرف بحسب الأسباب.

فيما تحدث الدكتور زكي ميلاد؛ من السعودية، وقال إن أحداث التطرف كشفت عن أزمة حقيقية في ساحة الفقه الإسلامي، ولولا هذه الأزمة لما وصل التطرف لما آل إليه من هذا الاتساع والامتداد، لافتًا إلى أن الجديد في الأمر لابد أن يكون في تغيير طريقة التعامل مع الأزمة والاعتراف بحجمها، والعمل على تبني خطوات غير تقليدية وأكثر فعالية، فضلًا عن التخلي عن الخطاب البياني والجدلي، إلى جانب الانخراط الجاد في مواجهة الأزمة وإعلان حالة الطوارئ الفكرية والدينية بأعلى درجاتها، لتفتيت الأزمة وتشريحها بخطوات فعالة.

وأضاف الدكتور زكي أن خطورة الأزمة تكمن في تقليص روح العقلانية وتراجع الخطاب الديني المعتدل، وأنها تراكمت على زمن طويل حتى توطنت، وتحولت إلى أزمة دنيوية عميقة من جهة، وإلى أزمة تاريخية ممتدة حتي وصلت إلى وضعها الحالي، الأمر الذي يقتضي النظر لهذه الأزمة علي أساس المدة الطويلة، مؤكدًا أن إغلاق باب الاجتهاد فتح الطريق للتضليل أن يدخل إلى ثقافة المسلمين، لافتًا إلى أننا إذا أردنا التقدم خطوات نحو التقدم الديني علينا بناء فلسفة دينية بناءً جديدًا يأخذ بعين الاعتبار ما تطور من المعرفة بنواحيها المختلفة.

وفي السياق ذاته تطرق الدكتور الطاهر سعود؛ الباحث في مجال مكافحة الإرهاب بالجزائر، إلى استراتيجية محاربة التطرف، وطرح التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب، مشيرًا إلى أن التصدي للإرهاب مر بمراحل متعددة في الجزائر خلال جميع الموجات التي مرت بها العمليات الإرهابية فيها، فهناك معالجة أمنية طرحت في البداية، ولكن تبعها العمل على المستوي السياسي، ومن جهة أخرى تطبيق سياسة شاملة للقضاء على الراديكالية تمزج بين إجراءات سياسية واقتصادية وثقافية ودينية.

وشهد المؤتمر جلسة حول دور الإعلام، تحدثت فيها أولجا فرحات من لبنان، ومحمد صلاح؛ مدير مكتب الحياة اللندنية بالقاهرة، ووفاء صندي ؛كاتبة ومراسلة صحفية مغربية، وأدار الجلسة خالد بن ققة؛ الباحث الجزائري في الشؤون الخارجية. وقال الإعلامي المصري محمد صلاح إن" الإعلام المصري يواجه مشكلة كبيرة، وأن الإعلام الغربي نجح في سرطنة المجتمعات الغربية، مشيرًا إلى أن العالم الآن ينتفض لدعم الارهاب من خلال وسائل إعلام وقنوات فضائية ترى من فجر نفسه داخل كنيسة ضحية " .

وتحدثت أولجا فرحات من لبنان عن الإعلام ودوره في تعزيز ثقافة السلام ومحاربة التطّرف. وذكرت أن السلام هو حالة إنسانية يعيشها الإنسان في انسجام مع ذاته قبل أن يعيشها مع الآخرين، فالسلام يبنى على العدالة والحرية، والعدالة هي احترام حقوق الإنسان بالتساوي، أما الحرية فهي ممارسة حرية الرأي والتعبير مع الحفاظ على كرامة الآخرين، إذًا هي ممارسة أخلاقية إنسانية واحترافية في كل الميادين، تهدف الى تعزيز العلاقات الحضارية بين الشعوب وتساهم في صناعة السلام.

وفي جلسة بعنوان استطلاعات الرأي، قالت حنان جرجس إن المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة) أجرى استطلاعًا لرأي المصريين حول مدى وجود تطرف ديني في مصر ومدى تأثير هذا التطرف على مصر.

وأشارت نتائج الدراسة إلى أن 63% من المصريين يرون أن مصر بها تطرف ديني بينما 25% يرون أنه لا يوجد بمصر تطرف ديني و12% أجابوا بأنهم لا يعرفون، وارتفعت نسبة من يرون أن مصر بها تطرف ديني من 56% في الوجه القبلي إلى 61% في المحافظات الحضرية و69% في الوجه البحري، كما ارتفعت من 55% بين الشباب في العمر من 18-29 سنة إلى 76% بين الذين بلغوا من العمر 50 سنة أو أكثر، وجاءت نسبة من يرون أن مصر بها تطرف ديني من 59% بين الحاصلين على تعليم أقل من متوسط إلى 72% بين الحاصلين على تعليم جامعي أو أعلى، وتوقع 63% ممن يرون أن هناك تطرف ديني أن يقل التطرف الديني في المستقبل بينما 24% يتوقعون أن يزيد و1% يتوقعون أن يظل كما هو، وأجاب 12% بأنهم لا يستطيعون التحديد، حيث ارتفعت نسبة من يتوقعون أن التطرف الديني سيقل من 55% بين الحاصلين على تعليم أقل من متوسط إلى 68% بين الحاصلين على تعليم جامعي أو أعلى.

وأشارت النتائج إلى أن الأعلى تعليمًا أكثر تخوفًا مقارنةً بالأقل تعليمًا من تأثير التطرف الديني بالسلب على صورة مصر في الخارج ودخول الاستثمارات العربية والأجنبية لمصر وكذلك من تأثيره على السياحة.

وأكد راشد العريمي أن استطلاعات الرأي تكتسب أهمية كبيرة لدى أصحاب اتخاذ القرار، ولا تقل اهمية عن التقارير السياسية والامنية والاقتصادية، ويمكن لاستطلاعات الرأي أن تكون انذار مبكر لأصحاب اتخاذ القرار، وبالتالي يستطيعوا اتخاذ التدابير اللازمة قبل وقوع الحدث، وأن تكشف بؤر التطرف والفئة العمرية الاكثر تطرفًا وبالتالي يستطيع المسئولون تقديم الدعم لتلك الفئة العمرية وتجفيف بؤر الارهاب.

ولفت إلى أنه لا توجد مؤشرات عربية لقياس ظاهرة التطرف ولكن معظم المؤشرات هي غربية، وأنه في الخمسين سنة الماضية أثبتت استطلاعات الرأي في امريكا وأوروبا قدرة كبيرة في قراءة المستقبل، ولكن في الفترة الأخيرة اخفقت إخفاقا كبيرا مثل فشلهم في توقع فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية، وفشل معظم استطلاعات الرأي في توقع خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، ورغم الانضباط العلمي في استطلاعات الرأي الذي يأتي من الخارج إلا انه يشوبه التعسف ، وأن جودة المنهج تحتاج إلى خلفية إسلامية لتفسير هذه الظواهر ، لذلك ادعوا إلى انشاء مركز أوروـ عربي لاستطلاعات الرأي؛ حيث ان استطلاعات الرأي عن التطرف والارهاب لا بد أن تكون إقليمية عابرة للحدود.