الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المفتي السابق: المرأة تولت السلطة التنفيذية وتفوقت على الرجل في علم الحديث

صدى البلد

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن التاريخ الإسلامي يشهد بتولي المرأة العديد من المراكز القيادية في المجتمع الإسلامي، فكما تولت المرأة منصب الحاكم، تولت أيضًا مناصب أخرى لا تقل في أهميتها عن منصب القائد.

وأضاف «جمعة» في مقال له، أن المرأة تولت مناصب القضاء، والإفتاء والحسبة «السلطة التنفيذية»، وشاركت كذلك في الحروب وميادين العلم، وأثبتت جدارة وكفاءة سجلها التاريخ بين أوراقه.

وأشار المفتي السابق، إلى أن السيدة «ثمل» قهرمانة شغب أم المقتدر، تولت القضاء وكانت من ربات النفوذ والسلطان في الدولة العباسية أيام المقتدر، فكانت الساعد الأيمن لأم المقتدر، تلي شؤون الدولة وسياستها، وبلغ من اعتماد أم المقتدر على «ثمل» أن أمرتها تجلس بالرصافة سنة ٣٠٦ هـ للمظالم، وتنظر في كتب الناس يومًا في كل جمعة، فأنكر الناس ذلك واستبشعوه وكثر عيبهم له والطعن فيه.

وتابع: "فجلست أول يوم فلم يكن لها فيه طائل، ثم جلست في اليوم الثاني وأحضرت القاضي أبا الحسن بن الأشناني فحسن أمرها وأصلح عليها، وخرجت التوقيعات وعليها خطها على سداد، فانتفع بذلك المظلومون، وسكن الناس إلى ما كانوا نافريه من قعودها ونظرها، وكان يحضر في مجلسها القضاة والفقهاء والأعيان، توفيت سنة ٣١٧".

وألمح الدكتور علي جمعة، إلى أنه وردت آثار في تولي المرأة السلطة التنفيذية، أو الشرطة، أو ما تسمى في التراث الفقهي الإسلامي «الحسبة»، وكان ذلك في القرن الأول، وعلى خلفية هذه الآثار أجاز بعض علماء المسلمين تولي المرأة هذا المنصب القيادي الحساس في الدولة الإسلامية، فروى أبو بلج يحيى بن أبي سليم قال: «رأيت سمراء بنت نهيك وكانت قد أدركت النبي - صلى الله عليه وسلم - عليها درع غليظ وخمار غليظ بيدها سوط تؤدب الناس وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر». «أخرجه الطبراني في المعجم الكبير».

ونوه بأن دور المرأة في الجهاد بدأ في الوقت نفسه الذي بدأ فيه دور الرجل، بل إن دور المرأة الفعلي سابق له، فأول من استشهد في سبيل الله كان امرأة هي السيدة سمية زوج ياسر، وكانت أسماء بنت أبى بكر - رضي الله عنها - أولى الفدائيات التي أمَّنت وصول الطعام إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وصاحبه أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، كما أنها تلقّت الأذى من أبي جهل في سبيل كتمان خبرهما.

ونبه على أن الشرع الإسلامي طلب من المرأة الدفاع عن وطنها، وأرضها، وشعبها، كما طلب ذلك من الرجل، وقد أقرّ النبي، صلى الله عليه وسلم، مشاركة النساء في الجهاد والغزوات، بل غزت المرأة مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كأم سليم بن ملحان، وأم حرام بنت ملحان، وأم الحارث الأنصارية، والرُّبَيِّع بنت معوذ، وأم سنان الأسلمية، وأم سليط، وليلى الغفارية، وكعيبة بنت سعيد الأسلمية، وحمنة بنت جحش، ورفيدة الأنصارية، وأم زياد الأشجعية.

واستطرد: أنه نبغ في مختلف مراحل التاريخ الإسلامي الآلاف من العالمات المبرَّزات والمتفوقات في أنواع العلوم وفروع المعرفة وحقول الثقافة العربية والإسلامية، وقد ترجم الحافظ بن حجر في كتابه «الإصابة في تمييز الصحابة»، لثلاث وأربعين وخمسمائة وألف امرأة، منهن الفقيهات والمحدثات والأديبات، وذكر كل من الإمام النووي في كتابه «تهذيب الأسماء واللغات»، والخطيب البغدادي في كتابه «تاريخ بغداد»، والسخاوي في كتابه «الضوء اللامع لأهل القرن التاسع»، وعمر رضا كحالة في «معجم أعلام النساء»، وغيرهم ممن صنف كتب الطبقات والتراجم، ذكروا تراجم مستفيضة لنساء عالمات في الحديث والفقه والتفسير وكذلك لأديبات وشاعرات.

ولفت إلى أن المرأة المسلمة تفوقت على الرجل في جوانب كثيرة في علوم الحضارة الإسلامية، خاصة في جانب علم الحديث ومعرفة رواته، ويسجل تلك الشهادة أئمة علم الحديث والمصطلح، فيقول الإمام الذهبي: «وما علمت في النساء من اتهمت ولا من تركوها». «ميزان الاعتدال في نقد الرجال، للإمام الذهبي». ويؤكد الحافظ بن حجر ذلك الأمر، حيث يقول: «لا أعلم في النساء من اتهمت ولا تركت».

وأكد حرص النساء على طلب العلم الشرعي والاهتمام به منذ عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، فروى أبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، رضي الله عنهما، أن النساء قلن لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: «اجعل لنا يوما كما جعلته للرجال، قال فجاء إلى النساء فوعظهن وعلمهن»، مضيفًا وكان عطاء بن أبي رباح، رحمه الله، يقول عن السيدة عائشة، رضي الله عنها: «كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيًا».

واختتم: أن المرأة ساندت الرجل من منطلق مبدأ المساواة -وليس التساوي- في بناء الحضارة وتعمير الكون، فنجحت كحاكمة وقاضية ومحاربة وقائدة الجيوش ومحتسبة وفقيهة.