الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خبير مصري يوجه رسالة للسفير الإسرائيلي: حديثك ليس له صلة بالعلاقات بين البلدين.. السلام لن يتطور ما لم تخرج إسرائيل من الأرض.. والشباب المصري يتدرب على مواجهة من نوع آخر

صدى البلد

فهمي للسفير الإسرائيلي:
  • حديثك لا علاقة له بواقع العلاقات المصرية الإسرائيلية
  • قطاع كبير من المطلعين على واقع العلاقات مع إسرائيل لا يتوقفون أمام "مقالات تافهة"
  • لا تصدق أن في مصر من يطالب بإلغاء اتفاق السلام حاليا
  • لا تتوقعوا أن يزور الرئيس السيسي إسرائيل في الوقت الراهن
  • ليس مطلوبا أن يحضر رئيس وزراء إسرائيل إلى مصر

وجه رئيس الوحدة الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، رسالة للسفير الإسرائيلي لدى القاهرة، ديفيد جوفرين، قال فيها:

"في ذكرى توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، عقد مركز دراسات الأمن القومي بإسرائيل يوما لتقييم ودراسة واقع ومستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية بعد سنوات طويلة من السلام بين البلدين، وكان طبيعيا أن يتحدث السفير الإسرائيلي المعتمد في مصر، والموجود في القدس حيث يدير مهامه وعمله بعد سحب الخارجية الإسرائيلية السفير من القاهرة لدواعي أمنية أعلنت لاحقا، حيث خرج السفير ديفيد جوفرين منظرا وشارحًا لواقع العلاقات المصرية الإسرائيلية بطريقة سطحية وعابرة، مثلما كان يفعل غالبية السفراء الإسرائيليين الذين توافدوا علي مصر خلال السنوات الأخيرة، حيث ركز السفير في مداخلته في المعهد الاستراتيجي علي ضرورة زيادة الجانب المدني الاقتصادي في العلاقات، ومصدقا علي نغمة حالية في الإعلام الإسرائيلي تري أن هناك تغييرات كبيرة للنظر إلي إسرائيل في مصر في السنوات الأخيرة، ولدى الأجيال المصرية الشابة، وأنه من أجل تثبيت السلام فإنه يجب أن يقوم علي قدمين عسكرية ومدنية اقتصادية، وأن الدمج بين الجانبين يضمن بقاء التعاون علي المدى البعيد، ويقر السفير بأن الحكومة المصرية تفضل عدم التعاون المدني الاقتصادي مع اسرائيل لأسباب داخلية، وأن الأجيال الشابة لم تشارك في أي قتال مع إسرائيل وأن القضية الفلسطينية أصبحت في السنوات الأخيرة على هامش جدول الأعمال القومي في مصر، وأن المقالات النقدية والرسوم الكاريكاتيرية تراجعت مقارنة بسنوات التسعينيات.

وأضاف فهمي: "الواقع أن حديث السفير ديفيد جوفرين لا علاقة له بواقع العلاقات المصرية الإسرائيلية الراهنة التي ستبقي في إطارها الرسمي فقط من حيث البعدين الأمني والاستراتيجي لطبيعة الالتزامات الواردة في معاهدة السلام والتي لن أتوقف أمامها، والتي طالب العض في بعض الأحيان بضرورة استمرارها وتطويرها بما يخدم المصالح الاستراتيجية المصرية، وفي وقت بالغ الأهمية بالنسبة لمستقبل المنطقة، وليس مجرد القبول أو الرفض لإقامة علاقات نقر في مصر - لمن يفهم طبيعة العلاقات بواقعها ومستقبلها- أنها رسمت إطار محدد للعلاقات، بصرف النظر عن القيود المفروضة علي مصر والتي تجاوزناها مؤخرًا بزيادة عدد القوات في المنطقة الحدودية ج، ومن ثم فإن الذين يتحدثون عن مستقبل العلاقات سواء في إسرائيل أو مصر عليهم أن يعرفوا أن العلاقات موضوعة في إطارها ولن تتطور مثلما تريد إسرائيل، وتسعى وتخطط بعد سنوات طويلة من عمر المعاهدة.

وتابع: "أتصور أن قطاعا كبيرا من المطلعين علي واقع العلاقات مع إسرائيل لا يتوقفون أمام مقالات تافهة يكتبها غير المتخصصين من الجانبين هجوما وانتقادا لمن يريد أن يفتح الباب الموارب للعلاقات علي أساس أن مصر لديها المصداقية في الحركة العلنية المباشرة، دون أن تجري لقاءات في الخفاء، أو أن تبقي أسيرة لبعض الأفكار الأيديولوجية التي يجب أن تفهم في سياقها.

وأردف قائلا "نعم السلام مستقر لكن لن يقبل المصريون بأن تدخل إسرائيل مع مصر الشعبية في علاقات جديدة، بدون أن تقدم أوراق اعتمادها بصورة مباشرة، وأن تخرج من الأراضي المحتلة وتقبل بالمتطلبات السياسية والأمنية والاستراتيجية، وليس شرطا أن تكون من خلال المبادرة العربية أو خارجها، وبدون هذا فلا يمكن أن تقبل إسرائيل في المنطقة حتى ولو ذهبت لإقامة علاقات سرية مع أي طرف عربي أو إقليمي فبدون مصر لن تحضر إسرائيل للمنطقة ولن تكون لها دولة وعاصمة ولها حضور رسمي".

وذكر أنه ربما لا يعلم هذا السفير أنه ليس مطلوبا أن نحول السلام بعد كل هذه السنوات لسلام شامل ونقدم لإسرائيل شيكا علي بياض في ظل استيطان يجري وتهويد يستكمل ومشروعات لإدارة شكل المنطقة وفقا لحسابات إسرائيلية، واستثمارا لواقع دولي قد لا يتكرر، ومن ثم فإنه من الصعوبة أن يتم التكامل بين العلاقات العسكرية والأمنية والاقتصادية في هذا التوقيت وإذا أجريت استقصاء حول إسرائيل في مصر فلا تتوقف أمام عشرات الآلاف من الدارسين للعبرية والمتابعين لإسرائيل والذين يتعاملون بطبيعة الحال مع إسرائيل كظاهرة وليست دولة أو كيان نقر أنه ما زال مغتصبا للأرض رافضا لكل فرص السلام التي قدمت له من العرب، ولا أعتقد أن السفير جوفرين يدرك أن إسرائيل في مصر ليست خبرا أو حدثا مترجم في صحافة مصر إنما إسرائيل هما مصريا نتابعه، ونراقبه ونرصد حركته، وندرك ما يخطط من مشروعات تجاه مصر، وتجاه منطقة ما تزال غير مستقرة ولن تستقر إلا بعد خروج إسرائيل من الأرض المحتلة والقبول بالآخر دولة وحكومة وشعبًا.

وقال "لا تصدق أن في مصر من يطالب بإلغاء اتفاق السلام في الوقت الراهن لأن أغلب من يفتح ملف إسرائيل في مصر من أشباه الكتاب أسير مرحلة السبعينيات ولم يطالع الوضع الراهن في إسرائيل، ولا يعرف عنكم إلا ما تكتبونه في صحفكم السيارة أما نحن المتخصصون فوضع آخر جيل قرأ وتعلم ودرس وفاوض وقيم إسرائيل جيدا، ويعرف كيف يتعامل معه بصورة حقيقية هنا حدث عن الأكاديميات والدراسات والبحوث وليس الأيديولوجيا أو السياسة فنحن جيل مسح إسرائيل طولا وعرضا، وأظن أن خبراءكم في مراكز الخبرة والسياسات في هرتسيليا والأمن القومي وريئوت ورابين يعرفون هذا جيدا، ومن ثم فنحن نحاول أن نقول للأجيال الصاعدة في مصر ما هي إسرائيل بحق؟ وأن السلام الراهن لن يتمدد أو يتطور ما لم تخرج إسرائيل من الأرض أولا ووقتها سيكون لكل حادث حديث، إما أن نمضي في مسار مفتوح فالأمر ليس كما تظن وأعلم أن خبراءكم صاغوا نظريات أمن قومي جديدة وكامب ديفيد جديدة وينتظرون يوما أن تفتح الملفات ... ولعلك تعرف مصر الرسمية ليس كما يتوهم البعض هنا في مصر أو إسرائيل ترسم علاقاتها بصورة دائمة أو ثابتة وتركز علي الأمن قبل السياسة والاستراتيجية قبل المثالية، ولهذا لا تتوقعوا أن يزور الرئيس السيسي إسرائيل في الوقت الراهن أو غدا إلا إذا كان هناك ما يستدعي ذلك، وهذا ما يجب أن تفهموه وليس مطلوبا أن يحضر رئيس وزراء إسرائيل لمصر أو تهل قيادات حزبية أو يسارية إلي القاهرة لكي نؤكد عمق العلاقات فمصر تعمل في العلن، ولن تقبل بأي تغيير في توجهاتها الراهنة برغم التسليم بوجود لقاءات واتصالات رسمية في الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، والتي تتم بصورة دورية".

واستطرد فهمي قائلا: "لا تصدق أن الأجيال المصرية الشابة تغيرت رؤيتها من إسرائيل .. من قال لك هذا؟ لا تصدق مواقع التواصل ولا القابعين خلفها أو الذين تصادقوا مع إسرائيليين رسميين أو متحدثين باسم جهات إسرائيلية هذا عبث، وغير صحيح ويأتي في إطار لعبة أجهزة المعلومات وأنت تعلم هذا وظل دورنا أكاديميين نشرح ونحلل ونوجه سواء لطلاب الجامعات أو باحثي الدراسات العليا العاملين على هذا الكيان ... ماذا تعني إسرائيل اليوم، وصدقني مصر ليست شبابا يلهو أو طلاب لغة... مصر أكبر من هذا الجدل وأنتم تعلمون ذلك جيدا، ولهذا عليكم أن تسلموا بأن مصر الشعبية كيان أخر صعب أن يلتقي مع إسرائيل علي أرضية واحدة حتي لو استمر السلام مئات السنين خاصة وأن المواجهة بين مصر وإسرائيل لن تكون كما تتصور عسكرية فقط ولن أتوقف عند موازين القوى والتوازن الاستراتيجي والحسابات الشاملة، وإنما أتوقف عند مقومات الدولة المصرية الكبيرة التي نراهن عليها .. لست أيديولوجيا وإنما أكاديميا كتب وخبر ودرس وأشرف علي عشرات الرسائل عن إسرائيل ولا أبالغ في هذا.

وأضاف "نعم أصدقك عندما قلت إن النظام المصري امتنع خلال العقود الأخيرة عن تشجيع إقامة علاقات مع إسرائيل وذلك لحسابات وتقييمات مصرية وطنية، ولعل ما ذكرته أبلغ رد للذين كتبوا وصاغوا رؤي وتحليلات سطحية عن عمق العلاقات، وتعدد مصادر قوتها وللأسف ساهم بعض أشباه الكتاب لدينا في هذا إنها علاقات المصلحة المباشرة التي لن تزيد علي هذا فمصر الرسمية والشعبية معا، لن تكون بوابة لإسرائيل وستظل حائط صد أمام أي محاولات لاختراق المنطقة تحت أي مسمي .. لن يكون هناك عالم عربي إسرائيلي أو عهد للهيمنة الإسرائيلية في الشرق الأوسط في حضور مصر ... هذا ليس كلاما إنشائيا وإنما ترجمة لحسابات شاملة تعلمونها جيدا".

وتابع قائلا: "من قال لك إن الأجيال الشابة في مصر لم تشارك في أي قتال مع إسرائيل؟؟؟ إن القتال العسكري والمواجهة العسكرية انتهي هلي الأقل بناء علي معاهدة السلام لكننا ندرب الشباب خاصة الدارس والواعي والمقبل علي دراسة إسرائيل بقتال من نوع آخر ليس بالجلوس ومصداقة الإسرائيليين علي مواقع التواصل وإنما بإعداد نفسه بمواجهة ثقافية وعلمية وحضارية حقيقية ولا تصدق أن مصر معتلة أو مريضة أو مشوشة كما تتصور وليست ساحة للمواجهة من خلال بعض الأقلام التي تعيش في كهوف الأيديولوجية الماضية فعشرات من شباب مصر الدارس لإسرائيل أصبح يمثل اليوم كتيبة وطنية للمواجهة حيث لا تزال إسرائيل تحظى باهتمام كبير وستظل دولة العدو برغم استقرار وضع السلام كل هذه السنوات".

وأردف "أشير إليك بأنه لم تقل المقالات النقدية والرسوم في إعلام مصر كما تتوهم بل تنامت، ولم تتوقف وأكرر لا تتوقف عند مقالات أيديولوجية هنا أو هناك، توقف عند الدراسات والبحوث والدراسات ورسائل الماجستير والدكتوراه التي يعدها المصريون والفلسطينيون لتعرف ماذا تمثل إسرائيل للأجيال الراهنة في الجامعات والإعلام والمراكز الدراسية وفي أوساط جماهيرية".

وختم فهمي رسالته قائلا "إن إسرائيل مطالبة أن تعيد حساباتها وسياساتها إن أرادت أن تبقى في المنطقة كدولة لها عاصمة وحدود لا أن تظل كل هذه السنوات متنازع علي ما تدعي أنه عاصمتها الأبدية، بل إن إسرائيل ذاتها ستبقى ليست بأكثر من مستوطنة في أرض فلسطين التاريخية، وما لم تبدأ إسرائيل خطوة الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، والقبول بحل الدولتين فإنها ستبقى دولة مذعورة ومنبوذة".