الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

واشنطن تراقب الدب الروسي في الشرق الأوسط بقلق.. موسكو تتقدم لملء فراغ الانسحاب الأمريكي من المنطقة.. وبوتين يريد استنساخ تجربته السورية في ليبيا وأفغانستان

صدى البلد

  • موسكو تنتقم من واشنطن في أفغانستان
  • دعم الجماعات الإسلامية سحر ينقلب على الساحر
  • مصر تحسم مصير نفوذ القوى العظمى في المنطقة

نشرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية تقريرًا رصدت فيه تنامي القلق في الأوساط العسكرية الأمريكية إزاء تنامي النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط، حيث يراقب المسئولين العسكريين الأمريكيين بقلق نشاط روسيا المتزايد في دعم حركة طالبان في أفغانستان والجيش الوطني الليبي، وهو ما يفسره محللون أمريكيون باعتباره محاولة روسية لملء الفراغ الناجم عن إحجام الولايات المتحدة عن التدخل مباشرة في صراعات المنطقة مثل الحربين الأهليتين السورية والليبية.

يقول التقرير إن طموحات الكرملين في الشرق الأوسط قد تجاوزت حدود سوريا، وعلى طول المسافة من أفغانستان إلى ليبيا، يراقب المسئولون العسكريون الأمريكيون بقلق تصاعد وتيرة النشاط العسكري والدبلوماسي الروسي، والذي يرون أن هدفه تقويض مصالح الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) في المنطقة.

تتهم واشنطن موسكو بإرسال وحدات عسكرية لدعم أطراف بعينها في ليبيا، وتوفير غطاء من الشرعية السياسية – وربما تسليم إمدادات – لحركة طالبان في أفغانستان، بجانب تحركاتها العسكرية المعلنة في سوريا لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد ضد سوريا.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال قائد القيادة الأمريكية الوسطى الجنرال جوزيف فوتيل أمام لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي "أرى أنهم [الروس] يحاولون زيادة نفوذهم في هذا الجزء المحوري من العالم".

يضيف التقرير إن قادة ومحللين عسكريين أمريكيين آخرين يرون أن جهود وتحركات موسكو في الشرق الأوسط تستفيد من مناخ الاضطراب المسيطر على المنطقة لإعادة موضعة روسيا كلاعب أساسي فيها.

ويشير التقرير إلى أن علاقات القوى العظمى بمصر تعد عاملًا حاسمًا في تحديد الطرف ذا النفوذ الغالب على المنطقة، حيث كان الاتحاد السوفيتي يدعم بعض الأنظمة المناهضة للغرب في المنطقة، لكن تحولات مهمة مثل التقارب المصري الأمريكي وانهيار الاتحاد السوفيتي أفضت إلى انسحاب عسكري روسي كبير من الشرق الأوسط منذ أوائل التسعينيات.

ويورد التقرير ما قاله عدد من المحللين في هذا الشأن، مثل المحلل العسكري ومدير تحرير جريدة "لونج وار" بيل روجيو، الذي قال إن جهود روسيا هي شكل جديد من "الإمبريالية الروسية المتنامية"، والباحثة بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى آنا بورشيفسكايا، التي قالت إن "تحركات الكرملين تكشف أن أكثر ما يهتم به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو تقسيم وتقويض الغرب.

ويرى المسئولون العسكريون الأمريكيون أن الدعم الروسي الحالي لطالبان هدفه الانتقام من الولايات المتحدة، التي دعمت الجماعات الإسلامية في أفغانستان إبان الغزو السوفيتي لها طوال عقد الثمانينيات، كما يرون أن الروس لم يتعلموا من درس الأمريكيين في أفغانستان، وهو أن الجماعات الإسلامية سرعان ما تنقلب على من دعمها.

من جهتها، تنفي موسكو تمامًا مزاعم واشنطن تلك، حيث قال المسئول بالخارجية الروسية زامير كابولوف "كل هذه ادعاءات خاطئة وقد رددنا عليها مرارًا، ولا داعي لأن نرد عليها مجددًا لأنها خرافات تهدف لتبرير الفشل السياسي والعسكري الأمريكي، ولا يمكننا أن نجد تفسيرًا آخر".

لكن من بين أكثر ما أثار قلق المسئولين الأمريكيين في هذا الصدد انعقاد سلسلة من الاجتماعات في موسكو في ديسمبر الماضي حول مستقبل أفغانستان، ضمت ممثلين من دول مجاورة لأفغانستان ومن طالبان، ولكنها لم تضم أي ممثلين عن الحكومة الأفغانية.

أما في ليبيا، فيقول التقرير إن المخابرات الأمريكية رصدت وحدات عسكرية روسية مكلفة بدعم قائد الجيش الوطني الليبي المهيمن على الجزء الشرقي من البلاد المشير خليفة حفتر، حيث قال قائد القوات الأمريكية في إفريقيا الجنرال توماس والدهاوزر في مؤتمر صحفي الجمعة الماضية "إنهم [الروس] على الأرض ويحاولون التأثير على مجريات الأمور هناك، ونحن نراقب ما يفعلونه بقلق بالغ"، وأضاف "بالإضافة إلى الجانب العسكري، فقد رأينا نشاطًا اقتصاديًا، سواء فيما يتعلق بمبيعات النفط أو السلاح الروسي في ليبيا".

لكن التقرير يلاحظ أنه كما تدعم روسيا حفتر، فقد استضافت فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المنافسة لحفتر والمهيمنة على الجزء الغربي من ليبيا، ويفسر الجنرال والدهاوزر ذلك بالقول إن "روسيا تحاول التدخل في تحديد من سيكون مسئولًا عن حكم ليبيا"، وترغب في استنساخ ما حققته في سوريا في ليبيا، حيث اكتسبت نفوذًا عظيمًا في سوريا كونها المنقذ العسكري للنظام هناك.

ويرى خبراء أن بوتين يستغل ما يراه انسحابًا أمريكيًا من المنطقة متمثلًا في قرار واشنطن عدم التدخل في الحربين الأهليتين السورية والليبية، وهو تلخصة بورشيفسكايا بالقول إن "بوتين يتقدم ليملأ أي فراغ ينشأ عن انسحاب الغرب".