الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مشروع "كلمة" يترجم مغامرات شيلتبرغر وأسفاره

صدى البلد

أصدر مشروع "كلمة" الترجمة العربية لكتاب "مغامرات شيلتبرغر وأسفاره في المشرق العربي والإسلامي 1394-1427 م" للكاتب والرّحّالة الألماني يوهان شيلتبرغر، ترجمة وتعليق د. أحمد إيبش.

قلّما سمع القرّاء المثقفون في عالمنا العربي بكتاب يوهان شيلتبرغر، على الرّغم من أهمّيّته الكبيرة، وصلته المباشرة بتاريخ مشرقنا العربي وعالمنا الإسلامي، وشمول رحلاته التي دعت بعض الباحثين إلى تلقيبه بـ «ماركو پولو الألماني». ترك لنا المؤلّف كتاب مذكّرات شخصيّة، يروي قصّة قضائه في أسر العثمانيين ومن بعدهم المغول لفترة نافت على 32 سنة، طاف فيها بلدانًا عديدة في أوروپا وآسيا وأفريقيا (وبينها مصر والشّام والعراق وجزيرة العرب) بين 1394-1427 م في فترة عصيبة عصفت بها بمشرقنا العربي جائحة المغول في مطلع القرن الخامس عشر للميلاد، فدمّرت ما دمّرت، ونجمت عنها نتائج جسيمة، فأخّرت فتح القسطنطينيّة نصف قرن، وعاصرت بواكير دولة الممالك البُرجيّة في مصر.

في أعقاب معركة نيكوپوليس الفاصلة، عانى شيلتبرغر ربقة الأسر والعبودية طويلًا، غير أنّ ذلك لم يمنعه من أن يترك لنا نصًّا مرجعيًّا ثمينًا، لا غِنى عنه لمن يبحث في تاريخ تلك الفترة ورسوم دولها وأحداث ملوكها. وهو إن كانت تغلب عليه العامّيّة والبساطة، فهذا لا ينفي كونه شاهدَ عيان يمتاز بالعفويّة والصّدق، فصوّر ما رأى وسمع وشهد تصويرًا حيًّا شائقًا وممتعًا، يكمّل ما بين أيدينا من نصوص لمؤرّخين مُسلمين تناولوا أحداث الفترة المذكورة، مثل: نظام الدّين شامي، ابن تَغري بَردي الأتابكي، ابن قاضي شُهبة، ابن عَرَبْشاه، ابن خلدون، ابن الصَّيرفي، الذين استفاضوا برواية أخبار الغازي المغولي تيمورلنك.

ويمكننا القول إنّ ما رواه مؤلّفنا في مذكراته يُعدّ مصدرًا تاريخيًا أصيلًا، لم يقتصر فيه على ذكر مجريات الأحداث السّياسية والحروب التي عاصرها وشهدها، بل تجاوزها إلى رصد العوائد الاجتماعيّة للشّعوب التي عاش في كنفها، فضلًا عن طبائعها الثقافيّة والدّينيّة. وإن كان أصاب في أشياء، وأخطأ أو ارتكز على الأقاويل في أشياء أخرى، فهو يبقى مرجعًا مفيدًا في وصف أحوال ذلك العصر.

ولد الكاتب والرّحّالة الألماني يوهان شيلتبرغر في عام 1380 كما يخبرنا بنفسه، لعائلة باڤاريّة نبيلة، لم يتمكّن الباحثون من تحديد موطنها ونسبها بعضهم إلى ميونيخ. غير أنّ الشّائع اليوم لدى الباحثين الألمان أنّه يعود بأصله إلى بلدة هولرن بالقرب من لوهّوف ما بين ميونيخ وفرايزينغ. أمّا تاريخ وفاته فبقي مجهولًا لفترة طويلة رغم اشتهار كتابه، والمتعارف عليه حاليًّا أنه كان بحدود عام 1440 م. عاد إلى ألمانيا من فترة أسره الطّويلة التي دامت 32 عامًا ونيّف في عام 1427 م، بعد أن أمضى فترة الحافة بالأحداث في المشرق، وترك حولها كتابه الثّمين: "مغامرات شيلتبرغر "فغدا واحدًا من فرائد أدب الرّحلات الألماني.

قام بترجمة الكتاب والتعليق عليه د. أحمد إيبش، وهو باحث متخصّص في مجالي التاريخ والفيلولوجيا (قسم النقد النصّي)، وفي الطبوغرافيا التاريخية لجزيرة العرب. درس التاريخ في الجامعة الأميركيّة في بيروت، وتابع دراساته العليا في جامعتي بوغازيجي وأورطا دو في تركية وجامعة فريدريش ألكساندر في ألمانيا. صدرت له بدءًا من عام 1982 عشرات المؤلفات في تاريخ بلاد الشام وآثارها وخططها القديمة، وفي الدراسات النقدية لبعض النصوص الدينية القديمة: إنجيل متّى، التّلمود البابلي، إنجيل بارْنبا. وتولّى منذ عام 2008 تحرير سلسلة لهيئة أبوظبي للسّياحة والثقافة تعنى بترجمة نصوص رحلات الغربيين في العالم العربي، وخاصّة جزيرة العرب، تحت عنوان (روّاد المشرق العربي)، صدر منها حتى الآن قرابة 50 كتابًا. يجيد سبع لغات أجنبيّة، ويترجم عن 14 لغة.