الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"الفدية الخبيثة" يهاجم العالم مجددا.. بوتين اتهم المخابرات الأمريكية بإخراج العفريت من القمقم.. وكييف تعتبره الهجوم الأسوأ في تاريخها

صدى البلد

الفيروس الإلكتروني يجدد هجومه على العالم خلال 46 يومًا
أوكرانيا أبرز ضحايا الهجوم الثاني وكييف تعتبره الهجوم الأسوأ في تاريخها 
"سنودون" كشف العلاقة الخفية بين مخابرات واشنطن والفيروس الإلكتروني 

هاجم مجددا فيروس "واناكراي" الإلكتروني، الذي يعرف بـ"الفدية الخبيثة"، العالم بعد أقل من 46 يوما فقط بين هجمته الأولي في الثاني عشر من مايو الماضي، التى طالت 120 دولة حول العالم. 

وكانت أكبر ضحايا الهجوم الثاني هذه المرة، أوكرانيا، فالهجمات فيها استهدفت بنوكًا تجارية عدة، ومؤسسات رسمية وخاصة، والشركة الموزّعة للكهرباء في البلاد "إيوكرينيرجو"، والشركة الرسمية المصنعة للطائرات "أنتونوف"، والمحطة النووية في مدينة شورنوبيل شمالي البلاد، كما لم ينجُ مطار العاصمة كييف الرئيسي، "بوريسبيل"، الذي أعلن أن تأخيرا قد يصيب بعض الرحلات، وحتى شبكة الإنترنت التي تستخدمها الحكومة لم تعد متوافرة، وفق نائب رئيس الوزراء الأوكراني. 

فيما حمل مستشار وزير الداخلية الأوكراني، روسيا مسئولية الهجمات الإلكترونية، ووصفها بالأسوأ في تاريخ البلاد، مشيرا إلى أن محاولات الخرق الإلكتروني تستخدم نسخةً معدّلة من فيروس "واناكراي"، وهي النسخة، التي منعت أكثر من مائتي ألف حاسوب عن العمل في العالم.

لكنّ روسيا نفسَها وقعت ضحية الهجوم، إذ أعلنت عملاقة النفط الروسي، شركة "روزنيفت"، أنها تعرضت لمحاولة اختراق إلكتروني تسبب في حجب موقعها الإلكتروني، كما أن المصرف المركزي الروسي أعلن تعرض أجهزة الكمبيوتر في بنوك روسية لهجمات إلكترونية، وفي ألمانيا، وقعت شركات ضحية الهجوم العالمي، ودعت برلين مواطنيها للإبلاغ عن أي مشكلات إلكترونية، وعدم الرد على طلباتِ دفع المال، وكذلك، في فرنسا، عانت شركة الشحن "إي بي مولر ميرسك"، انقطاعا في نظامها الإلكتروني، وفي بريطانيا، تعرضت وكالة إعلانات WPP لهجوم مماثل، مما حجب موقعها عن شبكة الإنترنت، وفي النرويج، أعلنت سلطة الأمن القومي، أن هجومًا إلكترونيًا ينتشر في البلاد، أصاب شركةً دولية لم يعلن اسمها.

وحول العالم، انتقل الفيروس، ليضرب في الولايات المتحدة إحدى أكبر شركات الأدوية في العالم، ميرك، كما أعلنت وزارة الأمن القومي أنها تتابع التقارير وتنسق مع الشركاء الدوليين والمحليين، لمواجهة الهجمات الإلكترونية.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد، الشهر الماضي، أن الولايات المتحدة كانت مصدر فيروس "الفدية"، الذي هاجم مؤسسات حكومية في العديد من دول العالم، ودعا إلى بحث مسائل أمن الإنترنت على المستوى السياسي، وقال بوتين في مؤتمر صحفي عقد في بكين في ختام زيارته إلى الصين، "لقد اقترحنا على شركائنا الأمريكيين في العام الماضي دراسة قضية الأمن في المجال الإلكتروني وحتى توقيع اتفاقية بين حكومتينا بهذا الشأن.. وللأسف، رفض اقتراحنا.. ثم أعلنت الإدارة السابقة أنها مستعدة للعودة إلى اقتراحنا هذا، إلا أن أي شيء لم يتحقق على أرض الواقع".

وأكد الرئيس الروسي أن الهجمات الإلكترونية لم تلحق أضرارا كبيرة بالمؤسسات الروسية، إلا أن الوضع عموما يثير قلقه، قائلا: "فيما يتعلق بمصدر هذه الأخطار، فإن قيادة "مايكروسوفت" أعلنت صراحة أن المصدر الأولي لهذا الفيروس يتمثل في استخبارات الولايات المتحدة، وروسيا بريئة من ذلك تماما. ومن الغريب أن أسمع أي شيء آخر في هذه الظروف".

وقال بوتين إن "العفاريت التي أطلقت من مثل هذا القمقم، خاصة هؤلاء الذين تصنعهم الاستخبارات، يمكن لهم أن يلحقوا أضرارا بصانعيهم، ولذلك يجب بحث هذه القضية بشكل عاجل على المستوى السياسي الجاد وإنشاء نظام للدفاع ضد مثل هذه الحوادث".

وكانت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قالت إن هذه القرصنة أعادت من جديد جدلا قديما بشأن مخاطر وكالات الاستخبارات مثل وكالة الأمن القومي الأمريكي التي تقوم بجمع واستخدام أخطاء البرمجة لأغراض التجسس بدلا من إبلاغ الشركات المنتجة للبرمجيات بهذه الأخطاء فورا لإصلاحها، وشرحت الصحيفة أن ما حدث هو أن وكالة الأمن القومي اكتشفت خللا في أحد برامج مايكروسوفت والذي أتاح للقراصنة أن يشنوا هجومهم. 

وكانت الوكالة قد أبلغت مايكروسوفت بعد اكتشاف انتهاك لأمن أجهزتها في أغسطس الماضي، وقامت مايكروسوفت بإصلاح الخلل في مارس الماضي، قبل أن تنشره مجموعة تسمي نفسها شيدو بروكرز″ على الإنترنت علنا في أبريل الماضي، ولم يعمم إداريو مايكروسوفت إصلاح الخلل على كل الحواسيب التي تستخدم البرنامج، الأمر الذي ترك كثيرا منها عرضة للهجمات، ولم تتضح بعد الجهة التي تقف وراء الهجوم واسع النطاق الذي قال عنه خبراء إنها المرة الأولى المعروفة التي يستخدم فيها هاكرز أدوات وكالة الأمن القومي الأمريكي التي نشرتها شيدو بروكرز″. 

وقد أدهشت سرعة ونطاق انتشار الخلل كثيرا من الخبراء، وقال كبير الإستراتيجيين لشركة فلاشبوينت الأمريكية، كريس كاماشيو، وهي شركة لاستخبارات الإنترنت، إنها واحدة من أوسع الحملات العالمية التي تتم، وإنها المرة الأولى التي تستخدم فيها دودة انتزاع الفدية، ويسمى البرنامج الذي يستخدمه الهاكرز واناديكريبت أو آر 2.0″ ويبدو أنه يدعم 28 لغة، الأمر الذي يؤكد طموحات المهاجمين. 

وذكرت صحيفة بوليتيكو الأمريكية، أن الهاكرز استخدموا في هذه الهجمات البرامج التي استخدمتها وكالة الأمن القومي الأمريكية على شكل واسع، وفقا للعميل السابق للوكالة، إدوارد سنودون.

وكتب سنودون مغردًا عبر تويتر أمس: قرار وكالة الأمن القومي الأمريكية صناعة وسائل هجوم ضد البرمجيات الأمريكية يهدد حاليا حياة المرضى في المستشفيات. 

وحث سنودن الكونجرس الأمريكي للتحقق من درجة ضعف أنظمة التشغيل المستخدمة في المستشفيات في الولايات المتحدة، على خلفية الهجمات على المرافق الطبية في بريطانيا، وأكدت شركة مايكروسوفت أنها قامت بتحديث أنظمة تشغيل ويندوز″ ومضاد للفيروسات المجاني الخاص بها، لتوفر بذلك للمستخدمين حماية من الفيروس المشفر.