الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الهجرة النبوية دروس وعبر.. البحوث الإسلامية : صار المجتمع الفاضل بها واقع.. وهاشم: النبي عرفها منذ أول الوحي..وذكراها دعوة لتقوية الصلة بالله

صدى البلد

  • عمر هاشم:
  • الحكمة من الهجرة أن الدعاة والعلماء عليهم بذل أقصى ما في وسعهم خدمة لهذا الدين
  • محمد زكي:
  • ذكرى الهجرة دعوة لتقوية الصلة بالله والتضحية لتحقيق الهدف
  • رمضان عبد المعز:
  • استقبال العام الهجري الجديد بأحب الأعمال إلى الله


اليوم هو بداية عام هجري جديد، فيختلط على الناس أمر الهجرة النبوية وبداية السنة الهجرية، وحاول «صدى البلد» بحث موضوع الهجرة النبوية من حيث توقيتها وعلم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بها وخطواتها، وأجوائها. وكيف كان النبي الكريم يستقبل العام الهجري الجديد

توقيت معرفة النبي بأمر الهجرة

يقول الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن النبي (صلى الله عليه وسلم) عرف بأمر هجرته إلى المدينة قبلها بزمن بعيد، حيث علم بها منذ أول إطلالة للوحي.

وأوضح «هاشم»، أن "الرسول (صلى الله عليه وسلم)، في أول إطلالة للوحي وأول آية "اقرأ" يعود مرتعدًا للسيدة خديجة وتذهب به إلى ورقة بن نوفل ويقول له "هذا هو الناموس الذي نزله الله على موسى، ليتني أكون حيًا إذ يُخرجك قومك"، هذا منذ زمن بعيد سبق الهجرة".

وأضاف أنه (صلى الله عليه وسلم) كان يعلم من الوهلة الأولى أنه سيُهاجر حين كانت الإطلالة الأولى للوحي، وتمر الأيام والأعوام ويأتي الوقت الذي يستطلع فيه الناس في أرض الهجرة بصيص النور، ويهرولون في بيعة العقبة الأولى والثانية، وتمضي الأعوام ويأتي وقت الهجرة، ويدعو الرسول (صلى الله عليه وسلم) المسلمين عندما أطلعه الله على دار هجرته وأراه إياها في المنام.

وتابع: "فأخبرهم (صلى الله عليه وسلم): أريت دار هجرتكم.. أرض ذات نخل فمن شاء أن يخرج فليخرج، وليهاجر"، مشيرًا إلى أن هذا يعني وجود إعداد من رب العزة لهذه الهجرة إلى يثرب التي سُميت بعد ذلك "الطيبة" و"المدينة المنورة برسول الله (صلى الله عليه وسلم)".

الحكمة من هجرة النبي إلى المدينة

وكشف «عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف»، عن الحكمة من هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وخروجه من مكة إلى المدينة، موضحًا أنه كان في وسع الله وهو على كل شيء قدير، أن ينقل النبي -صلى الله عليه وسلم- في الهجرة كما نقله في ليلة الإسراء والمعراج، ولكن لله حكمة في ذلك، وهي أن يكون أتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الرواد والمصلحون والدعاة والعلماء على سُنته ومنواله في بذل أقصى ما في الوسع الإنساني، من أجل إحقاق الحق وإبطال الباطل.

وفصل: "ليبذلوا ما شاء الله من معاناة وتحمل فى نُصرة هذا الدين ، وليتعلم الأجيال عبر عصور الحياة وإلى أن يرث الأرض ومن عليها، أن المصلحين والدعاة والعلماء يجب عليهم أن يبذلوا أقصى ما في وسعهم خدمة لهذا الدين، فشاء الله سبحانه وتعالى أن تكون الهجرة على هذا النحو المحفوف بالمخاطر المهولة".

كيف كان النبي يستقبل العام الهجري

قال الدكتور رمضان عبد المعز من علماء الأزهر الشريف أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستقبل العام الهجري الجديد بقوله اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق الى ما تحب وترضى.

وأضاف عبد المعز في تصريح له أن الرسول الكريم كان شديد التفاؤل وكان ينصح أصحابه بالتفاؤل بداية كل شهر وليس في شهر محرم فقط بقوله : " تفائلوا بالخير تجدوه" وكان يقول صلى الله عليه وسلم "الحمد لله الذي ذهب بشهر ذي الحجة وأتى بشهر المحرم" .

وأوضح أنه يجب على كل مسلم ان يستقبل العام الهجري الجديد بأحب الأعمال إلى الله تعالى حيث سئل النبي عن ذلك فقال: " الصوم أحب الاعمال الى الله فلا عدل له " أي لا مثيل له . لافتا الى ان شهر المحرم من الأشهر الحرم ويستحب فيها الصيام لقول النبي في حديث أبو هريرة: " أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد المفروضة قيام الليل" .

وطالب الداعية الإسلامي المسلمين صيام أيام الاثنين والخميس ويوم عاشوراء الموافق 10 محرم لأنه صيامه يكفر ذنوب سنة ويستحب ان يصوم قبله يوم تاسوعاء.

الهجرة النبوية لم تكن في المحرم

قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت في شهر ربيع الأول ولم تكن في «المُحرم»، موضحًا أن المصريين يحتفلون في شهر المحرم ببداية التقويم الهجري الجديد، ويضمون اسم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاحتفالات بقولهم «الهجرة النبوية» تعظيمًا له لأنه عليه -الصلاة والسلام- هو من قام بالهجرة.

وذكر «المفكر الإسلامي»، إلى أن أول من أرخ التاريخ الهجري سيدنا عمر بن الخطاب، وجعل هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة في 12 ربيع الأول، مرجعًا لأول سنة فيه، وهذا هو سبب تسميته التقويم الهجري.

ونوه بأن التقويم الهجري مركز أساسًا على الميقات القمري الذي أمر الله تعالى في القرآن باتباعه، كما قال تعالى «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ». سورة التوبة: 36.

وأضاف أن الأشهر الأربعة الحرم هي أشهر قمرية «رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم»، ولأن الله تعالى نعتها بالدين القيم فقد حرص أئمة المسلمين منذ بداية الأمة أن لا يعملوا إلا به، رغم أن التقويم أنشئ في عهد المسلمين إلاّ أن أسماء الأشهر والتقويم القمري كان تستخدم منذ أيام الجاهلية، أول يوم هذا التقويم الجمعة 1 محرم سنة 1ه.

الإيثار أحد دروس الهجرة النبوية

وأشار الدكتور عبد الفتاح إدريس، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أن الهجرة النبوية تتضمن الكثير من الدروس والعبر، التي يمكن الاستفادة منها فى وقتنا الحالى، مؤكدًا أن حب المسلمين للإسلام، وتفانيهم فى سبيل دينهم هو أحد الدروس المستفادة من الهجرة النبوية الشريفة، منوهًا بأن «صهيب الرومى»، هو أحد الصحابة الذين تركوا مالهم، وتنازل عنه بالكامل لقريش حتى يخلوا سبيله للهجرة إلى المدينة.

كما أفاد بأن أهم ما يستفاد من الهجرة النبوية أيضًا هو إيثار النبى (صلى الله عليه وسلم) الناس على نفسه، مستشهدًا بأنه لما أراد (صلى الله عليه وسلم) أن يحلب شاة أم معبد الخزاعية أعطاها الإناء أولًا لتشرب ثم أعطاه لأبى بكر ثم أعطاه لعبد الله بن أريقط ثم شرب النبى (صلى الله عليه وسلم) بعد ذلك، لافتًا إلى أن «أم معبد» و«عبد الله بن أريقط» كانا كافرين، ورغم ذلك فقد آثرهما النبى على نفسه.

وأكمل: والهجرة النبوية كانت تهدف لإقامة دولة تحكم بشرع الله ويسود فيها الإسلام فى جميع جوانب الحياة بداية من وثيقة المدينة إلى المعاملات والأخلاقيات الحميدة التى كانوا يمارسونها فى مدينة رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

دور الهجرة النبوية في بناء المجتمع

وقال الشيخ محمد زكي، الأمين العام للجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر، إنَّ الهجرة النبوية كان لها دور عظيم في بناء المجتمع المسلم على القيم الفاضلة، والمثُل العليا، وأنَّ هذه الذكرى العطرة تدعونا جميعًا إلى تقوية الصلة بالله والتضحية والإيثار من أجل تحقيق الهدف.

ولفت إلى أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ضرب أروع الأمثلة في التعايش مع أصحاب الديانات الأخرى، مُذكِّرًا بقول الله تعالى: " لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ".

وأوضح أنه يجب تقوية روابط الأخوة في الأوطان، ومواجهة التحديات المعاصرة، والاستفادة من العلم وزيادة الإنتاج، والتعاون ونشر التسامح والسلام بين النَّاس، وسد حاجة الفقراء مستشهدًا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- " مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَان وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ".

وأكد أنَّ الأمة بحاجة مُلحَّة إلى الاستفادة من دروس الهجرة النبوية، مشيرًا إلى أنَّ المسلمين الأوائل صنعوا تاريخًا مشرفًا مع رسولنا الكريم، وهو ما يوجب على الأجيال الحالية استلهام روح آبائهم وأجدادهم لتقديم نموذج حضاري متميز من خلال العلوم الدينية والدنيوية واستخدام التكنولوجيا الحديثة والتَّماشي مع روح العصر.