الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"لافارج".. كلمة السر في صعود وسقوط "داعش" في سوريا.. مصنع العملاقة الفرنسية بالقرب من الرقة دفع 20 ألف دولار شهريا للتنظيم مقابل تصريحاته

صدى البلد

تحقيقات النيابة الفرنسية:
لافارج دفعت أموالا لتنظيم داعش
الشركة عينت رجلا سوريا على علاقة بداعش من أجل تسهيل المبيعات وتنقل العمال
الشركة الفرنسية قبلت بحمل موظفيها لتصريحات تحرك عليها ختم داعش
مصنع لافارج بالقرب من دمشق تحول لقاعدة استخباراتية للاستخبارات السورية
الأسد زرع عملاء في المصنع من أجل أن يكون له أعين خلف خطوط داعش

كشف تحقيق لإذاعة فرنسا "فرانسا إنتر" أن شركة لافارج العملاقة للأسمنت قامت من خلال مصنعها في سوريا بدفع أموال لتنظيم داعش، بل وإعطاء التنظيم وثائق تضم أسماء العاملين، وتبادل بيانات وخطابات مع التنظيم الإرهابي في سوريا بأختام تحمل شعاره.

التحقيق يكشف كيف أصبح هذا المصنع أيضا، نقطة استراتيجية هامة للاستخبارات الفرنسية وكذلك استخبارات نظام الرئيس الأسد في حربه ضد تنظيم داعش، إذ أنه كان بمثابة عينهما داخل المنطقة التي يسيطر عليها داعش، والتي خدمت خلال فترة استعادة مدينة الرقة.

واطلعت الإذاعة على التحقيقات التي تجريها السلطات الفرنسية مع شركة لافارج وتورطها في دفع أموال لتنظيم داعش والتي ساعدت في تقوية شوكة التنظيم الإرهابي.

وبحسب التحقيقات، فإن الشركة العملاقة اشترت في 2008 مصنعا ضخما في منطقة جلابية، بالقرب من مدينة الرقة، التي أصبحت عاصمة تنظيم داعش، ومع اندلاع الحرب الأهلية في سوريا فأن غالبية الشركات الأجنبية غادرت سوريا، وجاء عام 2012 لتغادر باقي الشركات ولم يبقى سوى مستثمر أجنبي واحد في سوريا، وهي شركة "لافراج"، التي تضم مصنع يوفر دخل لحوالي 5000 شخص.

لماذا بقت لافارج في سوريا رغم الحرب


توضح التحقيقات أن الشركة أنفقت الكثير من الأموال على موقع الأسمنت، وقرر قياداتها بعدم مغادرة هذا المصنع.

كما أن لافارج كانت تفكر في المستقبل، وهو بعد انتهاء الحرب ستكون البلد بحاجة لإعادة البناء، وسوف يكون لمصنع الشركة نصيب الأسد في هذه العملية.

فخلال التحقيقات، يوضح برونو بسكو، المدير العام لـ "لافارج سوريا":" نعتقد أنه حينما ينتهي كل شيء، فإن مصنعنا سوفي يكون قادرا على توفير الأسمنت اللازم لإعادة البناء".

وأمام هذا، فعلى لافراج أن تقبل بدفع الأموال للمليشيات المسلحة:" لقد كنا اقتصاد في منطقة حرب، مع جماعات مسلحة ونحن لا نمتلك أي سلاح، فإما القبول بشروط اللعبة أو مغادرة البلاد"، يعلق كريستيان أيرو، المدير المساعد للمجموعة العملاقة الفرنسية.

تعيين وكلاء سريين يخدمون مصالح الشركة في سوريا

وأمام هذا الوضع، قامت الشركة بتعيين فراس تلاس، هو أبن أحد القيادات الهامة في سوريا، رجل الأعمال هذا كانت نافذا في جميع القطاعات، من أعلى الدبلوماسيين وحتى الجماعات المتمردة الأكثر تطرفا.

منحت الشركة لفراس تلاس مهمة المستشار الأمني للشركة، حيث يكمن دوره في تأمين الطرق بالتفاوض مع الجماعات المسلحة، براتب شهري 75 ألف دولار بالإضافة إلى موازنة أخرى له تحت اسم "بقشيش".

تلفت التحقيقات إلى أن شركة لافارج وضعت موازنة تصل إلى 100 آلف دولار فقط للتعامل مع المليشات المسلحة بمختلف أشكالها بداية من الجيش السوري الحر والقوات الكردية والجماعات الإسلامية وغيرها.

وتكشف شهادة كريستيان إيرو أن لافراج قبلت دفع أموال لجهاديين.

تلفت التحقيقات، إلى أن 10% من نسبة الانتاجية في المصنع الكبير خصص لهذه العملية، وهو تحييد الجماعات الجهادية والمسلحة.

تبين التحقيقات أن فراس تلاس تباحث مع الفصائل المسلحة وصرف لهم عمولة مالية من أجل عدم إثارة مضايقة موظفي وعمال المصنع على مختلف نقاط الأمن التي ينبغي عبورها.

غير أن المستفيد الأكبر من هذه العمولات كان داعش، الذي كان يتقاضي وحده 20 ألف دولار فقط من أجل تصريحات عبور العمال للمصنع.

في عام 2014، قدم داعش طلب إلى الشركة لتسليمه وثائق باسماء العمال في المصنع من أجل تحديد هويتهم، وقام فراس بارسال برد إلى المسئول الفرنسي جاء فيه:" داعش يريد قائمة بموظفينا ببطاقات هويتهم من أجل احصائهم والسماح لهم بالمرور من أجل الوصول للمصنع".

ويبين المحققون أن الموظفين في الشركة الفرنسية كانوا يحملون تصريحات عبور رسمية من داعش عليها ختم التنظيم الإرهابي.

غير أن الشركة الفرنسية قالت أن هذا حدث لفترة مؤقتة في حين قال أخرين فيها أنهم لم يكونوا على علم بذلك.

توضح التحقيقات أن الشركة أيضا دفعت فدية من أجل استرجاع موظفين اختطفوا، ففي نهاية 2012، اختطف 9 موظفين كانوا في طريقهم إلى المصنع، ودفعت لافراج فدية بقيمة 200 آلف دولار من أجل إطلاق سراحهم.

التحقيقات أثبتت أيضا بعد ذلك أن الشركة رفضت اخلاء المصنع وطالبت العمال بالاستمرار في العمل في الوقت الذي شهدت مدينة الرقة حرب شرسة حينما سيطر تنظيم داعش عليها وأعلنها عاصمة لخلافته.

توضح التحقيقات أنه في 20 سبتمبر 2014 أي في بداية دولته، قام داعش بالهجوم على المصنع، وتمكن العمال الموجودين من الهرب بصعوبة، وقرر بعض الموظفين ملاحقة الشركة الفرنسية التي لم توفر لهم الحماية واستغلتهم في ظروف صعبة.

حصان طروادة لأجهزة الاستخبارات الفرنسية


تكشف التحقيقات القضائية الفرنسية أيضا أن أجهزة الاستخبارات الفرنسية عملت أيضا على بقاء المصنع وعدم مغادرة الشركة الفرنسية من أجل أن يصبح بمثابة عينها في المنطقة التي تسيطر عليها داعش.

وأشارت التحقيقات إلى أن المصنع المملوك للشركة شكل مصلحة استراتيجية هامة للاستخبارات الفرنسية التي تغاضت عن العلاقات الاقتصادية بين لافراج والتنظيم الإرهابي مقابل أن يكون لها عين في هذه المنطقة الهامة.

عين لنظام الرئيس بشار الأسد


الأغرب الذي تكشفه التحقيقات أن الرئيس بشار الأسد يمتلك حصة سرية من مصنع لافارج، وشكل له نقطة استراتيجية أن يستمر في التواجد داخل أراضي داعش.

وتبين التحقيقات أن الخارجية الفرنسية كانت على علم بأن النظام السوري لديه عملاء في المجلس الإداري لهذا المصنع.