الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بالصور..الحصري يكشف تأثير القبطية على إحياء اللغة المصرية القديمة

صدى البلد

كشف د.محمود حامد الحصري مدرس اللغة المصرية القديمة أن اللغة المصرية القديمة كتبت بأربعة خطوط هي الهيروغليفية والهيراطيقية والديمقوطية والقبطية،وهى خطوط لم تظهر كلها في وقت واحد وإنما طبقا للتطورات الزمنية التي مرت بها مصر،وهذا يعبر عن النضج الفكري للإنسان المصري القديم.

الحصري أجري دراسة عن تأثير القبطية على إحياء اللغة المصرية القديمة،وجاء فيها أن المصري القديم أدرك أن متطلبات الحياة قد تتطلب أن يكون هناك تطورًا وتنوعًا في الأداة المعبرة عن اللغة، وبما أن الخط الهيروغليفي هو خط العلامات الكاملة وأقدم الخطوط المصرية وأطولها عمرًا وأكثرها وضوحًا وجمالًا،لجأ المصري في بعض المراحل الزمنية لتبسيطه ممثلا في الخط الهيراطيقي،وقام بتبسيط آخر له ممثلا في الخط الديموطيقى،ثم بعد ذلك حلت القبطية.

وقال أن الخط الهيروغليفي هو الخط الأولي الذي استخدمه المصري القديم عندما بدأ تعلم الكتابة،وقد اشتقت كلمة هيروغليفي من الكلمتين اليونانيتين هيروس وجلوﭬس وتعنيان الكتابة المقدسة،إشارة إلى أنها كانت تكتب على جدران الأماكن المقدسة كالمعابد والمقابر،والخط الهيراطيقي هو تبسيط للخط الهيروغليفي أو بمعنى آخر اختصار له.

وأشار إلي أن الهيراطيقي خط متشابك استخدم في كتابة الوثائق القانونية وفى مجال الأعمال الدنيوية حتى نهاية الدولة الحديثة،حيث أن الخط الهيروغليفي وهو خط العلامات الكاملة لا يتناسب مع طبيعة النصوص الدنيوية،والتي ازدادت بازدياد حركة الحياة والتي تطلبت خطًا سريعًا،كما تطلبت مواد كتابة لا يصلح معها إلا الخط السريع مثل البردي والأوستراكا الفخارية"الشقافة".

وكشف أنه بظهور الكتابة الديموطيقية حوالي 800 ق.م فقدت الهيراطيقية قوتها،وحلت محلها الكتابة الديموطيقية وهي الخط الشعبي الذي استخدم في العصر المتأخر،واشتق مسمى هذا الخط من الكلمة اليونانية ديموس،والنسب منها ديموتيكوس أي شعبي،ولا يعنى هذا المسمى الربط بين الخط وبين الطبقات الشعبية في مصر،وإنما هو خط المعاملات اليومية ويمكن أن يقارن بخط الرقعة بالنسبة للغة العربية.

وفيما يتعلق بالكتابة القبطية،قال أن الفينيقيين أخذوا أبجديتهم من المصرية القديمة لتشكل بذلك جذور اللغة اليونانية،وعندما دخل اليونانيين مصر نشروا اللغة والثقافة اليونانية وأصبحت هي السائدة في البلاد،واضطر المصري القديم حينها أن يبحث عن خط يسهل له وسيلة التفاهم معهم،فاختار الأبجدية اليونانية لتعبر عن أصوات اللغة المصرية،وأضاف إليها سبع علامات من الديموطيقية وليس لها ما يقابلها من الناحية الصوتية في اليونانية.

وتابع:وبذلك تعد القبطية هي المرحلة الأخيرة من مراحل اللغة المصرية القديمة،وكلمة قبطي المشتقة من الكلمة اليونانية "ايجوبتى"تعنى مصري،إشارة إلى المواطن الذي عاش على أرض مصر والكتابة التي عبرت عن لغته في هذه المرحلة،ولأن القبطية هي الصدى الأخير للمصرية القديمة،وبدخول المسيحية مصر وتولى "بنتينوس"رئاسة مدرسة إسكندرية اللاهوتية عام181م،قام بكتابة حياة المسيح باللغة المصرية الديموطيقية بحروف يونانية،وكانت هذه الخطوة هي نواة لغة جديدة وضعها "بنتينوس"عرفت باللغة القبطية.

وكشف الحصري أنواع اللهجات القبطية،مشيرا إلي أنه قد اصطلح كل جماعة على لهجة خاصة تميزهم في كلامهم عن غيرهم،حيث قَسَّم العلماء لهجات القبطية في بادئ الأمر إلى ثلاث لهجات هي البحيرية والصعيدية والفيومية،ثم قسموها بعد ذلك إلى خمس لهجات هى البحيرية والصعيدية والبشموريين أو البشامرة والفيومية والأخميمية،وبعد مرحلة إحياء الكتابات القبطية للغة المصرية القديمة المندثرة،بدأت القبطية تظهر بوضوح علي الكثير من الآثار في ذلك الوقت،وهو ما يسمي بالعصر البيزنطي الذي ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالديانة المسيحية.

وقال أنه بذلك ظهر تأثير الكتابات القبطية علي الآثار،ومنها أيقونة تُصوِّر السيد المسيح جالسًا على عرش المجد وحوله الرموز التي تشير إلى الأناجيل الأربعة،ووجه الإنسان الذي يشير إلى إنجيل "متَّى"، ووجه الأسد الذي يشير إلى إنجيل "مرقس"،ووجه الثور يشير الذي إلى إنجيل "لوقا"،ووجه النسر الذي يشير إلى إنجيل "يوحنا".

ويمسك السيد المسيح كتابًا مفتوحًا،وكتب الرسَّام بالمداد الأحمر أعلى رأس السيد المسيح عبارة "عوَّض يا رب من له تعب"،رُسمت الأيقونة بيد الفنانين إبراهيم ويوحنا الأرميني،ويعود تاريخها للقرن الثامن عشر الميلادي،وأصل كلمة أيقونة في اليونانية القديمة كلمة"إيكون"وتعني"الصورة المرسومة"،لكن يحدد هذا الاسم عن غيره من الرسومات الجداريَّة في أن الأيقونة لابد أن تُرسم على لوحات خشبية،أن تكون عبارة عن بورتريه شخصي أو موضوع بشري.


وهناك أيضا ختم مستطيل ذو مقبضين من الخشب يرجع للقرن الثالث عشر إلى الرابع عشر الميلادي عليه حروف قبطية نفذت بالنحت الغائر،وحامل إنجيل (منجلية) من الخشب ترجع للقرن الثامن عشر الميلادي يوضع فوقه الكتاب المقدس وكتب طقسية أخرى،بغرض القراءة الجزء الأوسط يمكن ضبطه بسهولة طبقًا لطول القارئ،واستخدم الجزء السفلي عادةً كصندوق لحفظ الكتب والآلات الموسيقية المستخدمة في الخدمات الدينية مثل الصنجات وآلة المثلث الموسيقية.

وفي دراسته كشف الحصري دور القبطية في فك رموز حجر رشيد،حيث استعان بعض العلماء بما توصل به عالم ألماني في القرن السابع عشر هو"الأب كريشر"،من أن اللغة القبطية هي نفسها المصرية القديمة التي كان يتحدث بها المصريون,لكنها مكتوبة بحروف يونانية وبعض الديموطيقية,وبذلك تمكن العلماء من عقد مقارنة بين نطق الكلمات والجمل المكتوبة بالديموطيقية والنطق طبقًا للدلالات الصوتية للغة القبطية.

كما لاحظ العلماء أن أسماء الملوك مكتوبة داخل "خراطيش"،أما النص المكتوب بالخط الهيروغليفي كان صعب نطقه, و فهم ألغازه ورموزه،أول من استخدم اللغة القبطية في حل رموز اللغة المصرية القديمة هو العالم السويدى "جوهان ديفيد أكربلاد Johann David Akerblad" عام 1802.