الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأدوية المغشوشة والاحتكار وغياب آلية للتسعير.. تحديات تضرب صناعة الدواء فى مقتل.. خبراء: لدينا فرص واعدة للنمو.. والحل يأتى من الحكومة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

  • " الوكيل": الاستثمارات الأجنبية تستحوذ على 65% من سوق الدواء فى مصر
  • ضرورة تيسير وتعجيل إجراءات التسجيل والإفراج عن المواد الخام
  • دعم إجراء الدراسات الحيوية الخاصة بتأكيد فعالية المستحضر الطبى وإنشاء معامل حيوية
  • تشجيع التصدير وإعادة النظر فى السياسة التصديرية عن طريق دعم القطاع
  • دراسة: "كيان وطنى" وصياغة سياسة لإتاحة الدواء لكل من يحتاجه وبالسعر المناسب
  • "شعبة الدواء": فصل الدواء عن "الصحة" و تدخل الدولة لمنح التراخيص مطلب مهم
  • "خبير": جزء أساسى من خطة الإنقاذ يتوقف على دعم ومساندة شركات قطاع الأعمال

على الرغم من امتلاك مصر قاعدة من الموارد والكفاءات البشرية وكليات الصيدلة التى يبلغ عددها نحو 20 كلية صيدلة ونحو 123 مصنعا لإنتاج الدواء، بخلاف غرفة لصناعة وتجارة الدواء واستثمارات تتخطى حاجز الـ 120 مليار جنيه، إلا أن هذه الصناعة لم تتمكن حتى الآن من تحقيق التنافسية والطفرة التى تتناسب مع هذه الإمكانيات.

وقد تباينت وجهات نظر خبراء ورجال أعمال حول التحديات والأسباب التى تواجه صناعة الدواء ما بين سياسات التسجيل وصعوبة إجراءات الإفراج عن الخامات المستوردة التى تهدد عشرات المصانع بالإغلاق، وتنامى مسألة الأدوية المغشوشة والمهربة، علاوة على التشابك الموجود فى ملف الدواء بين وزارة الصناعة والصحة وسط مطالب بوضع تسعيرة بيع دواء عادلة للمساعدة فى التصنيع.

وأوضح الخبراء أن مديونيات شركات قطاع الأعمال العاملة فى قطاع صناعة الدواء لدى الحكومة تبلغ نحو 700 مليون جنيه، وأن هناك 50 مصنعًا حديث الإنشاء مهددة بالإغلاق نتيجة سياسات التسجيل وصعوبة إجراءات الإفراج عن الخامات المستوردة، كما طالبوا بضرورة دعم البحث العلمى وقطاع البحوث وتحصيص ميزانية معتبرة للبحث العلمى فى الجامعات والمراكز البحثة المختلفة.

وشددوا على ضروة إيجاد حلول للتحديات التى تواجه صناعة الدواء فى مقدمتها تسعير الأدوية، وأشاروا إلى توقف العديد من المصانع عن إنتاج أدوية أصبحت تكلفتها أعلى من سعر بيعها ويضطر المواطن الآن لشراء البديل المستورد بعشرات أضعاف السعر المحلى، لذا فإعادة التسعير فى صالح المستهلك قبل أن تكون فى صالح المنتج، وذلك فى إطار آليات السوق وطبقًا للدستور.

استثمارات أجنبية
فى البداية يؤكد أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف المصرية، أن حجم استثمارات صناعة الدواء فى مصر يبلغ نحو 120 مليار جنيه من خلال 123 مصنعًا، وتضم الصناعة أكثر من 300 ألف عامل مباشر ويستحوذ الاستثمار الأجنبى على 40% من استثمارات القطاع وعلى 65% من قيمة سوق الدواء فى مصر.

وشدد على أهمية التصدى الحازم للأدوية المغشوشة والمهربة وتفعيل منظومة التأمين الصحى كآلية لتخطى زيادة أسعار الأدوية وإنشاء هيئة عليا للدواء تشرف على القرارات المهمة فى هذا الشأن، وتبحث بحرفية آليات حل المشكلات الطارئة كارتفاع الأسعار واختفاء الأنواع التى يتوقف عليها حياة عشرات المرضى.

وقال الوكيل إن صناعة الدواء فى مصر تطورت بشكل كبير، حيث كان عدد مصانع الأدوية فى مصر عام 1960 لا يتجاوز 5 مصانع منها مصنعان حكوميان هما مصنع شركة مصر للمستحضرات الدوائية ومصنع شركة "ممفيس" وثلاث شركات عالمية هى "فايزر وهوكست الشرقية "افينتس" وسويس فارما (نوفارتس)"، لتصبح مصر الآن أكبر منتج للدواء فى المنطقة العربية والأفريقية بل وفى الشرق الأوسط.

وأوضح أن الشركات العالمية العاملة فى مصر تسهم بما قيمته 65% من إجمالى قيمة سوق الدواء فى مصر، وذلك من خلال الإنتاج المباشر فى مصانعها بمصر بنسبة 30% أو من خلال عقود تصنيع مع شركات قطاع الأعمال والقطاع الاستثمارى والخاص بنسبة 35%، فيما تبلغ صادرات مصر من الدواء 9.1 مليار جنيه بينما تستورد 7.12 مليار جنيه، حيث تغطى الصناعة 93% من الاستهلاك المحلى ولديها فائض فى الإنتاج يتراوح من 10 إلى أكثر من 50% فى بعض المصانع مع عدم استغلال بعض طاقات الأقسام كاملة فى عدد من المصانع، وذلك رغم معدلات النمو العالية فى استهلاك الدواء داخليًا.

وأضاف أن التوقعات تشير إلى أن ارتفاع قيمة العجز فى الميزان التجارى للأدوية بحلول عام 2018 بنحو 3.24 مليار جنيه تعادل 6.123% عن عام 2013؛ ويأتى ذلك نتيجة لزيادة قيمة الواردات التى لم يقابلها زيادة مماثلة فى قيمة الصادرات، ويبلغ متوسط نسبة المواد الخام المصنعة محليًا من 15 إلى 20% فقط ما يجعل أسعار العملات وتكاليف الشحن وأسعار مدخلات الإنتاج المستوردة عاملًا مؤثرًا على اقتصاديات الصناعة.

وأكد الوكيل ضرورة تيسير وتعجيل إجراءات التسجيل والإفراج عن المواد الخام، خاصة للشركات الصغيرة وكذلك تطوير البحث العلمى، خاصة فى مجال الدواء، حيث إن نسبة الإنفاق على البحث والتطوير من الناتج المحلى الإجمالى فى مصر بلغت 2.0% مقارنة بتونس حيث بلغت فيها 1.1%، وفى الأردن 4.0%، بينما ترتفع فى الدول المتقدمة لتصل النسبة إلى 4.3%، فى كل من اليابان وكوريا ووصلت أعلاها فى إسرائيل لتبلغ 3.4%.

وشدد على أهمية دعم إجراء الدراسات الحيوية الخاصة بتأكيد فعالية المستحضر الطبى وإنشاء معامل حيوية مصرية ودعم إجراء الدراسات الحيوية الخاصة بتأكيد فعالية المستحضر الطبى وإنشاء معامل حيوية مصرية معتمدة معترف بها عالميًا لإصدار شهادات معتمدة لبدء الإنتاج يقوم منتجو الأدوية بإجرائها فى معامل معتمدة خارج مصر بمبالغ كبيرة تصل إلى 100 ألف دولار عن كل دواء ما يزيد من الفاتورة الإنتاجية التى يتكبدها المنتجون.

وطالب الوكيل بضرورة تشجيع التصدير وإعادة النظر فى السياسة التصديرية عن طريق دعم صناعة الدواء للتصدير والمنافسة فى الأسواق الخارجية المختلفة وتقدم الدعم السياسى لتسجيل منتجات الأدوية بالأسواق الخارجية، حيث تأتى مصر فى المرتبة 51 بين دول العالم وبنسبة 1.0% من إجمالى صادرات العالم تسبقها فى الترتيب جنوب أفريقيا ولاتفيا ولوكسمبورج ويليها فى الترتيب قبرص والسعودية وماليزيا.

وقال إن الأردن تتقدم على الدول العربية لتأتى فى المرتبة 39 بين دول العالم والأولى عربيًا من حيث صادرات الدواء، تليها مصر فى المرتبة الثانية، فيما تحتل الجزائر المرتبة 106 عالميًا والمرتبة 15 عربيًا، أما إسرائيل فتحل بالمرتبة 17 بين دول العالم بنسبة 1.2% من إجمالى صادرات الدواء فى العالم.

فصل الدواء عن "الصحة"
واتفق الدكتور على عوف، رئيس شعبة الدواء بالغرف التجارية، مع الرأى الذى يطالب بضرورة فصل ملف الدواء عن وزارة الصحة، مشيرا إلى أنه على الرغم من جهود الدكتور أحمد عماد، وزير الصحة، لتطوير المستشفيات الحكومية ولكن ملف الدواء منسى من الوزارة، وعلى الدولة التدخل لمنح التراخيص ووضع تسعيرة بيع دواء عادلة للمساعدة على تصنيع الدواء فى مصر.

وقال عوف إن مستقبل صناعة الدواء فى قانون التأمين الصحى غير واضح ولا يوجد فيه مستقبل للدواء خلال الـ15 سنة المقبلة، مشيدًا بمجهود الحكومة فى مشروع التأمين الصحى ولكن مستقبل صناعة الدواء والصيادلة فيه غير موجود ويحتاج القانون إلى المراجعة.

وطالب رئاسة الجمهورية بالتدخل لدعم شباب قطاع الدواء، مشيرًا إلى أن وزارة الصحة محبطة للشباب فى هذا القطاع، والأمر يحتاج إلى تدخل الرئاسة لدعم شباب قطاع الدواء، خاصة أن هناك مصانع تحت الإنشاء فى الصعيد يمتلكها شباب متوقفون عن العمل.

أما الدكتور علي عبد الله، مدير مركز الدراسات الدوائية، فأكد أن أدوية شركات قطاع الأعمال تعاني من مأساة، وأن صناعة الدواء أمامها تحديات إقليمية وعالمية.

وأوضح عبد الله أن مصر كانت تصدر لعدد من الدول أدوية منها ليبيا والسودان واليمن والعراق، لافتا إلى أن تلك الدول تقدمت في صناعة الدواء وبدأت مصر تعاني من تغول الصناعة العربية والإسرائيلية على الدواء المصري.

وقال إن الدول العربية والخليجية التي تصدر لنا أدوية تحصل على مزايا في التسجيل والتسعير، لافتا إلى أن الأردن وغيرها من الدول أصبح لديها صناعات دوائية ومصر لديها عجز في الميزان التجاري الغذائي بنسبة 1.7 مليار جنيه.

وأشار إلى وجود معوقات محلية منها منافسة الشركات العابرة للقارات، حيث تستحوذ على أكثر من 60% من السوق المحلية.

وأضاف عبد الله أن النصف الأول من 2017، مثلت فيه شركات قطاع الأعمال 3% من السوق المحلية، لافتا إلى أنه حصلت قفزة في صناعة الدواء المصرية في صالح القطاع الخاص وليس قطاع الأعمال.

حقوق الملكية الفكرية
وأشار إلى أن مصر من أكبر الدول في المنطقة من حيث استهلاك الدواء والأقل في البيع، لافتا إلى أن غياب الشفافية والأدوية المغشوشة والمهربة التي تقدر بـ 5 مليارات جنيه في السوق إضافة إلى حقوق الملكية الفكرية وطرق تسجيل وتسعير الأدوية أهم معوقات صناعة الدواء، مؤكدا وجود تحالفات وتكتلات بين شركات عالمية ومحلية من أجل زيادة الاحتكار للسوق.

وأكد الدكتور مجدى مرشد، أمين عام ائتلاف دعم مصر، أن وجود هيئة عليا للدواء تمثل أحد أهم الحلول لإنقاذ الدواء فى مصر، مشيرا إلى أنه لا سبيل لإنقاذ سوق الدواء المصرية إلا بالدعم والمساندة الكاملة لإعادة شركات قطاع الأعمال مرة أخرى.

وقال "مرشد": "الفترة الأخيرة شهدت إعداد أكثر من مشروع قانون لإنشاء هيئة الدواء المصرية، وتم بالفعل رفعها لمجلس النواب وأعتقد أنها جاهزة للمناقشة فى الجلسة العامة وتتطرق لكل ما يخص الدواء بما فيها تعديل سعر الدواء وتحديثه".

وأضاف أمين الائتلاف أن الشركات تخسر ولا بد من تجديد إدارتها، كما أن تسعيرة أدوية شركات قطاع الأعمال أسعار سياسية ثابتة منذ عام 1995، متابعا: "مستحيل هذه الشركات تتنافس إلا إذا تم عمل تسعيرة جديدة لها، وهناك أكثر من 6 آلاف نوع دواء متداول لا بد من إعادة تسعيرها مرة أخرى".
 
دراسة مهمة
فى السياق ذاته، حددت دارسة مهمة صادرة عن معهد التخطيط القومى عددا من المحاور لضمان تحقيق نقلة نوعية على مستوى صناعة الدواء فى مقدمتها التوصل إلى صياغة لسياسة دوائية تستهدف تضمن إتاحة الدواء لكل من يحتاجه وبالسعر المناسب، مع مراعاة تقسيم المواطنين إلى شرائح اجتماعية – اقتصادية وحسب مواقعهم الجغرافية.

وأوضحت الدراسة أن النهوض بهذا القطاع الحيوى يتطلب بناء نظام كفء للرعاية الصحية وهو مكمل للسياسة الدوائية، علاوة على اتخاذ ما يلزم لاستنهاض الصناعة الدوائية المصرية، من خلال تطوير هذه الصناعة، بحيث يتم تأهيلها للابتكار وللارتقاء فى التسويق وفى البحوث وفى إنشاء التحالفات (التكتلات) الاستراتيجية التى تحقق ذلك.

وأوصت دراسة معهد التخطيط القومى بإنشاء كيان دوائى وطنى يختص بإدارة جميع شئون الدواء فى مصر، أى إدارة السياسة الدوائية والصناعة الدوائية فى آن واحد، ويمكن أن يسمى هذا الكيان "المجلس الأعلى للدواء" ويمثل المستوى الأعلى بخصوص شئون الدواء، سواء ما يكون منها داخل الحكومة أو خارج الحكومة ويكون مسئولًا عن ربط الفعل الدوائى بالفكر الدوائى، بأعلى مستوى ممكن.