الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى تنصيبه الأولى.. «ترامب» يفشل في مهمة ربان السفينة الأمريكية.. واشنطن الخاسر الأكبر بعد انهيار جسر العلاقات الدولية.. وتوقعات بسياسات شديدة التقلب في عامه الثاني

صدى البلد

رؤية تحليلية لكاتب أمريكي تكشف الرئيس الأمريكي في عامه الأول:
- ترامب خسر حلفاءه وزاد من أعدائه
- همش قيمة الدبلوماسية الأمريكية فى القضايا الأكثر حساسية
- إدارته تتبع سياسة خارجية تتعارض مع معتقداته الشخصية
- أقحم أمريكا في حرب مع كوريا الشمالية ومنافسة خاسرة مع الصين وفقد حلف الناتو
- عادى روسيا ببيع أسلحة دفاعية فتاكة إلى أوكرانيا
- إعلان القدس عاصمة لإسرائيل زاد من عداءات واشنطن
- أحاط نفسه بمستشارين لم يشاركوا في جدول أعماله القومي
- تفضيلات الرئاسة في واد وسياسة الولايات المتحدة في واد آخر

هناك الكثير من الأشياء الغريبة في السنة الأولى من رئاسة دونالد ترامب، للولايات المتحدة الأمريكية، ولكن واحدة من الأغرب هي المسافة الواسعة التي فرقت بين الرئيس وبين فريقه بسبب سياساته وإدارته.

ووفقا لمقال للكاتب الأمريكي «هال براندز» على موقع «بيزنس انسايدر» الأمريكي، يرى الكاتب أن رؤساء الولايات المتحدة ربما لا يلتقون في طرقهم على كامل نطاق السياسة الخارجية التي تواجه إداراتهم، على الرغم من أنهم يميلون إلى الوصول إلى القضايا التي يهتمون بها.

ويضيف الكاتب، قائلا: لكن كما أناقش في كتابي الجديد، «الاستراتيجية الأمريكية الكبرى في عصر ترامب» إذ أن المعتقدات الجيوسياسية الأساسية لهذا الرئيس والسياسة الخارجية المنفذة باسمه ظهرت في عدة حالات متغيرة بـ 180 درجة.

ويتابع «براندز» شارحا ما تناوله كتابه، قائلا: إنه من الواضح أن الرئيس أخفق في شراكته مع حلف الناتو، كما يعتقد أن حماية الحلفاء الأوروبيين هي في الحقيقة أمر خداع، إذ أن إدارته استمرت بل وسعت جهودها لتعزيز الردع على طول الجناح الشرقي للناتو.

وعلى جانب آخر، يلفت الكاتب الامريكي إلى أن ترامب دعا مرارا إلى إقامة علاقة جديدة مع روسيا، إلا أن إدارته قررت الآن بيع أسلحة دفاعية قاتلة إلى أوكرانيا، قائلا إنها تتخذ خطوات أولية لتطوير نظام تسليم نووي متوسط ​​المدى أرضي لمواجهة الانتهاكات الروسية للوسيط - معاهدة القوات النووية.

وبالمثل، لم يبد الرئيس نفسه اهتماما كبيرا بمواجهة الصين على تصرفاتها فى بحر الصين الجنوبى، كما انه حلفاء حلفاء الولايات المتحدة فى منطقة اسيا الباسفيك مثل استراليا.

ويشير المقال المنشور على «بيزنس انسايدر» ان الإدارة الامريكية قد نفذت بالفعل نظاما لعمليات حرية الملاحة أكثر تعقيدا مما فعلته إدارة أوباما، كما عملت على إحياء ما يسمى بالحوار الرباعي بين أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة - وتعزيز التعاون مع هذه البلدان.

وفيما يتعلق بكوريا الشمالية، استبعد ترامب مرارا وتكرارا قيمة الدبلوماسية، حتى مع قيام إدارته - بناء على جهد بدأ في إطار خطة سابقه باراك أوباما - بحملة مكثفة لعزل هذا النظام ومعاقبته، ربما تمهيدا للمفاوضات.

وعلى اثر كل ذلك، اعترف الرئيس ترامب بانه كان متشككا للغاية فى مواصلة المهمة العسكرية الامريكية فى افغانستان، ناهيك عن زيادتها، ولكن هذا ما قرر القيام به فى اغسطس بعد عدة اشهر من المناقشات.

وفي هذه الحالات وغيرها، يقول ترامب أو يبدو أنه يعتقد شيئا واحدا، والسياسة الأمريكية تفعل شيئا أخر.

ويشير الكاتب الامريكي إلى ان الصراع داخل البيت الامريكي انتقل إلى سياسات محددة واستشهد بمثالين آخران من الشهر الماضي يوضحان هذا الاتجاه.

قال إنه في ديسمبر 2017، أصدرت الإدارة استراتيجية الأمن القومي التي ازدهرت في عهد ترامب ونسبت اليه لكنها لم تكن بعيدة جدا عما قد تكون معظم الإدارات الجمهورية الاخرى قد رسم سياساتها - ترامب وحده لإعطاء مجموعة من الاشياء المختلطة المثيرة، تحت عنوان «أمريكا أولا» بإعلان عدد من الحلفاء، والتعاون مع الخصوم، وفقا للموقع الامريكي

وأثيرت تساؤلات حول ما إذا كان الرئيس قد قرأ بالفعل أو حتى تم إطلاعه بشكل كامل على بيان استراتيجيته الخاصة.

ويشير الموقع الامريكي إلى أنه قبل الاحتفال بعيد الميلاد تماما، كتب روب بيرشينسكي، المساعد الحكومي في حكومة الظل الامريكية، ان الإدارة كشفت النقاب عن مجموعة جديدة قوية من العقوبات العالمية واستخدمتها؛ لمعاقبة منتهكي حقوق الإنسان المشتبه بهم - على الرغم من حقيقة أن ترامب ذاته هو رئيس موالي للسلطة لا يقبل الجدل، وهو ما يعتبر عرضا مزعجا لفكرة أن أمريكا يجب أن تسعى إلى النهوض بحقوق الإنسان والديمقراطية في الخارج.

وتشير إلى انه خلال العام التالي لولايته ربما تتواصل قائمة هذه القضايا، وقد تنمو بشكل جيد خلال العام المقبل.

ومن الأسئلة الرئيسية التي أثارها المقال هي: لماذا ظهرت مثل هذه التناقضات الصارخة بين رؤية الرئيس وسياساته؟ وكيف ينبغي لنا تقييم هذا الوضع؟

ويواصل الكاتب: بمجرد أن أحاط ترامب نفسه بشكل كبير بالمستشارين الذين لم يشاركوا في جدول أعماله القومي الضيق - كما كان ذلك أمر محتملا، فبالنظر إلى عدد قليل ممن بأيديهم السياسة الخارجية وممن اشتركوا في جدول الأعمال الامريكي- يتأكد أن تفضيلات الرئاسة وسياسة الولايات المتحدة تتباعدان حول بعض القضايا ولاسيما المصيرية.

وبالنظر إلى عدم وجود معرفة لدى ترامب وميله إلى تفويض صناع القرار، كان من المؤكد أن هذه الديناميكية ستكون أكثر وضوحا.

ومما لا شك فيه أن هناك حالات أفيد فيها بأن ترامب قد ألغى جبهة موحدة لمستشاريه الأمنيين القوميين - ومنها على سبيل المثال اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، مؤكدة ان عدد قليل من الرؤساء يمكنهم القيام بذلك مرارا وتكرارا.

وقال الكاتب انه على مستوى للقضايا التي يتحد فيها مستشاريه في معارضة تفضيلاته، فإنه ليس من المستغرب أن السياسة الأمريكية غالبا ما تبدو أكثر تقليدية مما كان يفضله ترامب، والتي تعاني من القيود الخارجية - ومعظمها من الكونجرس - اذ أن ترامب يواجه قضايا مثل روسيا والتحالفات الأمريكية.

ويطرح «براندز» تساؤلا ثانيا، وهو ما إذا كانت هذه الحالة ستطمئن الشعب الامريكي أم ستشعره بالقلق.

ويرد الكاتب أن مستشاري ترامب أثبتوا بالفعل القدرة على سحبه مرة أخرى نحو التيار الرئيسي في بعض القضايا الرئيسية، وهذا يعني أن التغييرات في السياسة الخارجية الأمريكية في ظل الإدارة الحالية لم تكن شديدة كما يخشى بعض المراقبين في البداية.

ويضيف الكاتب: بصراحة، فإن الوضع الذي نعيشه الآن في الولايات المتحدة غريب جدا، ولكنه أفضل بكثير مما لو كانت الحرفة الأمريكية في الواقع انعكاسا مخلصا تماما لنقد ترامب اللاذع وأفكاره السيئة الكارثية.

وبطبيعة الحال، فإن بعض السياسات التي اتبعتها إدارة ترامب كانت مثيرة للجدل في حد ذاتها - بدءا من البحث عن صاروخ إنف المدى واتخاذ قرار لتسليح أوكرانيا مجرد مثالين.

ويستطرد: لكن من قبيل إعطاء الائتمان حيث يستحق الائتمان، فقد فعلت الإدارة عددا من الأشياء التي كان سيتم الترحيب من قبل العديد من أعضاء مؤسسة السياسة الخارجية، لو قام بها رئيس آخر.

ويفند الكاتب الاسباب الاخري التي قد تبقي الامريكان اقل تفاؤلا في عام ترامب الثاني، قائلا: «تعكس سياسة ترامب بصدق وجهة نظره حول عدد من القضايا الرئيسية - التجارة والشراكة عبر المحيط الهادئ، واعلانه انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقات باريس المناخ، وغيرها - وتأثير ذلك على موقف أمريكا العالمي

وعلاوة على ذلك، حتى لو كانت أفكار ترامب والكلمات لا تترجم دائما مباشرة إلى السياسة، فإنها يمكن ألا تزال تضر كثيرا بالحكم الأمريكي.

وأضاف انه عندما يدافع رئيس الولايات المتحدة عن نوع من القوميات التي تعبر عن كره للأجانب، وعندما يثني الديمقراطية وحقوق الإنسان، عندما يخرق ويسيء استعمال الحلفاء، فإنه لا يمكن أن يكون له تأثير لا مفر منه على الطريقة التي ينظر بها إلى الولايات المتحدة ويتفاعل معها في العالم .

وتابع: إن رد الفعل العالمي الأخير على وصفه دولا باعينها بـ «الحثالة» - الذي يذكر كيف بدا ترامب كـ متخصص في ازدراء العالم من داخل البيت الأبيض.

ويردف الكاتب في مقاله: لا يكفي أن نقول، كما قال بعض المراقبين الجمهوريين، إن على الولايات المتحدة أن تهتم ببساطة بالسياسة وتتجاهل الوسط المحيط، لأن ذلك أمر بالغ الأهمية عندما تتحدث عن رئيس الولايات المتحدة

أما عن القلق إزاء الفجوة بين الرئيس والسياسة، فقال «براندز» أن السياسة الأمريكية من المرجح أن تكون متقلبة جدا في السنوات المقبلة، كما توقع أن تكون تلك التقلبات مستمرة؛ حيث أن وجهات نظر الرئيس ترامب تسحب السياسة الأمريكية إلى طريق واحد، في الوقت الذي يسير فيه مستشاروه في طريق أخرى

ويستعرض الكاتب أخيرا ما قاله مسؤولون أوروبيون مرارا وتكرارا في صيغ مختلفة عن سياسة ترامب: أن 80 في المئة من الامريكان يشعرون بان علاقاتهم مع واشنطن تبدو طبيعية نوعا ما، ولكن 20 في المئة أخرين يتساءلون كيف ارتكبت أمريكا أمرا كتعيين ترامب رئيسا، وهذا أمر بالغ الصعوبة لأن دور الولايات المتحدة في العالم يتوقف على اعتبار أمريكا جهة فاعلة يمكن الاعتماد عليها أساسا، بل ويمكن التنبؤ بها.

ويختتم بأن النظام الدولي يعتمد على مصداقية الالتزامات الأمريكية وشركائها الذين لديهم قدر أدنى من الثقة بأنهم ليسوا مضطرين إلى تخمين كيف سترد أمريكا إذا كان أمنهم مهددا، ومن ثم، فإن الوضع الذي لا يبدو أن الرئيس الامريكي يثق فيه بسبب سياسته الخارجية هو نفسه مشوب بالمشاكل، وينبغي أن يكون الشعب الامريكي على دراية مؤكدة بأن سياسات ترامب كثيرا ما تتباعدت عن أفضلياته الخطيرة - وأيضا أن هذا الاختلاف محفوف بمخاطر خاصة به.