الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل تصبح أفريقيا مصنع العالم للإنتاج الرخيص؟

صدى البلد

على ضوء ما يرصده المراقبون من ارتفاع تكلفة "صنع فى الصين"، والتوقعات باختفاء 85 مليون وظيفة من الصين لتتوطن فى أنحاء أخرى من العالم خاصة فى أفريقيا، ثارت تساؤلات حول ما إذا كانت الفرصة سانحة أمام أفريقيا لتصبح بدورها مصنع العالم بعد تخلى الصين عن قطاعات صناعية معينة.

وذكرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية أنه على خلفية الثورة الصينية الجديدة فى الإنتاج الصناعى، فإن اقتصادها بات بحاجة إلى الابتعاد عن الصناعات التحويلية منخفضة التكلفة إلى الخدمات والمنتجات ذات القيمة المضافة المرتفعة، خاصة مع استمرار نمو الأجور فى الصين من 10 إلى 12٪ سنويا منذ ما يقرب من عشرين عاما، وهو ما يعنى أن القدرة التنافسية للصين مهددة.

وأوضحت الصحيفة فى تقرير نشرته حول مستقبل الصناعة فى أفريقيا جنوب الصحراء أن قطاعات مثل المواصلات والمنسوجات وقطع غيار السيارات فى الصين يجرى إنتاجها وتسويقها من خلال دائرة مقاولات من الباطن مع دول جوار الصين، وأن تلك الدائرة بدأت تتسع شيئا فشيئا لتشمل أفريقيا.

من جانبه، رصد موقع "هافينجتون بوست" الإخبارى الأمريكى أن ما لا يقل عن 85 مليون وظيفة ستختفى من الصين فى السنوات المقبلة، مشيرا إلى أن أفريقيا، على الرغم من ضعفها الهيكلى، تستطيع أن تاخذ نصيبا لا بأس به من هذه الوظائف.

وضرب الموقع الأمريكى مثلا بإثيوبيا ذات العمالة الأرخص أجرا مقارنة بالصين، مشيرا إلى أن إثيوبيا تعد بلدا واعدا فى صناعة الملابس والأحذية، وبالمقارنة مع بلدان شرق آسيا، فإن العمالة الإثيوبية أقل تأهيلا، فضلا عن أن بنيتها التحتية أقل تطورا ولكن أجر العمالة المنخفض هو الذى رجح كفتها ودفع الصينيين إلى إقامة العديد من الفروع لشركاتهم هناك، وخير مثال على ذلك هو افتتاح فرع لشركة "هوا جيان" العملاقة فى صناعة الأحذية فى أديس أبابا ويعمل فى هذا الفرع حوالى 4000 إثيوبى.

فى السياق ذاته، ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن الموقع المتميز لإثيوبيا فى منطقة القرن الأفريقى دفع الصين إلى الاستثمار هناك، وقد وصل عدد الشركات الصينية العاملة فى إثيوبيا إلى حوالى 279 شركة يقدر رأسمالها بحوالى 491 مليون يورو على مدى السنوات الخمس الماضية وفى غضون عشرين عاما بلغ إجمالى الاستثمارات الصينية ما يزيد على 3.4 مليار يورو، الأمر الذى أدى إلى خلق ما يقرب من 111000 وظيفة.

غير أن الصحيفة نبهت إلى أن إثيوبيا ليست هى كل أفريقيا وأنها بلد زراعى فى المقام الأول، مشيرة إلى أن معدل التنمية الصناعية في أفريقيا يسير ببطء شديد باستثناء المغرب العربى الذي يثبت وجوده يوميا فى صناعة السيارات الأوروبية.

وأضافت أن أفريقيا قد تكون يوما ما مصنع العالم، ولكن هذا اليوم ليس غدا، واستطردت قائلة إنه برغم التوقعات السابقة، فإن الحالة الإثيوبية لا تنطبق كثيرا على جميع بلدان أفريقيا جنوب الصحراء من حيث رخص اليد العاملة مقارنة بالصين، وعلى الرغم من ذلك تظل الصين فى صدارة المشهد كأقوى مصدر للمنتجات منخفضة السعر مما يصعب محاربتها، لأن غزو المنتجات الصينية قد يقضى على كل محاولات التنمية الصناعية.

ويظهر هذا التهديد بوضوح عندما أقدمت شركة "لاجازيل" الناشئة في بوركينا فاسو على تصنيع مصباح شمسى يحمل علامة "صنع فى بوركينا" بتكلفة تصل إلى 33 يورو، فى حين أن مثيله المصنوع فى الصين يباع بـ 5 يوروهات، ما أثر بالسلب على مبيعات الشركة البوركينية.

-