الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مفتي الجمهورية: نعاني من حالة تشويه غير عادية ضد الإسلام بعد 11 سبتمبر

الدكتور شوقي علام
الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية

قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية: "أصبحنا نعاني من حالة استعداء وتشويه غير عادية ضد الإسلام تشنها كثير من وسائل الإعلام الموجهة وتمارسها، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وما أعقبها من أحداث إرهابية في الشرق والغرب".

وأضاف "علام"، في كلمته الرئيسية التي ألقاها بمؤتمر "مكافحة التطرُّف" في العاصمة الباكستانية "إسلام آباد"، أنه "بغض النظر عن نيات هذه الوسائل الإعلامية، فعلينا أن نعترف أن كثيرًا من التنظيمات الإرهابية المجرمة التي تنسب نفسها زورًا وبهتانًا إلى الإسلام قد مارست بحق هؤلاء من أعمال إرهاب وقتل ما لا يرضى عنه الإسلام البتة، ومهما تبرأنا من هؤلاء ومن أفكارهم ومهما استنكرنا أفعالهم فإننا نظل ملزمين أدبيًّا وأخلاقيًّا ودينيًّا تجاه العالم أجمع بأن نصحح ما ألصقوه بالإسلام من كذب ومغالطات".

وأشار المفتي إلى أنه لم يعد بوسعنا إلا أن نتفاعل مع الناس فنجيب عن الأسئلة ونرد على الشبهات بما سجلته خبرتنا التاريخية وبما تعلمناه وتدربنا عليه في القديم والحديث، وبما حفظناه وحافظنا عليه من الأصول والقواعد، التي منها: أن الدين منه الثوابت التي لا تتغير ومنه ما يجب أن يراعي الزمان والمكان والأشخاص والأحوال، ومنها أن الإسلام أكبر من أي مذهب أو توجه سياسي أو حزبي، بالإضافة إلى أن الجانب الأخلاقي جزء أساسي من ديننا تناوله ثلثا نصوص الشرع الشريف وراعاه الثلث الباقي.

وأوضح في كلمته أن الركن الثاني الذي ينادينا هو واقعنا الذي جمع بين سماوات مفتوحة وانتشار غير مسبوق للتواصل، خصوصًا عبر ما يعرف بوسائل التواصل الاجتماعي ومسارعة كثير من المتطرفين لاستغلال هذا الواقع لمصلحتهم وأغراضهم.

وأكد المفتي أنه من أجل كل ذلك فإن دار الإفتاء المصرية أسرعت في اتخاذ حزمة من الإجراءات التي تجدد الوسائل بعد تجديد المقاصد، فتوسعت دار الإفتاء المصرية ــ من وقت مبكر ــ في استخدام وسائل التواصل المعاصر عبر اللغات الحية في العالم حتى وصل الخطاب إلى ما يقارب ثمانية ملايين مخاطب، إلى جانب الرحلات الخارجية لي ولعلماء الدار لبيان الصورة المشرقة للدين والرد على الشبهات.

وأشار إلى أن الدار أنشأت كذلك كيانًا جامعًا مقرُّه القاهرة بمقر دار الإفتاء وهو الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، ليكون وصلًا حقيقيًّا جامعًا بين المعنيين المؤهلين بأمر الفتوى في العالم، فاجتمعوا وتشاوروا، وكان أول ما ظهر من مشكلات الخطاب الإسلامي هو مشكلات الأقليات الإسلامية.

وتابع: "المجتمعَ العالميَّ تأذَّى كثيرًا من الآثارِ السَّلبيةِ التدميريةِ التي تسببتْ عنها موجةُ الفتاوى المضللةِ المنحرفةِ التي تصدرُ عنْ أشخاصٍ وجهاتٍ غيرِ مسئولةٍ وغيرِ مؤهلةٍ، فلا يخفي عليكم أن السنواتِ الأخيرةَ شهدت موجةً غيرَ مسبوقةٍ من التكفيرِ والعنفِ والإرهابِ في العالم كله، عانينا منها في مصر وواجهناها بكلِّ قوةٍ وعزيمةٍ وشرفٍ سواء على المستوى العلمي الذي تقومُ به المؤسساتُ الدينيةُ كالأزهرِ الشريفِ ودارِ الإفتاءِ المصريةِ، أو على المستوى الأمني الذي تقومُ به القواتُ المسلحةُ المصرية الباسلةُ وكذلك رجالُ الشرطةِ الشرفاءُ. ولقد بذلت مصرُ -ولا زالت- من دماءِ أبنائها الشهداءِ ما سوف يحفظه التاريخُ في صحائفَ من نورٍ".

وأكد أنه من الأهمية بمكان أن ندرك حقيقة أن الإرهاب ليس موجهًا لشخص بعينه أو لجهاز أمني بمفرده، بل الإرهاب موجَّه للمجتمع بأسره يريد تدميره وإشاعة الفوضى والرعب بين أفراده، مشيرًا إلى أنه لا بد من تكاتف كل أطياف المجتمع في مواجهة التشدد والتطرف والإرهاب، وهو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة والانتصار على الإرهاب.

وأوضح: "علينا ونحن نسير نحو القضاء على الإرهاب -بإذن الله- أن نخوض المعركة الكبرى والأهم في صناعة مستقبل ووطن لا تنشط فيه خلايا التطرف والإرهاب من جديد، فعلينا أن نؤسس لثورة فكرية ودينية تقضي على جذور سرطان الإرهاب وبقاياه المعششة في العقول جراء الخطاب الديني المتشدد، علينا أن نصنع مستقبلًا دينيًّا أشبه بالماضي العريق وحضارته الراقية حيث انفتح المسلمون على آفاق العلوم والحضارة البشرية واستفادوا منها وأفادوها، وشغلوا أنفسهم ببناء الحضارة وترسيخ قيم الجمال وتشييد معالم العمران في جميع مناحي الحياة".

واختتم المفتي كلمته برسالة وجهها إلى أهل العلم وحراس الدين بقوله: "يَنبغي عَلَى أهلِ العلمِ وحرَّاسِ الدِّينِ والعقيدةِ أنْ يَعلموا أنَّهمْ عَلى ثَغْرٍ عظيمٍ مِنْ ثُغُورِ الإسلامِ، أَلَا وَهُوَ ثَغْرُ تَصحيحِ المفاهيمِ المَغلوطةِ وَصَدِّ الأفكارِ المتطرفةِ ونشرِ قِيَمِ الدِّينِ الصحيحةِ السمحةِ، وَجِهادُنَا فِي مَيْدَانِ المعركةِ لا يَنفكُّ لحظةً عنْ جِهادِنَا في مَيْدَانِ الفقهِ والفِكْرِ".