الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عاش هنا يوثق غوص عمار الشريعى فى بحر النغم.. وكواليس ضياع فرصة عمله مع أم كلثوم بسبب سائق تاكسي

صدى البلد

فى محافظة القاهرة وتحديدًا في 19 ش محمود فهمى – خلف قصر محمد على - تقاطع ش محمود فهمى مع شارع أحمد طلبة باشا – المنيل القاهرة، عاش الملحن الراحل عمار الشريعى، الذى وثق جهاز التنسيق الحضارى منزله، من خلال وضع لافتة على باب العقار، توضح تاريخ الميلاد: 16 /04 /1948 مكان الميلاد: سمالوط، وتاريخ الوفاة 07 /12 /2012.

يأتى ذلك فى إطار مواصلة مشروع "عاش هنا"، أحد أهم المشروعات التي يشرف عليها جهاز التنسيق الحضاري التابع لوزارة الثقافة، جهوده في توثيق المباني والأماكن التي عاش فيها الفنانون والسينمائيون وأشهر الكتاب والموسيقيين والشعراء وأهم الفنانين التشكيليين والشخصيات التاريخية، التي ساهمت في إثراء الحركة الثقافية والفنية في مصر عبر تاريخ مصر الحديث.

اسمه بالكامل عمار علي إبراهيم علي الشريعي، ولد في 16 أبريل عام 1948 بمدينة سمالوط في محافظة المنيا، لعائلة تعدّ من أصول عائلة هوارة بالصعيد.

حفظ 5 أجزاء من القرآن الكريم في طفولته، حصل على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية بجامعة عين شمس عام ١٩٧٠، كما درس التأليف الموسيقي بالمراسلة في مدرسة هادلي سكول الأمريكية لتعليم المكفوفين، إلى جانب التحاقه بالأكاديمية الملكية البريطانية للموسيقى.

أجاد العزف على أكثر من آلة موسيقية "البيانو، الأورج، العود، والأكورديون"، بدأ حياته العملية عام 1970 م عقب تخرجه في الجامعة مباشرةً كعازف لآلة الأكورديون في عدد من الفرق الموسيقية التي كانت منتشرة في مصر آنذاك، ثم تحول إلى الأورج حيث بزغ نجمه فيها كأحد أبرع عازفي جيله، واعتبر نموذجًا جديدًا في تحدى الإعاقة نظرًا لصعوبة وتعقيد هذه الآلة واعتمادها بدرجة كبيرة على الإبصار.

قدم أول ألحانه عام 1975، وكان لأغنية بعنوان "امسكوا الخشب" للمطربة مها صبري، والتي حققت نجاحًا كبيرًا، وساهمت في لفت الأنظار إليه كمؤلف موسيقي واعد، لم تقتصر مواهب عمار الشريعى على الموسيقى فحسب، بل إنه كان سباحًا محترفًا .

وضع الموسيقى التصويرية لعدد كبير من الأعمال الفنية (السينمائية- التليفزيونية- والمسرحية)، ومنها: "أحلام هند وكاميليا"، "البريء"، "كل هذا الحب"، "الصبر في الملاحات"، "منزل العائلة المسمومة"، "لا تسألني من أنا"، "أبناء وقتلة"، "الرحايا حجر القلوب"، "شمس الأنصاري"، "أميرة في عابدين"، و"أوبرا عايدة"، وكون فرقة الأصدقاء عام 1980، وكانت تضم منى عبدالغني، حنان وعلاء عبدالخالق، واهتم باكتشاف بالمواهب الفنية الشابة وكان أبرزها آمال ماهر.

عُرف "عمار الشريعي" بأنه أشهر عُزاب مصر، حتى تزوج من السيدة ميرفت القفاص وأنجبا ابنهما مراد، وحاز على العديد من الجوائز والأوسمة من دول العالم.

وحكى عمار الشريعى فى حوار سابق قبل وفاته عن موقف أضاع منه فرصة العمل مع كوكب الشرق، وقال: "كان العازف أحمد الحفناوي صديق والدي، وأخبره أن مجدي الحسيني عازف الأورج الشهير اعتذر عن حفل أم كلثوم القادم، الذي ستغني فيه أغنيتها ليلة حب".

وأضاف: "رشحني الحفناوي لكوكب الشرق فوافقت، فتوترت للغاية وشعرت بسعادة بالغة، ومشاعر متضاربة، وكنت وقتها أعمل عازف أوكرديون في فرقة الراقصة زيزي مصطفى".

وتابع: "قررت الاعتذار لها، فأخذت تاكسي وذهبت لزيزي لأخبرها ما حدث، وطلبت من سائق التاكسي انتظاري، وتركت الأورج في السيارة، وحينما أخبرت زيزي بعملي مع أم كلثوم أطلقت زغاريد ابتهاجا بالخبر، وقررت عمل شربات بمناسبة الخبر السعيد، نزلت لقيت الراجل مشي وسرق الأورج اللي كان أصلا هدية من الموسيقار بليغ حمدي، وكان وقتها بمبلغ 3000 جنيه، وده كان رقم مهول وقتها، واتجننت من اللي حصل".

حينما سألته أم كلثوم عن الأورج، حكى لها الموقف، فطلبت منه إرسال "تلغراف" لممدوح سالم وزير الداخلية وقتها، وفوجئ أنها أيضًا حدثته هاتفيًا، إلا أنها أحضرت هاني مهنى بدلًا من عمار، وأضاع هذا السائق على عمار الشريعي فرصة التعاون مع كوكب الشرق، وأعادت الداخلية الأورج لعمار بعد أسبوع من سرقته.

وعن أبرز أحلام الشريعى التى لم تتحقق أكد في حوار آخر أجراه قبل رحيله مع "الأهرام المسائي"، وهو تقديم مسرحية غنائية، يكون فيها الحوار مُغنى، وبالفعل كتب النص الكاتب الكبير الراحل محفوظ عبد الرحمن، واختار الشريعي المطربة أنغام لتشارك في العرض لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، واعترض وزير الثقافة الدكتور فاروق حسني آنذاك على النص، وتأجلت الفكرة، حتى رحل قبل أن ينفذها.

حصل عمار الشريعى على عدد كبير من الجوائز العربية والدولية من بينها، جائزة مهرجان "فيفييه" من سويسرا عام ١٩٨٩، ووسام التكريم من الطبقة الأولى من العاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين، وجائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام ٢٠٠٥.

كما حصل على وسام التكريم من الطبقة الأولى مرة ثانية من السلطان قابوس بن سعيد عام ٢٠٠٥، وعدد من الجواء المصرية كجائزة الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما والمركز "الكاثوليكي" للسينما، ومهرجان الإذاعة والتليفزيون عن الموسيقى التصويرية من عام ١٩٧٧ وحتى عام ١٩٩٠.

قدّم الشريعي عددًا كبيرًا من الأعمال الفنية التي لا تنسى، من بينها تترات المسلسلات الكبرى، كـ"رأفت الهجان، والعائلة، والشهد والدموع، وأرابيسك، والزيني بركات، وزيزينيا، وامرأة في زمن الحب"، بجانب تلحينه لعشرات الأوبريتات الغنائية التي تحيي ذكرى نصر أكتوبر، وفوازير رمضان، والأغاني الداخلية في المسلسلات.

بلغ عدد أعماله السينمائية ٥٠ عملًا و١٥٠ مسلسلًا تليفزيونيا، و٢٠ عملًا إذاعيًا، و١٠ مسرحيات غنائية استعراضية، بجانب تقديمه نحو ١٥٠ عملًا لمعظم مطربي ومطربات مصر والوطن العربي.

عمل الشريعي على تطوير آلة الأورج بحيث تستوعب الموسيقى الشرقية بجميع ألوانها، ليتواصل مع إحدى الشركات اليابانية الشهيرة التي أعجبت بالفكرة بشدة وقامت بتنفيذها.

مرض الشريعي بالقلب في أواخر حياته وعانى منه بشدة، حتى سقط مغشيًا عليه، يوم الجمعة السابع من ديسمبر قبل ٨ سنوات عام ٢٠١٢ لتذهب روحه إلى بارئها، ويبقى فنّه جليًا في عالم الموسيقى والفنون.

جدير بالذكر أن مشروع "عاش هنا" يتم بالتعاون مع الجهات والمؤسسات الفنية، ويستعان خلالها بالمُهتمين بتوثيق التراث الثقافي والفني في مصر لتدقيق المعلومات والبيانات التي يتم تجميعها.