الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تجسس واجتماعات مشبوهة في السر.. وثائق مسربة تفضح مخطط إيران لتوسيع نفوذها.. قائد فيلق القدس زار بغداد متخفيا لقمع المظاهرات.. تجنيد مسؤولين للتدخل في شؤون العراق.. وتآمر مع الإخوان وتركيا ضد السعودية

روحاني وظريف
روحاني وظريف

تسريبات إيران تفضح
انتهاكات عمليات جرف الصخر ضد السنة في العراق
تجنيد مسؤولين عراقيين للتدخل في شؤون بغداد
تخفي قائد فيلق القدس لزيارة بغداد لدعم عبد المهدي


كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، وموقع "إنترسيبت" الأمريكيان، اليوم الاثنين، عن وثائق مسربة للاستخبارات الإيرانية، تظهر كيف تورطت طهران بقوة في التدخل في شؤون العراق، بتجنيد مسؤولين وعملاء عراقيين وأمريكيين، وممارسة السلطة في بغداد عبر قائد فيلق القدس الذي استغل كل شئ لإدارة العراق.

واعتمدت الصحيفة والموقع على تقارير أعدها ضباط في الاستخبارات الإيرانية بين عامي 2014 و2015.

ووفقًا لما نقلته الصحيفة، فإن مسؤولين عراقيين سياسيين وأمنيين وعسكريين أقاموا علاقات سرية مع إيران، بقيادة من الجنرال الإيراني قاسم سليماني قائد فيلق القدس، الذي عمل بقوة للتدخل في الشؤون العراقية.

وأضافت الصحيفة، أن تلك الوثائق المسربة تكشف تأثير طهران الكبير في العراق، كما تعرض سنوات من العمل الشاق الذي قام به الجواسيس الإيرانيون لاختيار قادة البلاد، ودفع رواتب للعملاء العراقيين الذين يعملون من أجل تبديل مواقفهم لصالح طهران.

وكشفت أحد الوثائق الاستخباراتية الإيرانية التي تم تسريبها، أن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، كان له علاقة بالحرس الثوري الإيراني منذ أن كان في المنفى إبان حكم صدام حسين، وجمعته "علاقة خاصة" مع إيران، خاصة عندما كان وزيرا للنفط عام 2014.

وبرغم أن الوثائق لم توضح طبيعة تلك العلاقة، لكن أشارت إلى أنه لا يمكن لأي سياسي عراقي أن يصبح رئيسا للوزراء دون مباركة إيران.

وأشارت تسريبات الوثائق الإيرانية إلى أن سفراء إيران في لبنان والعراق وسوريا يعينهم الحرس الثوري الإيراني وليس الخارجية الإيرانية.

كما كشفت عن أن طهران ركزت على تعيين مسؤولين رفيعي المستوى في العراق، وكان وزير الداخلية العراقي السابق "بيان جبر" من أبرز المسؤولين المقربين، كما كان أكبر مستشاري رئيس مجلس النواب العراقي السابق سليم الجبوري مقرب جدًا من استخبارات طهران أيضًا.

ولفتت الوثائق الإيرانية إلى أن الوجود الايراني لم يغب عن مطار بغداد، مشيرة إلى أن جواسيس إيران بمطار بغداد راقبوا الجنود الأمريكيين ورحلات التحالف.

وأوضحت أن الاستخبارات الإيرانية تتمتع بنفوذ كبير في مدن جنوب العراق، فضلا عن تجنيد عملاء سابقين لوكالة المخابرات الأمريكية "سي آي إي" عقب الانسحاب الأمريكي من العراق، كما جندت مسؤولًا بالخارجية الأمريكية لمدها بخطط واشنطن في بغداد.

كما أشارت إلى أن الرئيس السابق، باراك أوباما، اشترط الإطاحة برئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي لتجديد الدعم العسكري للعراق، وذلك وفقًا للوثائق المسربة.

وأوضحت الصحيفة أن نوري المالكي كان الشخصية المفضلة لإيران، وخاصة مع دعمه للشيعة، لافتة إلى أن أوباما اعتبر أن سياسات المالكي الوحشية والقمعية ضد السنة أدت إلى ظهور تنظيم داعش، ما جعله يشترط الإطاحة به لتجديد الدعم العسكري للعراق.

وأكدت أن إيران اعتبرت مراقبة النشاط الأمريكي في العراق ضرورة لبقائها وأمنها القومي، مشيرة إلى أن وزير النقل العراقي في عهد أوباما رفض طلبه بوقف استخدام إيران للمجال الجوي للعراق، بحسب الوثائق.

وكشفت وثائق إيران السرية، صورة مفصلة عن كيفية عمل طهران بقوة لتوسيغ نفوذها الإقليمي والتدخل في شئون العراق، خاصة مع التظاهرات الشعبية في العراق.

وقالت التسريبات، إنه في الوقت الذي تصاعد التوتر والغضب في بغداد، منتصف أكتوبر، بسبب زيادة الفساد وتدخل إيران في شؤون العراق، حضر قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني متخفيا إلى بغداد، بينما يسير المتظاهرون في الشوارع وهم يهتفون ضد خامنئي ويحرقون علم إيران.

وأوضحت التسريبات، أن هدف سليماني كان تثبيت حكومة عادل عبد المهدي، حيث وضع خطط لقمع التظاهرات الشعبية التي تهدد نفوذ طهران في العراق. كما اجتمع مع حليف في البرلمان لإقناعه بدعم بقاء عبد الهدي في منصبه.

وكشفت الوثائق الاستخباراتية السرية أن سليماني كان له الدور الأساسي في تعزيز نفوذ طهران داخل العراق.

ولفتت إلى أن الاجتماعات التي كانت تتم لطالما كان يتم تنسيقها داخل أزقة مظلمة أو مراكز تجارية أو خلال رحلات صيد وحتى خلال حفلات عيد ميلاد.

وكان المخبرون يتربصون بشكل دائم بالجنود الأمريكيين، خاصة أولئك المسافرون عبر مطار بغداد، كما يلتقطون صورا لهم، ويحاولون تحديد الرحلات الجوية التي ربما تكون ذات طابع عسكري.

ولفتت التسريبات إلى أنه كيف كان المخبرون والعملاء يتلقون مقابل عملهم لصالح إيران، سواء أكان بهدايا من الفستق والعطر والزعفران، أو بتقديم الرشاوى لمسؤولين عراقيين، وحتى نفقات مصاريف لضباط في الاستخبارات العراقية.

وتحدثت تسريبات الاستخبارات الإيرانية، عن أن عمليات تطهير جرف الصخر في العراق من مسلحي تنظيم داعش والتي جرت في 2014، نفذتها ميليشيات تابعة لإيران، حيث أدت إلى تهجير العائلات السنية بعد تدمير منازلهم، بدلا من دحر التنظيم الإرهابي.

وقالت التسريبات، إنه منذ بداية حرب العراق في عام 2003، طرحت إيران نفسها كحامية للشيعة في العراق، واستخدم قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، الأشكال المظلمة للتجسس والعمل العسكري السري لضمان بقاء القوة الشيعية في الصدارة، لكن ذلك جاء على حساب استقرار السنة بشكل دائم والحرمان من حقوقهم.

ولفتت إلى أن عمليات جرف الصخر عام 2014 مثالًا حيًا على أنواع الفظائع الطائفية التي ارتكبتها الجماعات المسلحة الموالية لفيلق القدس الإيرانية والتي أزعجت الولايات المتحدة طوال حرب العراق، وقوضت جهود المصالحة.

وذكرت وثائق أخرى مخاوف من تبديد المكاسب الإيرانية في داخل البلاد، لأن العراقيين يكرهون الميلشيات الشيعية، لافتة إلى أن سليماني أصبح رمزا مستهدفا داخلها.

وفضحت وثائق الاستخبارات الإيرانية، دور طهران ومحاولتها التآمر ضد المملكة العربية السعودية مع جماعة الإخوان الإرهابية وتركيا.

ووفقًا للتسريبات، استضافت تركيا في عام 2014 اجتماعا بين الحرس الثوري وجماعة الإخوان للتآمر ضد السعودية، حيث عرض التنظيم الإرهابي على المسئولين الإيرانيين التعاون في اليمن ضد الرياض.

وقالت الوثائق، إن الحرس الثوري الإيراني وجماعة الإخوان المسلمين بحثا خلال القمة السرية إمكانية تكوين تحالف ضد السعودية، وضرورة توحيد الصفوف في اليمن ضد المملكة.

وأشار الموقع إلى أن تركيا كانت تعد المكان الآمن لهذه القمة السرية، لأنها إحدى الدول التي تدعم إيران وجماعة الإخوان الإرهابية، لكن كانت تخشى معرفة الأمر، لذا رفضت منح تأشيرة دخول إلى قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، وفقًا لبروتوكول وزارة الداخلية، لذلك حضر الاجتماع وفد من كبار مسئولي الفيلق- برئاسة أحد نواب سليماني سمي "أبو حسين"، بالإضافة إلى 3 من ممثلي الإخوان.

وبرغم أن هناك خلافات بين الإخوان وإيران من حيث مبدأ العقيدة والأحكام الشرعية، لكنهم أكدوا أنه "يجب التركيز على أسس مشتركة للتعاون"، وهي التحالف ضد السعودية، وذلك داخل اليمن، بدعم ميليشيا الحوثيين التي تواجههم الرياض.

وسلطت الوثائق، أيضا الضوء على السياسة الداخلية المعقدة للحكومة الإيرانية، حيث تتصارع الفصائل المتنافسة مع العديد من التحديات نفسها التي تواجهها القوات الأمريكية أثناء غزوها للعراق وبعده.

كما أوضحت، طلب رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، التعاون مع استخبارات إيران رغم شكوك طهران به، فضلا عن إبلاغ قيادي بالاستخبارات العراقية إيران استعداده للتعامل معه.

تأتي التسريبات في الوقت الذي تشهد إيران، مظاهرات عارمة مناهضة للحكومة في أكثر من 70 مدينة، بعد أن أعلنت السلطات، يوم الجمعة الماضي، رفع سعر لتر البنزين نحو 3 أضعاف.

وذكرت وكالة فارس الإيرانية أن الاحتجاجات التي اندلعت على مدار اليومين الماضيين شهدت أعمال تخريب ونهب لأكثر من 100 بنك ومتجر.

وبحسب وسائل الإعلام، وصل عدد القتلى في التظاهرات إلى 36 شخصا، واعتقلت السلطات أكثر من 1000 آخرين، حتى أمس.