الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لوموند الفرنسية تكشف كذب إسرائيل وجهودها في تضليل الإعلام والرأي العام العالمي

صدى البلد

كشفت صحيفة لوموند الفرنسية أن الشائعة التي انتشرت يوم 10 أكتوبر الماضي بخصوص الأطفال مقطـ.وعي الرؤوس ما تزال منتشرة بعد 6 أشهر على اندلاع الحرب على غزة، مما أثار اتهامات ضد إسرائيل بالتضليل.

 

وأوضحت الصحيفة الفرنسية، في تحقيق مطول، أن طوفان الشهادات عن جرائم القتـ.ل والنهب والتشويه، انتشرت خلاله شائعة اتخذت أبعادا غير عادية.

وتفيد تلك الشائعة بأنه تم العثور على 40 طفـ.لا مقطـ.وعي الرؤوس في (كيبوتس) مستوطنة "كفار عزة"، رغم أن ذلك لم يحدث في كفار عزة ولا في أي كيبوتس آخر، حسبما أكد المكتب الصحفي للحكومة الإسرائيلية للصحيفة.

 

وشهدت هذه القصة وتفاصيلها انتشارا غير مسبوق، حتى إن البيت الأبيض تحدث عنها، وتساءلت الصحيفة عن كيفية نشوء وانتشار تلك المعلومات الكاذبة.

 

وقالت لوموند الفرنسية إنها قامت بتحقيق لإلقاء الضوء على شائعة ولدت عضويا، من مزيج من المشاعر والارتباك والمبالغة المروعة، ولم تفعل إسرائيل شيئا لمحاربتها، بل إنها حاولت في كثير من الأحيان استغلالها بدلا من إنكارها، مما أدى إلى تأجيج الاتهامات بالتلاعب بوسائل الإعلام.

 

وبدأت الصحيفة تحقيقها مما نقله مراسلها في القدس صامويل فوري، الذي شارك في الزيارة التي نظمها الجيش الإسرائيلي لعشرات الصحفيين والمراسلين الأجانب إلى كيبوتس كفار عزة، حيث قـ.تل 60 شخصا.

وقال فوري إنه وصل إلى المكان ولا تزال الجثث في كل مكان، قتـ.لى إسرائيليون ملفوفون في أكياس، أو مقاتلو "حماس" ممددون حيث سقطوا.

 

وقال فوري إن المسؤول في لوموند اتصل به مباشرة بعد الزيارة التي استمرت 90 دقيقة، وسأله هل رأيت أطفالا مقطوعي الرؤوس؟ ليرد "رأيت المعلومات على شبكات التواصل الاجتماعي وأنا في طريق عودتي، لكن لا يبدو أن هناك ما يؤكد ذلك".

وتابع "لم يتحدث معي أي جندي عن ذلك، وقد تحدثت مع 6 منهم. لا أعتقد أن هذه القصة ممكنة. كان الجنود في الكيبوتس منذ اليوم السابق. كان من الممكن توثيق مثل هذا الحدث الفظيع، ولم يصرح به أي جندي لأي من الصحفيين".

 

وأوضح الصحفي أنه اتصل بمنظمتين للإسعافات الأولية، ولم يذكر أحد قطع الرؤوس ولم ينكره، ولكن الصورة القوية -كما يقول- لها الأسبقية على الواقع، فهو يخدم تصوير "حماس" تجسيدا للشر المطلق.

ويشير صحفي لوموند إلى أن هذا كان أساس رسالته التي نشرها على موقع إكس (تويتر سابقا)، في اليوم التالي لزيارة كفار عزة، ولكنه لاحظ بعد مرور بعض الوقت، أن منشوره لم يعد متاحا في فرنسا وبعض البلدان الأوروبية، وبالتالي ثبت لديه أن قصة الأطفـ.ال مقطـ.وعي الرؤوس معلومات كاذبة.

ونقلت لوموند عن صحفي إسرائيلي قوله إن رقم 40 طفلا الذين قتلوا في كفار عزة أتى من مايكل ليفي، وهو طبيب احتياطي ناطق بالفرنسية، وقد أنكر الترويج لذلك الرقم بشكل قاطع.

لكن عندما سألته لوموند، أكد أنه رأى طفـ.لا صغيرا مقطـ.وع الرأس في كفار عزة، وهو ادعاء غائب عن شهادته أمام الكاميرا، ويتناقض مع التقارير الرسمية التي تفيد بأن أصغر ضحايا الكيبوتس يبلغ من العمر 14 عاما.

انطلقت الإشاعة مع أول ذكر لأطـ.فال مقـ.طوعي الرؤوس من قبل صحفية "آي 24 نيوز" الإسرائيلي نيكول زيديك، عندما قالت في بث مباشر من كيبوتس كفار عزة، إن جنودا تحدثوا عن "أطـ.فال رؤوسهم مقـ.طوعة، هذا ما يقولونه"، وتابعت أن "حوالي 40 طفلا حملوا على نقالات"، مع أنها لم تشاهد شيئا، كما تقول الصحيفة.

وأدان متحدث باسم الجيش الإسرائيلي "ذبـ.ح الأطفال، حتى قـ.طع رؤوسهم"، ووصف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الناطق بالفرنسية أوليفييه رافوفيتش، "مقبرة جماعية حقيقية" تم اكتشافها في كفار عزة، وذكر أن "الأطفال تم ذبـ.حهم، بل وتم قـ.طع رؤوسهم".

وادعى الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه شاهد "صور الإرهابيين وهم يقطـ.عون رؤوس الأطـ.فال"، خلال لقاء مع زعماء الجالية اليهودية الأمريكية.

وهكذا أصبحت هذه الشائعة عنصرا من عناصر حرب المعلومات، حيث تطور إسرائيل خطابا مزدوجا حذرا من جهة، وانتقاميا من جهة أخرى، مع أنها اعترفت على شبكة "سي إن إن"، بأنها لا تستطيع تأكيد قصة الأطـ.فال مقـ.طوعي الرؤوس، مما دفع الصحفية الأمريكية سارة سيدنر إلى الاعتذار.

وأحيانا ما يناقض الجيش الإسرائيلي نفسه -حسب لوموند- فهو يقول إنه ليست لديه معلومات تؤكد هذه الادعاءات، لكن في الوقت نفسه ينقلها المتحدثون باسم الجيش الإسرائيلي الناطقون بالفرنسية والإنجليزية.

 

ولم تصحح "آي 24 نيوز" قصة قطع الرؤوس التي أطلقتها إلا في 30 نوفمبر الماضي قائلة "بينما أصبحت الأرقام الرسمية أكثر وضوحا، نقوم بتصحيح تقريرنا الأولي"، وقد حذفت عبارة "40 طفـ.لا".

وأكدت الصحيفة أنه رغم نفي هذه الإشاعة في الخارج، فإنها لا تزال حية داخل إسرائيل ولا يزال الشارع الإسرائيلي يتحدث عن هذه القصة وكأنها حقيقية.