الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حرب غزة أرهقت اقتصاد لبنان المثقل بالأزمات | تقرير

صدى البلد

بعد مرور  ستة أشهر على اندلاع الصراع في الشرق الأوسط تحديداً حرب غزة، لا تزال المنطقة تعاني درجة عالية من عدم اليقين، مما قد يؤدي إلى تفاقم أوجه الهشاشة القائمة في العديد من اقتصادات المنطقة.

في لبنان عصفت الحرب في غزة وتقاطع الصراع على الأراضي اللبناني باقتصاد البلد المثقل بالأزمات أصلاً. واشتد القصف عبر الحدود والعمليات العسكرية على طول الحدود الجنوبية منذ أكتوبر الأول 2023. وأسفر تصعيد المواجهة العسكرية في الجنوب عن مئات الضحايا والأصابات والنزوح الجماعي، وتسبب في أضرار جسيمة في البنية التحتية، وأثّر بشكل أساسي على قطاعي السياحة والزراعة، مما زاد من الضغط على الاقتصاد اللبناني الذي تعصف به الأزمات، وفق البنك الدولي. 

وفي ظل الاجواء المحمومة عسكرياً والمعقدة سياسياً ومالياً ونقدياً، يحضر لبنان على طاولة اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن المقررة بدءاً من يوم الاربعاء.

وعلى جدول أعمال اجتماعات البنك الدولي عدد من البنود الخاصة بعلاقاته مع لبنان، وخصوصاً ما يتعلق ببعض القروض المعقودة مع لبنان، والتي خصّص بعضها لدعم المجتمعات الضعيفة والفقراء عبر وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الاقتصاد التي استثمرت في دعم القمح على مدى الفترة السابقة وسط محاولات لتجديد طرح بعض طلبات القروض الاضافية التي يحتاجها لبنان في المجالات عينها.

وحتى في ظل سيناريو "الصراع المحدود"، فإن تداعيات الأعمال العدائية تشكل صدمة كبيرة أخرى لهذا لبلد الذي يعاني بالفعل فراغاً سياسياً ومؤسسياً ويغرق في أزمة اجتماعية واقتصادية منذ سنوات. 

وفق تقرير البنك الدولي، الذي حمل عنوان "الصراع والديون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، يعمل نحو 20% إلى 25% من السكان القادرين على العمل في القطاع الزراعي، كما تقع 20% من المناطق المزروعة في لبنان في جنوب البلاد. وقد عانت هذه الأراضي أضراراً جسيمة مثل الحرائق والتلوث. 

 خسائر الزراعة في الحرب

وتشير بعض التقديرات إلى أن ما يقرب من 100 ألف متر مربع من بساتين الزيتون قد طالتها الحرائق، حيث يشكل الزيتون ما يُقدر بنحو 7% من الانتاج الزراعي في لبنان. وبالإضافة إلى ذلك، وبالنسبة للاقتصاد يعتمد على السياحة، فإن الصدمة التي أصابت السياحة والتي بدأت في الربع الأخير من عام 2023 لها تداعيات ملموسة على النمو الاقتصادي.

 وقبل اندلاع الصراع، كان من المتوقع أن يحقق النمو الاقتصادي، لأول مرة منذ عام 2018، زيادة طفيفة بفضل موسم سياحي حقق عائدات كبيرة في الصيف وتحويلات المغتربين بعد 4 سنوات من الانكماش الحاد، بما يعادل 7.33% من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بين عامي 2018 و2022، وبالتالي واجه لبنان أسوأ حالات الركود الاقتصادي في التاريخ الحديث.

ونتيجة للأعمال العدائية، من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 0.2% في عام 2023، والسبب الأساسي في ذلك هو الصدمة الحادة في إنفاق السائحين التي أثرت سلباً على نمو معدلات الاستهلاك، وتفاقمت بسبب انخفاض أنشطة الأعمال، وتعطل الأنشطة التجارية، ويظهر ذلك بصورة واضحة في الربع الأخير من عام 2023 واستمر حتى عام 2024.

وشهد لبنان انخفاضاً بنسبة تزيد على 20% في تقديرات حركة وصول ركاب الطيران (مؤشر السياح الوافدين) خلال شهري أكتوبر الأول ونوفمبر الثاني 2023 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019.

ارتفاع الدين

استمر لبنان في مواجهة أزمة متعددة الأوجه على مدى السنوات الأربع الماضية، حيث تجاوز معدل التضخم 100%، في حين انخفضت قيمة الليرة اللبنانية انخفاضاً حاداً. وفي مارس2020، تخلفت الحكومة اللبنانية عن سداد مستحقات خدمة ديون السندات الأوروبية، وفق تقرير البنك الدولي.

وقبل عام 2020، كان لبنان يواجه بالفعل مستويات مديونية مرتفعة ومتزايدة. وارتفعت نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي من135% في 2013 إلى 155% في 2018. ونظراً لأعباء الفائدة كانت السبب الرئيسي في ارتفاعاً أرصدة الديون، فقد تجاوز هذا الارتفاع بكثير مساهمات التضخم والنمو الحقيقي.

وفي عام 2019، ارتفعت نسب الدين إلى إجمالي الناتج المحلي بنحو 17 نقطة مئوية لتصل إلى 172.3% مع انكماش الاقتصاد الحقيقي بنحو 7% في الفترة التي سبقت التخلف عن السداد. وبعد عام 2020، أدى الانخفاض الكبير في قيمة العملة إلى ارتفاع حاد في قيمة الديون المقومة بالعملات الأجنبية، لكن التضخم عوض عن تأثير ذلك على نسبة الدين الاجمالي للناتج المحلي. وفي السنوات ما بين 2020 و2023، شهدت نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي زيادة صافية بنحو 22 نقطة مئوية، لترتفع من 179% إلى 201%.