الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ما المقصود بقول النبي: «اتق الله حيثما كنت» وكيف تتحقق التقوى؟.. علي جمعة يوضح

علي جمعة
علي جمعة

بين الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، المقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم:««اتق الله حيثما كنت»؟. 

المقصود بقول النبي: «اتق الله حيثما كنت»

يقول سيدنا رسول الله ﷺ وهو ينصحنا ويرشدنا بكلمات بينات واضحات جليات قليلات‏:‏ «اتق الله حيثما كنت‏,‏ وأتبع السيئة الحسنة تمحها‏,‏ وخالق الناس بخلق حسن»، موضحا أنها نصيحة إذا ما طبقناها وجعلناها دستورا لحياتنا فإننا لا نحتاج إلى الرقابة، ولذهب الفساد.

وأشار علي جمعة إلى أنه لكي يتقي الإنسان ربه حيثما كان فعليه بثلاثة أمور‏ :‏ 

أولا‏:‏ لابد من أنه يؤمن به‏,‏ فالإيمان هو أول درجات التقوى‏,‏ ولا تصور من أحد من العالمين يتقي الله وهو لا يؤمن به‏.

ثانيا‏:‏ لابد من ذكر الله فإن كنت قد نسيت الله فكيف تتقيه؟ والمؤمن بربه أحد اثنين‏:‏ ذاكر متيقظ‏,‏ أو ناس غافل.
‏ ثالثا‏:‏ لا يمكن أن تتقي الله إلا إذا استحضرت الخوف والخشية والرهبة من جلاله‏,‏ أما إذا لم تستحضر ذلك وذكر لسانك دون أن يذكر قلبك‏,‏ ولا أن يخشع لرب العالمين فلابد انك تقع –نسيانا- في الذنب وفي المعصية‏,‏ أو تغلبك شهوتك فتأتي ذلك عامدا متعمدا‏,‏ لأنك لم تستحضر خشية الله ورهبته وخوفه في قلبك‏.‏

وهذا عمر بن الخطاب -رضي الله تعالي عنه- يسأل أبي بن كعب -وكانت الصحابة تحب أن تتذاكر العلم لتطبقه في حياتها- ما التقوى يا أبي؟ قال‏:‏ أسرت في واد فيه شوك؟ قال‏:‏ نعم‏,‏ قال‏:‏ ماذا فعلت؟ قال‏:‏ شمرت عن ثيابي وحذرت ما أري‏,‏ قال‏:‏ هذه هي التقوى‏.‏

وأخذ ابن المعتز ذلك وصاغه شعرا‏,‏ وقال‏:‏
خَلِّ الذُنوبَ صَغيرَها .. وَكَبيرَها فَهوَ التُقى
كُن فَوقَ ماشٍ فَوقَ أَر .. ضِ الشَوكِ يَحذُرُ ما يَرى
لا تَحقِرَنَّ صَغيرَةً .. إِنَّ الجِبالَ مِنَ الحَصى

ولفت إلى أن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله تعالي عنه يقول‏:‏ التقوى‏:‏ "الخوف من الجليل" -وهو أول ركن من أركان التقوى- ثم يأتي لنا بعناصر أخرى فيقول‏:‏ "والعمل بالتنزيل‏,‏ والاستعداد ليوم الرحيل‏,‏ والرضا بالقليل"‏.‏

شرح ألفاظ الحديث

و"حيثما" تستعمل للمكان والزمان‏,‏ يعني اتق الله في كل زمانك‏,‏ وفي أي مكان كنت فيه‏.

«وأتبع السيئة الحسنة تمحها» فكلما صدرت منك مخالفة‏‏ ذهبت ففعلت خيرا‏,‏ فإنك لا تسرع في المخالفة بعد ذلك أبدا‏,‏ فمن نظر نظرة ورأى فيها معصية فليذهب ويتوضأ‏,‏ ومن ارتكب في حق أخيه غيبة أو نميمة فليدعو له‏,‏ ومن نسى الله فليذكره ويسبحه‏,‏ فلابد لك أن تحاسب نفسك قبل أن تُحاسب‏,‏ وان تلتفت إلى نفسك وترى فيها جذع الشجرة وتتغاضى عن القذاة التي في عين أخيك‏.‏

ثم يتم ذلك التدريب السهل اليسير على ما عودنا رسول الله ﷺ بالأخذ بيدنا إلى مواطن الخير ودوائر رضا الله بيسر وسهولة يخاطب بها العالمين إلى يوم الدين ؛ جاهلهم‏ وعالمهم‏,‏ قويهم‏‏ وضعيفهم ‏,‏ رجالهم ونساءهم‏,‏ يتوج ذلك كله بما جاء ليتمم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» ؛ فيقول‏:‏ "وخالق الناس بخلق حسن» ثم يفصل هذا الخلق في مواطن أخرى كثيرة فيقول‏:‏ «تبسمك في وجه أخيك صدقة» ، « إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شانه » ، «الراحمون يرحمهم الرحمن‏,‏ ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء». 

وشدد عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر على أن هذه بحبوحة منحها الله لنا‏,‏ فتمتعوا ببحبوحة الله‏,‏ وكونوا علي تقوي من الله‏,‏ وليكن عملك بين الرجاء والخوف‏,‏ ولتتذكر قوله - تعالى-: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ) .