الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الجريمة الانتخابية


جاء مشروع قانون الانتخابات الرئاسية مربكا الى حد كبير للمشهد السياسى
الراهن، ولا يعنى ذلك سلبية المشروع برمته فهو انطوى على نقاط إيجابية
ومضيئة الى درجة لا بأس بها.. ولكن طالما أن الرئيس المؤقت المستشار عدلى
منصور عرضه للنقاش المجتمعى فلنا ان نبث هواجسنا تجاه المشروع قبل إقراره.
فمازال الأمر قابلا للخروج بقانون بحجم ثورتين وثلاث سنوات دفعها الشعب
المصرى من استقراره وقوته وأمنه ودماء لم تجف بعد.
وأول الهواجس ان
القانون خلا من تجريم السلوك الانتخابى المشين مثل تكرار التصويت أو الدفع
لشراء الأصوات أو منع ناخب من التوجه لمقره الانتخابى والورقة الدوارة
والحبر السرى والتأثير على الناخب أو تدخل قاض فى التأثير على ناخب، كل ذلك
وغيره الكثير لم تره اللجنة التى قدمت مشروع القانون.
الثاني عنصر
الوقت لأن حالة التراخى والانفصال عن الواقع المؤلم القائم بالشارع المصرى
أمر محبط ومثير للحنق بما يستدعى الحمية والإسراع بإنجاز أهم خطوات خارطة
المستقبل ، ورغم ان القضاء الإدارى فصل فى شكل اللجنة المشرفة على
الانتخابات بكونها لجنة قضائية ولكنها أيضا لجنة سياسية لابد ان تستشعر حرج
المرحلة ونبض الشارع وتتفاعل مع مجتمعها بما يلبى احتياجاته.
وخلا
مشروع القانون من تحديد عقوبة جزائية على مخالفته بما يجعله حبرا على ورق،
متجاهلا المبدأ الدستورى "لا عقوبة إلا بنص"، فمن غير المتصور أن يحدد
القانون جريمة ولا يحدد عقوبة ، وإذا لم يتضمن عقوبات يصبح القانون مجرد
عبث ، فإذا تقدم المرشح بأوراق ترشحه واتضح أنها أوراق غير حقيقية لم يحدد
القانون ماذا نفعل؟ وما هو العقاب؟ الذى يجب أن يوقع على المرشح هل نشطبه
أم نسجنه أم نوقع عليه غرامة.
ويمتد الأمر الى حجم الإنفاق ونوعه
فمع حظر التمويل الأجنبى ما هى عقوبة من يثبت تلقيه دعما خارجيا؟ هل يخرج
من دائرة السباق ام نلغى فوزه اذا تقدم السباق أم ماذا؟ وحجم الانفاق
المحدد بعشرة ملايين جنيه هل درست اللجنة القضائية الموقرة سوق الإعلانات
وسعر الدقيقة فى التليفزيون وتكلفة المؤتمر الانتخابى الواحد وكم مؤتمر على
مستوى الجمهورية وكم سعر البوستر وكم بوستر يحتاجه المرشح ، والأرقام التى
اذاعها خيرت الشاطر عن حملة المعزول عندما عايره بأن الإخوان انفقوا عليه
600 مليون دولار ، والـ 850 مليون دولار التى دفعتها الولايات المتحدة لدعم
مرشح الإخوان ، والتسريبات عن دعم الولايات المتحدة عنان بـ700 مليون
دولار ، امام كل هذه الأرقام ولجنة الانتخابات تحدد 10 ملايين جنيه. كيف ؟
وما هى العقوبة المقررة فى حالة المخالفة وما آلية المراقبة على الإنفاق فى
الحملة ، هل سيكون مع المرشح لجنة مراقبة من الجهاز المركزى للمحاسبات ام
مباحث الأموال العامة تعد الصور وتكتب تقارير .. "وللا كل مرشح وضميره".
ثم
أين الدعاية السلبية وعقوبتها من مشروع القانون والمرشح الذى يترك دعايته
لنفسه ويتفرغ هو وحملته لتشويه باقى المرشحين وتصفيتهم أخلاقيا امام
المجتمع والنيل منهم .. هل الأمر متروك أيضا لضمير المرشح؟
ثم مرحلة
التحصين بإتاحة الطعن أمام الإدارية العليا، فهل سيكون لدينا رئيس مطعون
على شرعيته بما يؤدى إلى عدم استقرار منصب الرئيس، وماذا لو قضت الإدارية
بالبطلان فهل ستكون الإعادة فى الدائرة التى قضى ببطلان الانتخابات فيها ام
سيطول البطلان الانتخابات برمتها مما يكلف الدولة ملايين الجنيهات، وما هى
الحالات التى تستوجب الإعادة ؟ .. لم يشر مشروع القانون الى ذلك من قريب
اوبعيد!
ثم مسألة نقاء الجنسية وهو أمر معمول به فى كل بلاد الدنيا
لابد من خلو شخص الرئيس من أية شوائب تتعلق بجنسيته وانتمائه لوطنه واصابت
اللجنة عندما وضعت شروط خلوه ووالديه من جنسية أخرى بل وأضافت الزوجة أيضا
الى قائمة المحاذير. وأرى ان فى ذلك ليس غلوا ولا حرمانا لأحد من ممارسة
حقوقه السياسية، ولا ننسى ان هذه الشروط موجودة لدى العسكريين
والدبلوماسيين الذين يثبتون فى اوراق الهلتحاق مصريتهم من ابوين مصريين ولم
يحمل هو او والداه اى جنسية أخرى. كما لا يجوز للدبلوماسى أو العسكرى ان
يتزوج بأجنبية.. ويؤخذ على القانون انه تجاهل الأبناء وتجربة مرسى الذى
يحمل اثنان من ابنائه الجنسية الأمريكية ليست ببعيدة، كما ان الأبناء ممن
يؤثرون بحد كبير فى قرارات الأب فلا يستطيع ان يقطع علاقات مع دولة يحمل
ابناؤه جنسيتها او يعلن مثلا عليها الحرب وانه حتما سيفضلها فى علاقات
تجارية او نوعية وكلها مآخذ تشوب نقاء المنصب الرفيع.