الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مشاهد المرأة في القرآن (1)


قال تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7))(القصص) .

نظم قرآني فردي لا يستقم مراده في النفس إلا من أتاه الله – سبحانه وتعالى – نبتة اليقين، فكيف للعقول المادية المجردة أن تؤمن بأن الأم حينما تخاف على وليدها من بطش فرعون المقتل للأبناء تلقي به في البحر خوفا عليه وحفظا له، لاشك وأن اليقين بالله هو المحرك والدافع لضحد المآلات المادية الكفيلة بهلاك الرضيع في خاطر الأم، فإذا سلم الفكر المادي بأن البحر فيه نجاة من فرعون صح القول وضل الظن في أن المياه وأمواجها تمهل الرضيع حياةً.

الرد:

فالأمر الإلهي والإلهام الرباني المرافق للوعد الكائن في الآية المباركة كاف لرد الصراع النفسي الدائر في نفس الأم، وعد يشبع الغريزة الربانية المتولدة في الأم، ألا وهي عودة المولود مرة أخرى إلى أحضانها بل وجعله من أعظم الشخصيات في الدنيا والآخرة.

و لكن هذا النظم الفريد يستقم ويقصد المراد إذا ما التقى بنفس آمنت باليقين في ربوبية الخالق – سبحانه وتعالى – طالما قدمت النفس الأسباب الدافعة لرضاء خالقها.

ولعل هذه العبارات الناقلة لمشهد من مشاهد التصوير القرآني يقود الذهن إلى التطرق لإشكاليتين تعد في نظري إشكاليتي العصر الذي نعيشه في آن:

أولها: حيث استبدال الشك باليقين بين أغلب الناس، فلم تك لغة التصديق هي اللغة الرسمية الدائرة في مجتمعاتنا ونادينا، وحلت لغة التخوين والتآمر كبديل معتمد، ولاشك أن هذا الأمر هو نبتة الفتن والتنازع بين أفراد المجتمع الواحد، وكيف ذلك والقرآن الكريم بين أيدينا يذكرنا ويرشدنا وينشر بين مشاهدة المباركة أروع الأمثال والشواهد التي يفيد بها المدقق وأصحاب الفكر السديد.

وثانيها: حتمية تأمل كل فتاة وامرأة في موقف أم موسى من خلال مشاهد الآية المباركة محل الدراسة، حيث حميمية الأمومة التي كادت أن تتلاشى من سطح حياتنا الاجتماعية لتحل محلها الفتور والجفاء، فكم شاهدت الأعين وسمعت الآذان عن أمهات تخلت عن أبنائها لأسباب أقل ما توصف بها أنها واهية.

يا سادة ليست الأم هي من حملت وأنجبت وأرضعت فقط، الأم هي التي تكرس كل حياتها حنوا لأبنائها؛ لتتفق مع غريزتها ونبتة طفولتها، إن مسئولية الأمومة من أخطر المهام التي تقوم بها الأم،وأسمى وأعلى من أي نشاط مجتمعي ترنو إلى تحقيقه المرأة في ظلال وهم المدنية والتحضر، وحسبي لذلك أن الأم في حقيقة الأمر لم تك فردا في مجتمع بل أمة مخلقة إن فسدت فسدت أمة بأكملها، أو خلفت لنا أبناء أيتام وآبائهم أحياء:

ليس اليتم من فقد أبواه من هم الحياة::
ولكن اليتم من كانت له أم تخلت أو أبا مشغولا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط