الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

القدوة.. والأسطورة!!


أثارت صورة للفنان محمد رمضان مع عدد من الوزراء ضجة خصوصا أنها جاءت في وقت تسبب مسلسله الرمضاني "الأسطورة" في حالة من الغضب في الأسرة المصرية بعد أن قدم المسلسل كافة مظاهر البلطجة والعنف والانحراف ما سيؤدي إلى نتائج سلبية على المجتمع عامة والشباب خاصة..

قد يتفق معي كثيرون بأن عددا كبيرا من الشباب عندما شاهد الصورة قالوا من هؤلاء الذين يجلسون بجوار رمضان .. العيب ليس فيهم ولكن في المسئولين الذين يتوهمون أنهم معينون من أجل الوجاهة الاجتماعية بحضور اللقاءات والاحتفالات والمناسبات مع من يطلق عليهم النخبة .. على الرغم أنهم مكلفون بوظائفهم من أجل خدمة المواطنين البسطاء والشباب تحديدا وليس الأثرياء..

لذا كيف سيعرف الشاب وزير الشباب والرياضة أو وزير الثقافة اللذين حضرا بجوار رمضان.. والوزيران مشغولان بارتداء البدل" الشيك" من أجل حضور اللقاءات والاحتفالات ومجاملة "الكبار" .. وعندما يلتقون بالشباب وهي من المرات القليلة يتحدثون في موضوعات لا تمس اهتمامات الشباب الرياضية أو الثقافية..

في الفترة الأخيرة تفرغ وزير الرياضة في تشييد عدد من مراكز الشباب، والحق يقال إن المراكز بالفعل شهدت طفرة كبيرة في المباني والإنشاءات والملاعب.. لكن بالطبع من ميزانية الدولة من أجل خدمة أبناء مصر من البسطاء الذين لايستطيع أهلهم الاشتراك في الأندية التي تحصل حاليا على آلاف الجنيهات مقابل الاشتراك..

لكن السيد الوزير يتعامل بعقلية المستثمر الذي يهدف إلى تحقيق أكبر أرباح ممكنة فابتدع تأجير الملاعب مقابل مبلغ مالي وهي كارثة يجب محاسبة كافة مسئولي وزارة الشباب والرياضة بما فيهم الوزير.. فكيف تخصص الدولة ميزانية لتطوير مراكز الشباب من أجل تقديم خدمة مجانية للشباب من أبناء البسطاء ليمارسوا الرياضة مثل أبناء "علية القوم" فإذا بالوزير يحول الهدف الوطني إلى استثماري ليحرم الغلابة من المتعة الوحيدة بحياتهم والتي يتنفسون من خلاله هواء نظيفا فيتجه الشاب إلى التسكع في الطرقات والجلوس على نواصي الشوارع..

هل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي يقبل ذلك وهو الذي شدد منذ توليه منصبه على ضرورة الاهتمام بأبناء الوطن من الطبقات الفقيرة والمحدودة ؟ .. على وزير الشباب والرياضة أن يدرك خطورة ما يفعله إلا لو كان ذلك بتوجيهات من الدولة هنا لا يمكن أن نلومه لأنه بذلك يملك تصريحا وتفويضا لتدمير مواهب عدد كبير من أبناء الوطن..

السيد الوزير .. دع مكتبك المكيف وتخلى عن بعض مستشاريك الذين يضللونك واذهب بنفسك للالتقاء بشباب مصر الحقيقي في الحواري والأزقة .. شباب مصر ليس في مركز شباب الجزيرة فقط .. هناك الآلاف بل الملايين في نجوع وقرى ومدن الصعيد والدلتا وفي بقع كثيرة من أرجاء البلاد يريدون الاهتمام .. اذهب لهم وبصحبتك نماذج حقيقية يقتدون بها ليتخلصوا من وهم "الاسطورة" .. دورك أكبر من بناء مبنى وتحويله لغرض استثماري .. دورك هو صقل مواهب الشباب وحمايتهم من الاخطار المحدقة التي تهددهم .. لا تدعهم يقعون فريسة للنماذج السيئة .. قدم لهم الأبطال الحقيقيين عن طريق فكر جديد بالوزارة .. فكر وطني يضع نصب عينه شباب الوطن وليس تحقيق مصالح ومنافع شخصية..

أيضا وزير الثقافة مطالب بأن يقلل من بروتوكولات فتح المعارض والمهرجانات والندوات ..لأن دوره أكبر بكثير .. لماذا لايتم طبع سلسلة من الكتب خلال المناسبات الوطنية توضح لأبناء وشباب مصر أبطال هذا الوطن الحقيقي تقدم "الأساطير" الحقيقية التي أنجبتها مصر على مدار تاريخها وهم كثر ؟؟ .. لماذا لا يتم إنتاج أفلام وثائقية أو إقامة منتديات ثقافية في كافة بقاع مصر يحضرها الشباب تتطرق للنماذج الحقيقية التي تستحق لقب أسطورة ..

الثقافة ليست فقط لوحة جميلة تعلق على الجدران ولا قصيدة لأحد فحول الشعر ولا عرض مسرحي هزلي ينتقد سلبيات .. الثقافة هي الخلطة السحرية من العلم والوعي والإدراك التي يجب أن نعصف به عقول أبنائنا ونقدم لهم المثل والقيم ونزرع بداخلهم الانتماء والمبادئ ..

السيد وزير الثقافة .. اذهب للشباب في كافة المحافظات استمع لأفكارهم وطموحاتهم .. شاركهم آرائهم .. شكل لجانا من الشعراء والأدباء ليكتشفوا المواهب الحقيقية .. أعطوهم الفرصة .. انفضوا غبار الماضي ونحوا جانبا من يتمسك بكرسيه منذ نصف قرن .. مصر حبلى بالمواهب الأدبية والثقافية لكن فقط يحتاج هؤلاء المبدعون إلى الفرصة ..

السيد الوزير .. انهيار الثقافة المصرية في الفترة الأخيرة واختلال منظومة القيم خطر داهم يهدد مستقبل الأجيال القادمة ومسئوليتكم جسيمة .. وسوف يحاسبكم عليها التاريخ ..

أبناء مصر يستحقون من المسئؤولين أن يتقوا الله ويراعوه وأن يعطوا من يستحق الفرصة، كفانا إهدارا للمواهب وإعطاء المناصب لـ" ولاد الباشوات" .. مصر لن تنهض إلا بشبابها الواعي المثقف المبدع الذي يقتدي بأسلافه من "الأساطير" في كافة المجالات والذين يسطر التاريخ أسمائهم بأحرف من نور..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط