الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"المحارب النبيل"


صلدا .. قويًا .. مؤدبًا.. متفائلًا.. بشوشًا .. شجاعًا كالصقر تلمحك عيناه وتقرأ ما تريدان قوله بمجرد النظر إليك.. يمنحك طاقة فور التحدث معك.. رفع شعار "العمر واحد والرب واحد والشهادة أسمى أمانينا" وقف كالمحارب دون استراحة تتطلبها احلك الظروف للاستمرارية والتواصل.. مجد رسالته ووصل بها إلى أرفع الدرجات حصد حب الجميع والنجاح في العمل فاصبح محبوب الجميع يمينًا ويسارا.. تأييدا ومعارضة.

إنه اللواء هاني عبداللطيف متحدث الداخلية السابق.. مفوه الشرطة.. ناطق الرسالة .. راوي الحدث.. عرفته في ظروف عصيبة كانت تمر بها البلاد في بداية عملى كمحررا للشئون الأمنية بوزارة الداخلية اقتربت منه بعد عدة مشاحنات لي داخل المصدر كأي صحفي زميل يقوم بتغطية مصدر جديد - يجد مساعدون له وآخرون يحاولون عرقلته – الرجل ساعدني كثيرا كما فعلها مع بقية الزملاء في توصيل رسالتنا الإعلامية تعلمت منه الكثير وارتبطت معه بصداقة قوية أفخر بها طيلة عمري.
رحل الرجل عن وزارة الداخلية في حركة الشرطة الأخيرة وبقيت مواقفه تشهد له .. بات تاريخه ناصع البياض في أروقة الوزارة ويشهد مكتبه بالدور الرابع بالمبني القديم بشارع الفلكي وسط القاهرة – قبل نقل المقر الي التجمع الخامس – ونشهد له بما سجله من أجل الوطن وما فعله للدفاع والزود عن رجال الشرطة في وقت كان الجميع يغرز خناجره في ضهر وقلب الوزارة ويسدد لها الطعنات من كل الاتجاهات وقف كالابطال يحارب ويواجه - بصحبة كتيبة ليست كبيرة من الرجال – يبث رسائل طمأنينة للجميع كان يقضي الليالي بطولها داخل مكتبه قابع خلف حاسوبه الشخصي يشاهد ما يسمى – سبوبة النشطاء السياسيين والمتطرفين والإخوان – على الشاشات اثناء الثورة الكل يزايد وينظر محاولًا الفوز بنصيبه من المكسب على حساب وزارة الداخلية – يتابع ويحلل ويجهز لرسائل مضادة لما يحدث تارة يرد بكل قوة وجسارة وأخرى يشتبك في معارك إعلامية مع مذيعين ومقدمي برامج ممن ركبوا الموجة واعتلوا ضهر السفينة المقلوب.
في عز الأزمة وضعف الوزارة - كانت مداخلته مع الإعلامي يسري فودة في بداية 2013 وضيوف البرنامج وهم خمسة من المعارضين لوزارة الداخلية والمنظرين على ادائها شهادة موثقة على مواقفه الجريئة والحازمة– ترك أسرته لاتمام رسالته التي يؤمن بها – تحدثت معه عشرات المرات مناقشا له عن بيانات صحفية واعلامية يقوم باعدادها وقت الازمات في محتواها وطريقة تناولها كان يرد علي دائما:" الدفاع عن الوزارة والشرطة ومصر يبدأ بكتابة تلك السطور من يكسب الرأي العام يفور في المعركة". وبالفعل نجحت رسائله وقت جبروت الإخوان ووقت عنفوان النشطاء والمأجورين والممولين لحرق الوزارة واقتحامها – حرقوا المجمع العلمي ومجلسي الشعب والشوري والجامعة الامريكية وجميع عقارات شارع محمد محمود المحيطة بالوزارة وبقيت الداخلية ثابته لم تقترب منها نيران الموتورين والمتعصبين والمتطرفين وبات عبداللطيف ورفاقه داخل الوزارة كالأسود لم يملوا او يكلوا او يناموا عن ادائ رسالتهم.
"البوليس لو خرج من الشارع هتبقي حرب أهلية سيبوا البوليس في الشارع ومتدخلوش في الصراع السياسي .. الداخلية تغيرت ورجال الشرطة لن يعودون لممارسات بعض من كانوا قبل 25 يناير الداخلية صارت جزء من نسيج الوطن لن تتكرر الاخطاء ولن نقبل ان نرجع خطوة للوراء ونبني مدرسة بوليس جديدة واحنا مش عايزين نشد نفسنا لورا ولازم نكون واضحين ونتكلم بواقعية ولازم نبص للامام ويجب ان تساعدونا على هذا الامر والمحاكم ستفصل في جميع ما حدث قبل واثناء الثورة واحنا كرجال شرطة نتسائل ونريد الحقائق ونكذب جميع الادعاءات وانتوا اللي اخترتوا النظام الحالي الموجود- حكم جماعة الاخوان-".. بتلك الكلمات وبيانات اكثر رصانة وقوة وتأثيرًا واجه عبداللطيف الإخوان وفوده ورفاقة ومن خلفهم الآلاف ممن جيشوا الموتورين والممولين والمأجورين لتسويد الشاشة بخطايا قلة في الداخلية من قبل.
اثناء حكم مرسي ووقت جبروت الإخوان رد علي يوسف الحسينى بقوة قائلا:" هجبلك من الاخر الداخلية مش هتتأخون فرد الحسينى انت متاكد ..فرد عليه: انا بقولك اهو الداخلية مش هتتاخون ومش هنسمح بأخونه الداخلية مش هنتأخون مش هيحصل مش هيحصل ".

حكى لى أحد المقربين أن اللواء حمد عبدالكريم مساعد أول الوزير للإعلام والعلاقات الاسبق رحمه الله قال:" انه بعد يوم 28 يناير 2011 وبعد الاحداث أصبحت وزارة الداخلية خالية من جميع القيادات والحراس ولا يوجد بها أحد ولم يتبقى غيري وهانى عبداللطيف موجودان في مبني الوزارة الجميع ترك المبني لم يتبقى غيرنا وكانت الأقسام تحرق وضباط الشرطة تقتل والسجون اقتحمت ففؤجئب بهاني عبداللطيف يقول لى بعد أسبوعين داخل الوزارة محدش موجود غيرنا لا أكل ولاشرب ولا أى شى فاتصلت بالقوات المسلحة وقلت لهم تعالوا استلموا المبنى خلاص لا يوجد أحد غيرنا وبعدها نزل عبداللطيف لإخراج السيارة واثناء قيامة بفتح الباب فوجئ اثناء قيامه بفتح باب الداخلية العملاق بمفرده بشخص ملثم يقفز من فوق السور فاستوقفه عبداللطيف وكان يتوقع انه أحد المخربين ولكنه كان أحد المجندين وأعطاه التحية وأخبره انه احد المجندين يقوم بالحراسة بالشوم برفقة بعض زملاؤه خرج بالسيارة واثناء المرور على قصر عابدين واثناء تواجد القوات المسلحة كشفنا عن هويتنا ورئينا اثناء حظر التجوال الذهول علي وجه ضابط القوات المسلحة لتحركنا في هذا التوقيت فاستوقفنا وبرزنا هويتنا وقال لنا انتو هتروحوا فين دا لو حد شافكم هيموتكم ثم تركهم يمرون واتجهوا على طريق أكتوبر من ناحية دائرى معادى وكانت البلاد تشتعل في كل موقع ومكان صرخ اللواء هانى وقال لي:" نزلنى هنا قلتله لا قالي لا نزلنى قلتله انزلك ازاي هنا لوحدك مينفعش اذاى أصر ونزل ".

بعد نزوله وترجله من أعلى الدائرى إلى شارع الهرم وشاهد البلد تحترق.. الخراب والدمار وعينيه تسيل منها الدموع بغزارة إلى أن وصل شارع الهرم وبالقرب من منزله واذ بكمين للقوات المسلحة وكان هناك حظر التجوال واذا أن شاهده رجل القوات المسلحة فاعطاه التحية فجرى عليه ونزل يدية بسرعه وقال له يبنى مفيش الكلام دا دلوقتى فقام الضابط بإعطائه التحية" بعد بعضة أيام اتصل عبداللطيف وقال له مينفعش نسيب البلد كده احنا هنرجع تانى لاماكنا فقال له اذاى قله مينفعش نسيت البلد بتغرق وبالفعل اتصل عبداللطيف بضباط المركز الإعلامى واتفقوا على المقابله فى ادارة العلاقات الإنسانية بالدراسة واجتمع بهم وقرر أن يدار المركز الإعلامى من هناك وبالفعل دار المركز الإعلامى فى وقت كان لايستطيع أحد أن يذكر اسم الداخلية أو الشرطة وظل عبداللطيف هناك عل مدار شهر كامل لم يغادر المكان واستمر عبداللطيف يدير المركز الإعلامى ويصدر البيانات حتي مرت الأيام والسنين واستقرت الداخلية واستتب الأمن".

يوم فض رابعة والنهضة كان على مستوي الحدث بأكثر من 10 بيانات كانت الأكثر تأثيرا وتوضيحا ومكاشفة ومصارحة للرأي العام لحظة بلحظة صنع الرأي العام وتابعه وشارك فيه ..كان محركا لجميع الأحداث يرسل رسائل ضمنية خفية بين سطور بياناته لينتظر رد الفعل ويتم اتخاذ الاجراء الامني المناسب للموقف.

من يملك الرؤية والحكمة فإنه يملك خبرة كبيرة وقد علمته المواقف تأويل الأحداث ورواية الأحاديث وصياغة الكلمات لتكون الأكثر تأثيرًا ..رافقه الشاعر والأديب والمخضرم اللواء عبدالفتاح عثمان مساعد أول وزير الداخلية للإعلام والعلاقات في أحلك الأوقات وأشدها ضراوة لحظات المواجهة بين الأمن والجماعات الإرهابية خطط الاثنان معا لقيادة الجهاز الأمني وصياغة رسالته إلى المواطنين بخبرة ورزانة وثقة فكانت لغة رصينة قوية حازمة قاطعة، استطاع الاثنان ان يوجها رسالة إعلامية أمنية لا تضاهيها أي رسالة بين مؤسسات الدولة.

اللواءان عثمان وعبداللطيف أدار عدة آزمات طاحنة واستطاع الاثنين الخروج من عدة مآزق في فترة التوتر والصدام كان الاثنان يجتمعان في مكتب مساعد الوزير للاعلام والعلاقات يتناولان الطعام والشراب في اجتماعات طويلة ومغلقة يبعثان برسائل اطمئنان عبر جميع وسائل الاعلام المرئية والمقرؤة والمسموعة، حتى حققا النجاح والمرونة التي يتطلبها إنجاز أي عمل.
فقدتهم الوزارة وخسرتهم الرسالة الإعلامية لجهاز الشرطة .

حتى لا يضيع الوفاء بيننا ونصير أكثر إخلاصًا اتمنى أن تكرمة الدوله وأبحث له كما يبحث عشرات المحبون لهذاالوطن عن تكريم عادل ومشرف يليق بهذا الرجل لانه دافع عن مصر وجلس في الوزارة زمن حصارها وحارب من اجلها .

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط