الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فاضربوهن !!


حينَ قالت هَيتُ لَك لم تقل معاذَ الله .. وحين قالت حَصحَصَ الحق لم تقل لا تثريب .. فأنت الرجل الشرقي الذى لا يعى من الدين إلا "فاضربوهن"!

تحت مسمى العادات تارة وتحت مسمى التقاليد تارة وتحت ستار الدين أحيانا كثيرة يكتسب الذكر الشرقى سلطات لا نهائية وغير محدودة والأدهى أنها تحظى بمباركة مجتمعية متعمدة.. تبدأ تلك الفرعنة الذكورية وهو مازال جنينا في بطن أمه حيث ترى وجه الأب متهللا مستبشرا حين ينبأ بأن مولوده ذكر وتراه مسودا وهو كظيم حين يعلم بأنها أنثى وترى الأم مستترة توارى سوءاتها من فعلتها النكراء تلك .. نعم مازال ذلك الشعور شائعا ومنتشرا في شرقنا للأسف وبالأخص في المجتمعات القبلية منه والأكثر جهلا وأقل تحضرا.
حتى وإن انتهى عصر الوأد الجسدى فلازالت الأنثى في مجتمعاتنا موؤدة ذهنيا وعاطفيا ومعنويا فمع الشهور الأولى تجد مفاهيم العظمة الذكورية يطعمونها للوليد مع لبن الأم فى حين تفطم الأنثى من كل المشاعر والأحاسيس والسبب إما "عيب أو حرام أو مايصحش" ومع السنين تزداد الهوة وتتعظم الفجوة، ويستمر الصمت المجتمعى وتبقى أفعال الجهلاء من المُسلًمات ومجرد مناقشتها يعتبر فجوراً وخروجاً عن الآداب العامة وأحيانا خروجا من الدين !!

ربما وأنت تقرأ تلك المقدمة حدثت نفسك بأن هذا الكلام مبالغ فيه ولكن تعال سيدى اسألك هل اتهمت يوما أحد أصدقائك بالانفلات الاخلاقى لمجرد رأيته يدخن سيجارة أو شيشة؟ .. بالتأكيد لا... بينما إذا فعلت ذلك أنثى فقد تعتبره انفلاتاً أخلاقياً أو على الأقل تنظر إليها بريبة على الرغم من أن الفعل واحد في الحالتين. 

إذا رأيت رجلاً يسير وحده فجرا في شارع مظلم فهل تعتبر ذلك سلوكا سيئا ؟ بالتأكيد لا .. بينما ستراودك الظنون إذا فعلتها أنثى.

هل تشعر بخجل إذا علمت أن ابنك في علاقة عاطفية جديدة؟ بالطبع لا بل إن البعض صار يتفاخر بذلك حتى وصل الأمر أن البعض يتباهى بالزنا -والعياذ بالله- ولكن إذا فعلت ابنتك نفس الأمر ستستشيط غضبا ولربما قتلتها !! ..

بالطبع أنا لست هنا في محاولة لإقناعك بتقبل عادات خاطئة للأنثى ولكنى فقط أؤكد لك أننا جميعا مرضى نفسيين نعانى من شيزوفرنيا مزمنة حتى أكثرنا انضباطاً انفعالياً في وقت ما وبقدر ما يصبح مريضا نفسيا بحيث يعطى لذاته ولأقرانه صلاحيات ذكورية يحللها ويباركها في حين يمنعها ويحرمها على أخته .. جميعنا تلوثنا بأفكار مغلوطه لم يأمرنا بها الله بل أمر بها شيطاننا وعظمة ذكوريتنا الشرقية فالله أبدا ما حرم الخمر للمرأة وحلله للرجل والله أبدا ما حرم الزنا للمرأة وحلله للرجل والله حين فرض على المرأة الحجاب فرض على الرجل غض البصر والله حين أخبرنا أن الرجال قوامون على النساء أتبعها بقوله بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا أى أن تفضيل الرجل وتوليته أمر المرأة لا ينبغي إلا بشروط محددة، والله حين قال "وللرجال عليهن درجة" سبقها بقوله تعالى " ولَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ" حتى تلك الآية التي يتشبث بها أولئك المصابون بعقدة العظمة الذكورية "فاضربوهن" فقد فسرها لنا الرسول "صلى الله عليه وسلم" تفسيرا نافيا للجهالة ولا ينبغي استعمالها في غير موضعها وإلا فعلنا كالذى قال ولا تقربوا الصلاة ونسى أن يذكر وأنتم سكارى! 

كما كانت آخر كلمات الحبيب محمد عليه سلام الله وصلواته في خطبة الوداع منصفة للمرأة نافية لكل محاولات الإساءة للدين والاتهامات الباطلة للإسلام حيث قال: "استوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئًا، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيرًا – ألا هل بلغت? اللهم فاشهد. " . صدقت يا رسول الله ...

وفى الأخير تذكر سيدى القارئ أننا في زماننا هذا وفى ساعتنا تلك ما زال هناك الكثير والكثير من القرى والنجوع بل والمدن في مصر لا ترث فيها النساء جبرا ولا تتعلم فيها النساء جبرا وتتزوج فيها الصغيرات جبرا، مازال طبع الجاهلية ساكن فينا ومستوطن على مرأى ومسمع من الدولة التي لم تر بعد وصية الرسول من أولويتها فلا استوصوا بالنساء خيرا ولا بالرجال أيضا !!!!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط