الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأزهر والوزير النمنم


ليست الأولى ولن تكون الأخيرة لوزير بلا إنجاز ، بلا بصمة، بلا سياسة واضحة أو دليل بيّن على قدرته في قيادة منظومة الثقافة في مصر.

حلمي النمنم الوزير الذي لم يدرك حجم المهازل في أروقة وزارته والتي وصلت الى حد تعاطي المخدرات في المسرح القومي، نصّب نفسه اليوم حكما على "الأزهر" واتهمه بنشر العنف، حتى وإن نفى الوزير ذلك وتحجج في كل وسائل الإعلام بتحوير تصريحاته وإخراجها عن سياقها ، فإني وبكل ما أملك من إصرار أرفض أن أنخدع بحجج الوزير الذي شغل نفسه بتوزيع الاتهامات على الأزهر والجامعات المصرية، وكرس وقته وتفكيره لمقالاته في الصحف وتناسى أمر الوزارة التي استحالت في عهده إلى "غرزة".

لغير المطلع على ما يجري في أروقة الثقافة المصرية ، هل تعلم أن الوزير بدون سوابق إنذار أو مبررات قرر تجميد لجنة متابعة المشروعات، التي شُكلت في عهد الوزير السابق لدفع عجلة العمل في المشروعات المتوقفة ، ربما لأن الوزير الحالي بتاع "تصريحات" مش بتاع "مشروعات".

هل تعلم أن "النمنم" أوقف تعسفيا وحدة مكافحة الفساد داخل الوزارة حتى صارت سداحا مداحا بلا مراقب أو رقيب.

هل لم يخجل الوزير من نفسه ويقدم اعتذارا على توريطه للحكومة وللدولة عندما أصدر قرارا بإنهاء ندب الدكتورة وفاء صادق أمين من العمل كرئيس للإدارة المركزية للشئون الأدبية والمسابقات بالمجلس الأعلى للثقافة ، وهي في الأساس لا تشغل هذا المنصب وانما تعمل رئيسا للإدارة المركزية للشعب واللجان.

لماذا تجاهل الوزير طلب أحد نواب البرلمان بتشكيل لجنة تقصى حقائق بشأن صندوق تمويل مشروعات الأوبرا وأزمة الاستعانة ببعض الفنانين غير المصريين على حساب الفنانين المصريين في الاحتفالات الكبرى التي تقيمها الدولة ، كلها دلائل على الخوف من المواجهة وتحمل المسئولية والإعتراف بالفشل الذي أفضى الى الإفساد.

والحديث عن وقائع الفساد داخل وزارة "النمنم" لا يتوقف عند ذلك، ربما تستطيع تقييم أداء الوزير من خلال منتجات الوزارة المطبوعة من حيث الناحية الفنية والأدبية حتى تكتشف أن الثقافة في مصر مشروع بلا هدف، وأموالا بلا رقيب، وجهد بلا إنتاج، ووزارة بلا وزير، ولو فلح النمنم في إحداث تغيير واحد في وزارته لظهر جليا داخل عقولنا واستوعبته النفوس والشوارع والتعاملات اليومية ، بالعكس فالأمور تزداد سوءا ، والحياة الإجتماعية في مصر شوهتا التعاملات المنحرفة والألفاظ الضحلة لأننا مجتمع بلا ثقافة أو تثقيف.

كل ذلك لم يلتفت اليه الوزير النمنم ، وانما فطن لشئ واحد "لا بد من تغيير مناهج الأزهر" ، "لابد من تطوير التعليم الأزهري" ، وما دور معاليك يا سيادة الوزير، لماذا لم تتقدم برؤية لتطوير المناهج سواءا للأزهر أوغيره ، ثم لماذا يدرس الوافد من البلاد الأجنبية مناهج الأزهر فيصير بها عالما في بلده ، بينما يدرسها المصري هنا فيصبح إرهابيا - من وجهة نظرك - ، أعتقد أن الخلل في الثقافة العامة للمجتمع والمسئول عنها معاليك.

لست مخولا للدفاع عن الأزهر ومؤسساته العريقة "جامعا وجامعة ومشيخة" ، وأعلم أن فيه ما فيه من ماضٍ يجب تحديثه وتطويعه ليتسق مع مرونة الحاضر ، لكنه على أقصى تقدير لا يفضي إلى إرهاب ولا يحض على عنف ، فمناهج الأزهر تحوي كل ما ورد من نصوص إسلامية على مر التاريخ وتتناولها بالدراسة والبحث ، وليس معنى ورود نص في كتاب يحوي عنفا ، أن يمثل ذلك تحريضا واضحا على العنف أو رسالة للتطرف ، وانما مدخلا للبحث والدراسة.

والوزير إن طالع التاريخ ، لوجد الأزهر يضرب في الأعماق بعلمائه وأدبائه أمثال الشيخ محمد عبده وطه حسين اللذان تشكلت عقليتهما بالتعليم الأزهري وتضفرت ثقافتهما بأبجديات الأزهر.

مرة ثانية، أرفض التسليم بمبررات الوزير وتلبيسه للمحرر الصحفي بتحوير تصريحاته وهروبه من المواجهة التي دللت على براءة الأزهر من أكاذيب النمنم، ولو كان حقا ما إدعاه لامتلك شجاعة المواجهة وآمن بقضيته حتى النهاية.

وللتأكيد.. تصريحات الوزير حول الأزهر لا زالت منشورة في بيانه على الصفحة الرسمية لوزارة الثقافة على الفيس بوك حتى الآن ، لكنها في صورة أكثر تهذيبا من الواقع.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط