الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"عمرو خالد" هذا الرجل أحبه 3


نحن الآن في النصف الثانى من العقد الأول بالقرن الحادى والعشرين.. وها هو عمرو خالد يوما بعد يوم تزداد شعبيته ويزداد تألقا ونضوجا وشهرة وثروة وعلاقات وحنينا للوطن أيضا .. يوما بعد يوم يسعى لتحقيق طموح متزايد لا يقف عند حد ولربما كان هذا الطموح الجارف إيجابيا احيانا ولربما أيضا كان احد المآخذ عليه والتي سنتعرض لها فيما بعد والتي ايضا كلفته اخطاء ربما كان في غنى عنها.

ولكن وقبل ان اخوض في تلك الفتره من عمرى وقبل ان اعود بذاكرتى الى تلك الحقبه الزمنيه لزم التنويه بأن تلك السنوات بالتحديد مليئة بالكثير من الاحداث المبهمه نسبيا او كليا في حياة الداعية والتي لن ارصدها من واقع كتب أو مقالات أو احاديث صحفية سابقة ولن استعين حتى بأقوال الداعية نفسه وقتها ولا المقربين منه ولكننى فقط سأحللها من وجهة نظرى المتواضعة التي تحتمل الصواب وتحتمل الخطأ.

دخول مفاجئ ..

في أواخر العقد الأول من الألفينات عاد عمرو خالد الى مصر بشكل مفاجئ أو على الأقل كان مفاجئا لعامة الشعب وان كان من البديهى والمنطقى ان يكون هذا الدخول مخططا له قبلها بأيام وشهور وربما اكثر من ذلك .. وعلى ما اذكر كان هذا الخبر عظيما بالنسبه لى حيث شعرت بفرحة غامرة حينما علمت بعودته ومن المؤكد ان فرحتى تلك كانت نابعة من حبى للرجل وشوقا لايام الحصرى وطمعا في استعادة الدموع التي كادت عيناى ان تنساها من خشية الله وبرغم ان تطلعاتى كانت كبيرة جدا وامالى كانت عريضة انما أيضا كان بداخلى هاجس من عودته فقد كنت اخشى ان تكون العوده مؤقتة او ان يكون الرجوع بهيئة غير تلك التي عهدته عليها.

أعود الى تلك الأيام لأشعر بالأسى قليلا فقد صدقت ظنونى ومخاوفى وسريعا ما تناقلت الصحف الرسمية والحكومية لقاءات عمرو خالد واخباره على غير عادتها فيما سبق وفى نفس التوقيت بدأت تسريبات عن علاقته بأعضاء في الحزب الوطنى وان عودته مقترنه بالرضوخ لتعليمات النظام الحاكم بل وأيضا أذيع وقتها تسريبات من الغرف المغلقه تفيد بأن حقوق عمرو خالد الدعائيه أصبحت حصريا ملكا للنظام المصرى لما يملكه من قدره على الحشد والتأثير في وقت فقد فيه النظام مصداقيته عند الشعب.. لذا كان الداعيه المغضوب عليه آنفا هو نفسه طوق النجاه للنظام كمحاولة لتحسين صورته امام الرأى العام في مصر وخارجها ويبدو انه وفى تلك المرحله كان قد بدأ الحرس القديم في النظام يتنحى جانبا شيئا ما وبدأ الجيل الجديد يمسك بزمام الأمور ليتولى القياده والتخطيط بفكر جديد ... وسبحان مغير الأحوال !!

نعم ظهرت على الساحه اقاويل كثر منها ما يبدو منطقيا ومنها ما يبدو سخيفا ومحض افتراء ومنها ما يبدو انه تسريبات مقصوده لحرق الرجل وقتله سياسيا ومعنويا .. ولكن ....

ولكن أعود لذاكرتى حينها فأجدنى شخصيا مازلت مؤمنا بعمرو خالد كشاب يكافح من اجل رسالته ومن اجل ذاته وعائلته وحياته الشخصيه أيضا ! .. فهو في كل الأحوال بشر ينطق أحيانا عن الهوى ويتخذ قرارات منها ما قد يجانبه الصواب ومنها ما قد يكون مجبرا عليه وهو أيضا اب لاطفال صغار وهو أيضا قدوة لملايين الشباب ومن هنا كانت فكرة المواءمات التى و"ان حدثت" لا اعتبرها عيبا مطلقا وان لم يخنى التشبيه فقد فعلها الحبيب محمد في واقعة صلح الحديبية حين قدم تنازلات تتيح له فرصة مستقبلية كى يبنى الدولة في هدوء ليعود بعدها فاتحا ومنتصرا... ولكن تلك التنازلات وهذه المواءمات لا بد من سقف لها ولا بد ان تكون معرفه وليست على الاطلاق ولابد أيضا الا تخالف المبادئ والمعتقدات التي لا خلاف عليها وهنا يبدو ان ِشيئا ما قد حدث اضطر معه عمرو خالد الى الرحيل مرة أخرى، ومن المرجح ان السبب لم يختلف كثيرا عن سبب الرحيل اول مرة، فقد كان للداعيه طموحات كبيره في المجال المجتمعى والدعوى ومحاربة الفقر والأمية وبدأ خطوات واضحه بحشد رائع ومن المعروف كما سبق ذكره اننا كنا في وطن لك فيه السلام وانت في الظل فاذا تجرأت على الظهور والمنافسه فلا سلام ولا عهد لك.

الداعية والثورة ..

عاد عمرو خالد للظهور بقوه مره أخرى مع ثورة يناير وكان له رأى سياسي مؤيد للثورة والثوار وبدأ يتحدث كثيرا في الاحوال السياسيه على غير عادته "ومن فينا لم يفعل" ويبدو ان طموح الداعيه جعله يفكر في خطوة مستقبليه فائقة الخطوره الا وهى الاندماج في العمل السياسي من منطلق ان الدعوه في حاجة لقوة سياسية تحميها وتجنبه ما تعرض له فيما قد سلف ... وسريعا ما بدأت فكرته تتبلور في حزب سياسي يترأسه ثم برنامج تليفزيونى سياسي اجتماعى استضاف فيه شخصيات كثيره ومنها رموز محسوبة على النظام المنحل ثم اللاموقف واللا رأى في كثير من الاحداث ولكن عليك ان تتذكر سيدى القارئ انه وفى تلك الفتره اكاد ان اجزم ان كل المصريين ترنحوا فيها وفقدوا توازنهم النفسى والعقلى او على الأقل فقدوا الكثير منه وبما ان عمرو خالد جزء لا يتجزأ من هذا الشعب فقد عانى مما نعانيه واجتهد في قراراته فأخطأ فيما أخطأ وأصاب فيما أصاب وتحمل خسارته وحده بكثير من الشعبيه المفقوده وكثير من النقد الحاد والذى وصل الى مرحلة التخوين والاتهام بالتآمر احيانا والغريب ان كلا المعسكرين المتنازعين على السلطه بدأ يكيل الاتهامات له وبدأت الحرب عليه مرة أخرى !!

تعرض لحملة انتقادات لاذعة بعد صدور روايته رافى بركات وكأنه فعل شيئا محرما فاتهموه انه يقحم نفسه فى المجال الادبى طلبا للظهور واستعادة الشهره وسعيا للربح وكأنها تهم! ولكنه تجاوز تلك التفاهات ولم يقحم نفسه في مشاكل أخرى بل فاجأ الجميع بابتعاده عن العمل السياسي ربما مجبرا لان الجو العام لا يصلح لذلك وربما ندما لقناعته بدوره الدعوى والمجتمعى والذى اظنه اهم واعظم الف مره من كرسي زائل ..

عمرو خالد 2016 ..

عاد الان الداعية من حيث بدأ.. فقد بدأ بالشباب وعاد للشباب مره أخرى ولكنه هذه المرة استعوض مسجد المغفره والحصرى بـ الانترنت والفيس بوك مواكبا مستجدات الزمن والتطور التكنولوحى الرهيب ..

بدأت موجة جديدة متناقضة من الاتهامات توجه له فمعسكر يتهمه انه المد الجديد للاخوان ومعسكر يتهمه انه الوجه المتدين للنظام واكاد اجزم ان عمرو خالد لا هذا ولا ذاك فما هو الا مواطن مصري منحه الله القبول وحب الناس فاجتهد لتحقيق حلمه الذى ظل يكبر معه ومعنا يوما بعد يوم الى ان صحونا على واقع جديد فيه احلامنا تحقق منها ما تحقق وتبدد منها ماتبدد ثم بدأ الرجل في حلم جديد مع جيل جديد حلمه بكر ليخطو خطوة جديدة في مرحله جديده وهكذا يظل دور الداعية مع الشباب .

دروس تعلمتها من الداعية..

قد أكون تأثرت في حياتى بأُناس كُثر لكن يبقى عمرو خالد هو ذلك الشخص الذى استطاع ان يكسر بداخلى ذلك الإحساس بأن الله في السماء وبأن الدين في المسجد وبأن القرآن للقراءه .. نعم جعلنى ادرك ان الله معنا وبيننا واقرب الينا من حبل الوريد جعلنى ادرك ان الدين في افعالنا واقوالنا وامور حياتنا جعلنى ادرك ان القران للتأمل والتدبر والتنفيذ العملى في واقعنا .. وألخص اهم ما استفدته خلال رحلتى مع الداعيه في النقاط التالية:

1-لا تعارض بين الدين والدنيا فمن المستحب ان تسعى من اجل المال والدنيا وأيضا تسعى من اجل المغفرة والاخره.
2-ان المسلم لا يصح ان يكون صلبا في أفكاره فظا في تعامله بل لا بد من المرونه والمواءمه وفقا لكل عصر وزمن بما يتيح له ان يستمر في دعوته دون الاخلال بعقيدته ومبادئه فالمسلم كَيس فطن ..
3-ان الله لم يخلقنا ليعذبنا ويبتلينا فقط ولكن الله أيضا خلقنا كى يكون رحيما بنا رزاق واسع الرزق يجيب الداعي ويغيث المضطر ويغفر للتائب.
4-تعلمت أيضا بأن دولة الظلم مهما طالت فهى ساعه فاصبر واجتهد ولا تبالٍ باقوال الحاقدين والحاسدين واعلم ان لكل مجتهد نصيب

واختتم حديثى بأبيات للشافعى يقول فيها:

واللهِ لو صاَحِبَ الإِنسانُ جبريلا
لم يَسلَمِ المَرءُ من قالٍ وَمن قيلا
قد قِيلَ فِي الله أقوالٌ مُصَنَّفةٌ
تُتلى إذا رُتِّل القُرآن تَرتيلا
قَد قِيلَ أنَّ لهُ إبنًا وصاحِبَة
زورًا عليهِ وبُهتانًا وتضليلا
فهذا قَولُهُمُ فِي اللهِ خالِقَهم
فكيفَ لو قِيلَ فِينَا بعضُ ما قِيلا


هذا هو عمرو خالد كما أراه .. رجلا يملك تأثيرا بلا حدود , يخطئ أحيانا فهو بشر ويتعلم من اخطائه فهو لا يكابر , رجلا جاء برسالة واضحه لم تتبدل الا وهى اعبدوا الله دون تكلف ودون مغالاه ودون تصنع ,اعبدوه في افعالكم واقوالكم وسركم وجهركم أينما كنتم وقتما استطعتم , رجلا جاء ليذكرنا بان الله هو الغفور الرحيم العدل الرزاق قبل ان يكون المنتقم الجبار , رجلا جاء ليخبرنا اننا مع الله سنكون افضل حالا واكثر اطمئنانا , رجلا جاء ليقول لنا أن الإسلام دين ودنيا .. رجلا احبه في الله ..

•تنويه : حينما قررت الكتابه عن عمرو خالد لم أكتب عنه من اجل الدفاع عن شخصه او سيرته فهو ليس في حاجه الى ذلك منى ولا من غيرى ولم اكتب عنه طمعا في شهرته فهو دوما شخصية الحديث عنها محفوف بالمخاطر من كل جهه واعلم انه قد يكلفنى فقدان كثير من قرائى الرافضين له ولكنها فقط كلمة صدق اردت ان اقولها في حق الرجل واقل كلمات الشكر والعرفان بالفضل والجميل لمعلمى الذى علمنى ان الله اقرب بكثير مما كنت اظن واستاذى الذى لم أنل شرف لقائه حتى يومنا هذا ....

شكرا د. عمرو وجزاك الله خيرا عنا وعن كل حرف تعلمناه ومازلنا نتعلمه منك وعيد سعيد عليك وعلى كل الساده القراء وعلى المسلمين في كل مكان.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط