الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زيارة البشير ... قراءة بدون ضوضاء


كانت زيارة البشير رئيس دولة جمهورية السودان الأخيرة في ذكرى الاحتفال بنصر وإعجاز أكتوبر 1973 حدثا سياسيا واعلاميا هاما أحدث ضجيجا شديدا في النواحي الاعلامية والدبلوماسية وتناولته جميع وسائل الاعلام وخاصة عندما استعرض الرئيس السيسي معه بعض تشكيلات قواتنا المسلحة في مختلف الأفرع أضفت علي الزيارة بعدا آخر من الأهمية فكان لابد من قراءة هذه الزيارة في محاولة الوصول لرؤي سياسية واقعية وخصوصا مع توقيع العديد من البروتوكولات التي تدعم من أواصر العلاقات الممتدة بين البلدين.

قد يكون من الطبيعي أولا أن نضع هذه الزيارة في بروازها الحقيقي والقصد هنا أن الواقع يؤكد المشاكل في العلاقات ووجود نقاط خلافية منها بطبيعة الحال الخلاف علي حلايب وشلاتين والموقف من سد النهضة وكذلك الموقف المصري من دولة جنوب السودان الوليدة وهذا لا يتناقض مطلقا مع حتمية العلاقات مع السودان مع بقاء الشكل التعاوني والأخوي مهما كانت نقاط الخلاف والمدركات السلبية التي تؤثر عليها في أحيان كثيرة ، كما ينبغي إلقاء الضوء علي أن الراية الاسلامية التي يرفعها نظام الإنقاذ الذي جاء للسلطة بانقلاب عسكري عام 1989 لعبت دورا في فتور العلاقات وازدادت عقب محاولة اغتيال الرئيس مبارك في إثيوبيا.

وعودة البشير إلي القاهرة هي عودة طبيعية لسياسة مسك العصا من المنتصف فالكل يعرف فشل الرجل في تحقيق الإجماع الشعبي عليه وكذلك عدم تحقيق الاندماج الوطني المعضلة الكبري في دولة السودان الشقيق بل ساهم طواعية في انقسام السودان والموافقة طوعا علي استقلال دولة جنوب السودان ، أضف إلي ذلك مطالب أخري بالحكم الذاتي في إقليم دارفور وكذلك عدم الاستقرار السياسي بمعناه الواسع وبداية توتر محتمل في العلاقات مع إثيوبيا والذي يعكس ذلك المناوشات علي الشريط الحدودي بين البلدين علي الرغم من أن التصريحات بين البلدين والقصد هنا السودان وإثيوبيا تؤكد عكس ذلك بل وتزيد علي أن العلاقات هي بالأساس تكامل وقد تصل لدرجة الاتحاد يوما ما ، ولذلك فإن المشهد في أبسط صورة يعكس فهم الرجل لطبيعة الدور المصري وقوته في المحيط الإقليمي ويدرك أن صانع القرار المصري له قول وفعل الآن وغدا.

وقد يكون من المفيد هنا أن نؤكد مرة أخري علي أن إثيوبيا والسودان لهما موقف واحد في مسألة سد النهضة وهو تعاوني بالأساس علي حسابنا ، وقد يكون الفهم الكامل لتأثيرات سد النهضة التي ستجعل من إثيوبيا دولة ذات قوة كبيرة علي المستوي الإقليمي سببا آخر لهذه الزيارة لأن إثيوبيا ومعها ارادة غربية تريد تقسيم السودان لتصبح دويلات صغيرة مما يؤدي في النهاية إلي سيطرة إثيوبية كاملة علي حوض النيل وهذا في تصوري ادراك حسن حتي علي سبيل الاحتياط لأن كل التصريحات والمشاهد والزيارات بين الجانبين تشير إلي عكس ذلك، وعلي أية حال فإنها زيارة جاءت في وقتها وأرسلت رسائل هامة وخاصة في المحيط الإقليمي وخصوصا مع توقيع معاهدات ذات طبيعة تجارية بالأساس وعودة الاجتماعات والزيارات قد يؤدي إلي التوافق علي المصالح المشتركة ، والأهم التأكيد علي وحدة الهدف بين مصر والسودان علي المستوي السياسي والشعبي والأمل والرؤي المستقبلية كلها تصب في إيجابية هذه الزيارة لتغليب لغة المصالح علي أي لغة أخري وليكن معلوما أن مصر والسودان قوتهم في وحدتهم، فهل آن الأوان لفهم ذلك والبناء عليه لتحقيق الاستقرار والرفاهية لكلا البلدين؟؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-