مصر وإثيوبيا .. منطقية التهم وبراءة المتهم وفرص الوحدة والاتحاد

وللاسف كلها أذاعها الاعلام المصرى والصحافة المصرية وكأنها إنجازات اسطورية بالاضافة لبعض التصريحات الهزلية ممن يسمون بالخبراء الاستراتيجيين مدعومة ببعض الاخبار المكذوبة مثل توقف العمل فى سد النهضة بسبب الاحتجاجات وخلافه.

بينما يسرد لى صديقى الحجج والبراهين لواقعية التهم المنسوبة على مصر المحروسة تذكرت مقطعا من مسرحية "شاهد ماشفش حاجة" عندما ذهب الفنان عمر الحريرى ليبشر الفنان عادل امام بأنه بريء من تهم قتل الراقصة عنايات ابو سن الا ان الاخير يفاجئه بسؤال بريء. طيب والدم اللي كان على البنطلون ده كان من ايه ؟ وهكذا يفعل بنا الاعلام المصرى وبعض خبرائنا الافذاذ كلما خرجنا من مأزق يدخلوننا فى مأزق اخر بتصريحاتهم الاعلامية وتغطياتهم الصحفية للوقائع العالمية التى تشبه تمامًا رد الفنان عادل امام . طيب والدم اللي كان فى البنطلون ده كان ايه ؟.

لكن الواقع المصرى الاقتصادى ومشاريعها القومية التى فى الاساس قائمة على التعاون الكبير فى المستقبل مع اشقائها الافارقة فى الجنوب وخاصة دول حوض النيل يبرئ ساحتها من مثل هذه التهم وكذلك واقعها الاقتصادى الصعب وارتفاع الدولار وانشغالها بمحاربة الارهاب يجعلها لا تتبنى اى عداءات خاصة مع الاشقاء فى افريقيا وكذلك التاريخ المصرى اذا ما قرئ لم يقم على استغلال المواقف الداخلية للدول او حتى التدخل فى شئون الدول الاخرى؟

أما واقع الشقيقة اثيوبيا يجعلنا نقول لها ابحثى عن مواقفك مع جيرانك ستعرفين من هو المتهم الحقيقى وراء تأجيج المظاهرات الداخلية للمعارضة الاثيوبية.

نعم اثيوبيا الكبيرة أعتقد انها تبحث عن دولة كبيرة تتهمها لان واقعها الكبير لا يجعلها تتهم الصومال التى كانت تلعب فى احشائها طوال الــ25 سنة الماضية وهى مازالت غير مستقرة وتحولت الى ولايات فيدرالية او بالاصح دويلات فيدرالية.

وكذلك اريتريا التى لا تسلم من المد والجزر السياسى والعسكرى معها ولكنها دولة صغيرة ولا ترتقى ان تكون ندًا لاثيوبيا على حد احساس بعض الساسة الاثيوبيين ولا دولة جنوب السودان الوليدة والمنكوبة بالنزاعات الداخلية على مقعد الحكم والتى كانت اثيوبيا تطلب لها تدخل قوات اممية لبسط الاستقرار فيها مما جعل الاخيرة ترد بنفس المطلب فى الاحتجاجات الاثيوبية الاخيرة..  وبرغم ذلك هى الاخرى لا ترتقى ان تكون ندًا لها.. اما دولة السودان الشقيقة الحليفة وهمزة الوصل بينها وبين الدول العربية لا يجوز سياسيا معاداتها فبالتالى مصر هى انسب دولة من الممكن أن تعمل على اتهامها وان توحد الشعب الاثيوبى داخليًا ضدها لننسب كل اخفاقات ومغامرات الساسة الاثيوبيين التى ادت الى عدم الاستقرار الداخلى بكل سهولة الى مصر لاننا اختلفنا فى بعض بنود مباحثات سد النهضة ناسية ومتناسية الاتفاق المبدئى الذى وقع بين الدول الثلاث فى التعامل وهى ان تعمل كل دولة من الدول الثلاث على مبدأ لا ضرر ولا ضرار فكيف لمصر بعد توقيعها على هذا الاتفاق ان تقوم بزعزعة استقرار اثيوبيا الشقيقة؟.

علينا جميعًا ان نعى انه لا استقرار لدولة دون الاخرى فهذا النيل الخالد الذى وحد الدماء الذى يجرى فى عروقنا جميعًا كفيل ان يوحد شعوب وادى النيل.. علينا يا اشقائنا فى جنوب الوادى ان ننشد السلام والمحبة والوحدة بيننا لا ان نخلق نظريات للفرفة والتشتت .. علينا ان ننقذ شعوبنا من نظريات المؤامرة التى باتت كابوسًا نعيش فيه وشماعة نعلق عليها كل خياباتنا السياسية التى تصدر من ساستنا.. علينا ان ننشد اغانى الوحدة بيننا ونغنى بأعلى صوتنا تحيا وحدة وادى النيل ونردد وراء فنانينا وخاصة وراء الفنان السودانى صلاح ابن البادية هذه الكلمات لأختتم مقالى بها:

ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﻗﺎﻣﺖ ﺍﻏﺎﻧﻲ ﺍﻟﺮﻳﺪﺓ ﺗﺘﻮﺟﻪ
ﺷﻤﺎﻝ
ﺣﺎﺿﻨﺔ ﺍﻟﻤﺪﺍﻳﻦ ﻭﺍﻟﺠﻨﺎﻳﻦ ﻭﺍﻟﺠﺒﺎﻝ
ﺗﺰﺭﻉ ﺍﻏﺎﻧﻲ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻓﻮﻕ ﺿﻬﺮ ﺍﻟﺘﻼﻝ
ﻟﻴﻚ ﻳﺎﺷﻘﻴﻖ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ ﻳﺎ ﻭﺩ ﻋﻤﻲ ﻳﺎ
ﺳﻤﺢ ﺍﻟﺨﺼﺎﻝ
ﺍﻟﻘﺒﻠﻲ ﺷﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﻴﻞ ﺣﻀﻦ ﺭﺯﻗﻮ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ
ﺭﺯﻕ ﺍﻟﺤﻼﻝ
ﺭﺯﻕ ﺍﻻﺯﺍﻫﺮ ﻭﺍﻟﻤﺰﺍﻫﺮ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﻝ
ﺍﻟﻨﻴﻞ ﻗﺪﻝ ﻭﺍﻟﻘﺪﻟﺔ ﻋﺎﺩ ﻻﺑﺲ ﻭﺷﺎﺡ
ﺍﺧﻀﺮ ﺣﺮﻳﺮ ﻭﻣﻌﺎﻩ ﺷﺎﻝ
ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ ﺳﺎﻝ ﺍﺣﻴﺎ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﻔﺎﺗﻮ ﻣﻦ
ﺳﺎﺑﻖ ﺳﻨﻴﻦ
ﻭﺍﻗﻔﻴﻦ ﻣﻌﺎﻱ ﺯﺣﻤﻮ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ
ﻭﺑﻴﻐﻨﻮ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻭﺯﻣﺎﻧﻮ ﺍﻟﻄﺎﻝ
ﻣﺎ ﺑﻴﻨﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﺪﺧﻞ ﺩﺧﻴﻞ ﻭﺩﺭﺑﻨﺎ ﻣﺎ ﺩﺍﻳﺮ
ﺳﺆﺍﻝ
ﻭﺣﺪﻧﺎ ﺍﻫﺪﺍﻓﻨﺎ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﺍﺧﻮﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺏ
ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ
ﻳﻼ ﻳﺎ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺗﻌﺎﻝ ﺍﻧﺤﻨﺎ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺣﻀﻦ
ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ