الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أيمن موسى والذين معه


أيمن علي موسى .. طالب الفرقة الثانية بكلية الهندسة الجامعة البريطانية ومدرب الغوص والسباحة بنادى هليوبوليس (أو هكذا كان منذ ثلاثة اعوام) .. شاب يمتلك الطموح والتفوق والبراءه التى لا تغادر وجهه الصغير.. لا أعرفه معرفة شخصية ولكنى منذ سنوات وانا اتابع قضيته فى صمت وبداخلى إحساس كامن ان هذا الشاب برىء من كل او معظم التهم التى نسبت اليه، فأنا "وإن كنت على خطأ" مؤمن جدا بالمقولة الدارجة المقتبسة من القرآن الكريم الا وهى "سيماهم في وجوههم" .. مجرد احساس غير مدعم بالادلة أو التوكيدات التى تجعلنى أبحث عن حقيقته .. فوفقا للمنطق والبديهيات حينما تجد شابا محبوبا بهذا القدر من زملائه ومن كل من يعرفه ومن يتعامل معه لا يمكن ابدا ان يكون ارهابيا .. شابا يهتف له كل طلاب دفعته بكليه هندسة الجامعة البريطانية على اختلاف ميولهم وانتماءاتهم السياسية.. يهتفون باسمه لحظه تخرجهم فى مشهد تقشعر له الابدان ، مشهد يستحق ان يكون مشهد العام دون جدال.. شاب كهذا لا يمكن ان يكون ارهابيا ابدا.."هكذا كانت تحدثنى نفسى".

ولكنى صدمت منذ شهور حينما اسدل الستار على القضيه بأن تم تثبيت الحكم عليه بخمسة عشر عاما لاتهامه بعدة تهم منها الانتماء الى جماعه ارهابيه ومقاومة السلطات واثارة الفوضى والقتل او التحريض عليه... الخ ...

بالتأكيد حين اصدر السادة القضاة احكامهم سواء فى اول درجه ثم الاستئناف ثم النقض كان امامهم المستندات والادله الكامله التى تجزم بأنه مذنب او على الاقل استراح ضميرهم بما لديهم من اوراق ودلائل وبراهين ان هذا الشاب مذنب وهذا لا شك فيه .. وبرغم ان مسامعنا قد تعودت على مقولة "ياما فى الحبس مظاليم" وهذا واقع بالطبع الا اننى سأفترض انه مذنب برغم نفيه لذلك ولكن هكذا قال القضاء الذى وجب علينا احترام احكامه ..

وبرغم انه لم تتح لى الفرصة كى أطلع على حيثيات الحكم عليه الا انه فى النهاية نحن امام شاب صغير طموح متفوق محبوب يشيد الجميع دون استثناء بكفاءته وحسن خلقه .. ربما اخطأ وربما تعرض لظلم ما ولم يستطع اثبات براءته وربما كان الحكم عادلا جدا ولكن ..

ولكن العدل وحده لا يكفى فى الفتره الحاليه فالعدل هو تطبيق القانون وفقا لاوراق ومستندات وحسابات اخرى لكن الرحمة هى تطبيق سلطة العفو عند المقدرة وفقا لروح القانون غير المذكورة فى الكتب وبين النصوص والتى تراعى كل حالة بعينها .. روح القانون تلك هى التى نسأل الله فى كل فرض ان يحاسبنا بها .. روح القانون تلك هى التى ستدخلنا الجنة التى لن يطأها احد بعمله وفقا للقانون الالهى ولكن برحمة الله وعفوه رغم أخطائنا وذنوبنا ..

أعلم اننا نمر بمرحلة خطيرة من عمر الوطن وجب فيها تطبيق القوانين بكل حزم وقوة وصرامة ودون محاباه ولكن ايضا وجب فيها تطبيق روح القانون بكل ود ورحمة وانسانية ولا تعارض اطلاقا بين هذا وذاك .. فكيف لارهابى غادر معتاد الاجرام يحمل اسلحة ثقيلة ليقتل بها جنودنا البواسل ثم يحاكم لسنوات وبعدها يصدر الحكم عليه بالمؤبد وفقا للقانون والاوراق وكيف ايضا لنفس المؤبد ان يكون مصير شاب متفوق مجتهد اخطأ فى لحظات غضب وعصبيه فخرج فى مظاهره سيق اليها ودفع فيها الى التخريب والتجمهر وخلافه ..اظنهما لا يستويان ابدا !

فى حقيقة الامر ماشجعنى على كتابة تلك الكلمات امران .. اولهما هذا القدر الهائل من الشجن والتعاطف بعدما قرأت خطاب كتبه ايمن موسى وهو فى السجن لأمه بمناسبة عيد ميلاده يواسيها فيه لوفاة ابيه ولن يكون مجاله هنا ولكنه متاح على شبكات التواصل لمن اراد قراءته .. وثانيهما رعاية الرئيس لمؤتمر الشباب بشرم الشيخ وتأكيده على امكانية دراسة احوال شباب مظلوم فى السجون وبما انه مازال هناك شباب مظلومون ومازال هناك شباب اخطأوا ولكن يمكن استيعابهم والعفو عنهم وضمهم الى حزب بناة الوطن وبما أن هناك شبابا يمكن أن نرحمهم ونرحم آباءهم وأمهاتهم فيكونون لنا ذخرا فيما هو قادم من سنين فلما لا وقد فعلها من نقتدى بهداه خير الانام محمد عليه افضل الصلاة والسلام حين قال قولته الشهيرة يوم فتح مكة " اذهبوا فأنتم الطلقاء" ..

لقد عفا الله عن موسى عليه السلام حين دافع عن شخص من شيعته استغاث به فاغاثه وضرب عدوه فقتله بالخطأ فى لحظات عصبيه وقبلية على غير حق ونال موسي جزاءه بأن ترك اهله ووطنه وفر بعيدا وحيدا وتعلم الدرس جيدا فيما بعد ولم يكررها موسى بعدها حين استغاث به هذا الشخص مره اخرى كما أخبرنا المولى فى كتابه بل والاعظم ان الله اختاره ليكون نبى بنى اسرائيل وما اعظمه من شرف وقد ضرب لنا الله هذا المثل كى نتدبر ونتعلم حكمة العفو عن المقدره والرحمه قبل القانون والتفرقه بين المجرم الحقيقى وبين هذا الذى مسه الشيطان بلحظات جنون ثم افاق منها ولم يفعلها لا من قبل ولا من بعد فهؤلاء عفا الله عنهم وامرنا بالعفو متى كان ذلك بايدينا فقد يكونون عظماء هذا الوطن يوما ما ... واظن ان ايمن نال جزاءه سنوات ثلاث سجينا فقد خلالها دراسته وفقد اباه وفقد اشياء كثيره تعلم فيها ايضا الكثير من الدروس التى لن ينساها ما حيا..

سيادة الرئيس إن الله فى محكم آياته يستثنى من العقاب من هو غير باغ ولا عاد فإن كان ايمن غير باغ ولا عاد فاعفُ عنه وعن امثاله.

سيادة الرئيس ان العفو هبة الاله يمنحها لعباده متى شاء لمن اراد ويطالبنا بها عند المقدرة وانت الحاكم الذى فوضك الله بالسلطه تحكم بها فى ملك الله بأمر الله وتمتلك العفو فاعف عن من اخطأ غير باغ ولا عاد كرامة لوطن مشتت كى نلملم اطرافه ونربأ الصدع فيه ونوحد صفوفنا فى مواجهة عدو يسعى لان يفرقنا شيعا متنازعة.

سيادة الرئيس نحن لا نطالب بالعفو عن ارهابى او معتاد الاجرام او قاتل او نصاب او فاسد .. نحن فقط نريد العفو عن شباب صغير سيق لمظاهرة وتم التأثير عليهم فأخذوا بذنب غيرهم او بذنبهم الاستثنائى وليد لحظات التهور فهؤلاء يمكن تقويمهم وكفاهم ما نالوا من عقاب فهم مذنبون لكنهم ليسوا ارهابيين.

سيادة الرئيس.. ننتظر قرارا بالعفو يقر عين أم أيمن موسى وأمهات كثر فقدوا أولادهن فى لحظات طيش او لحظات ظلم.

سيادة الرئيس.. أيمن موسى والذين معه من شباب خلف القضبان ينتظرون منك النظر اليهم والعفو عنهم ان كانوا اهلا للعفو الذى انت اهلٌ له .. فهل انت فاعل؟.


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط