التسويق السياسي في المؤتمر الوطني للشباب

التسويق السياسي هو مصطلح جديد نسبيا في تيار أدب العلوم السياسية. التسويق السياسي يعني استخدام أدوات التسويق أو التقنيات والأساليب في العملية السياسية.

وبعبارة أخرى، التسويق السياسي هو نتيجة الزواج بين التسويق والسياسة. كنشاط و أسلوب، فإنه يعكس تغلغل الفضاء السياسي من خلال التسويق. الدعاية السياسية، و استخدام المشاهير، وإشراك المستشارين المحترفين ومديري حملة، وحملات عبر الإنترنت، وفرز الأصوات من خلال الهاتف المحمول، وتجزئة، والصغرى التي تستهدف وما هي بعض من الأساليب المستخدمة على نطاق واسع في مجال التسويق السياسي.

على الرغم من استخدام التسويق السياسي على نحو متزايد في النظم السياسية الديمقراطية التي الدعم الجماهيري مهم بشكل كبير للحفاظ على السلطة؛ الحكام العسكريين أيضا تلجأ لاستخدام استراتيجية التسويق لبناء صورتهم ذات العلامات التجارية.

تأثير التسويق المهنية قد أثر على أسلوب عمل الأحزاب السياسية. أصبحت الأطراف أكثر توجها نحو التسويق ، وبدأت هناك برامج وسياسات في تناغم مع استطلاعات الرأي ومسوحات السوق. وقد لعبت ثورة المعلومات والعولمة دورا حيويا في تغيير نمط ومحتوى الحملات السياسية التقليدية في واحدة من أساليب التسويق أكثر مهنية ومتطورة. ويقال أنه إذا نفذ حزب سياسي فلسفة التسويق، وسوف يسعى لتلبية احتياجات الناخبين ويريد، وبالتالي إنتاج رضا الناخبين، وبذلك كسب التأييد الانتخابي لتحقيق أهدافها الخاصة.

هذه مقدمة كتاب عن التسويق السياسي لجنيفر مارشمينت أستاذة التسويق السياسي في احد جامعات نيوزلندا نشر 2006
كان لابد من هذه المقدمة الطويلة لكي نفهم ما هو التسويق السياسي و كيف تم استخدامه في المؤتمر و هل هناك في مصر تسويق سياسي بشكل احترافي ام مجرد محاولات.

عندما تمت دعوتي إلى المؤتمر كانت لدي صورة ذهنية بأنه سوف يكون مؤتمرا مختلفا .البعض الآخر وضع صورة ذهنية بأن المؤتمر سوف يكون مجرد مؤتمر تقليدي حيث يتم تجميع وحشد شباب مؤيد و يصفقون علي ما تقوله قيادات الحزب.

ما جعلني أشعر أن المؤتمر سوف يكون مختلف هو برنامج المؤتمر و المواضيع التي طلب مني شخصيا أن أحضرها مثل التأثير النفسي لوسائل التواصل الاجتماعي و استخدامها وتوظيفها سياسيا و إدمان المواقع الإباحية .موضوعات جديدة و تشغل الرأي العام وتهم الشباب .ليست سياسية فقط و تم عرضها علي اللجنة المنظمة .بجانب باقي برنامج المؤتمر من موضوعات اقتصادية و بحث علمي و صحة و محاكاة للحكومة .عند الذهاب إلى المؤتمر وجدت أن المدعوين من مختلف الشخصيات و الأطياف و المعارضة كانت حاضرة بقوة من الشباب.

إذا الدولة لم تدعو المؤيدين فقط و لكن دعت المعارضة .من ضمن مدارس التسويق السياسي أن تعرض فكرك علي المعارضة وتحاول إقناعها أو جعلها في الحياد و تستمع لهم لكي تتفادي أخطاءك أو تعدلها.

استخدام مشاهير الرياضة والفن في الأحداث السياسية أيضا عنصر جذب مهم جدا كما تقول مراجع التواصل الاجتماعي .وجود كابتن محمود الخطيب كممثل للرياضين كان عنصر للسعادة و الجذب ووجود صاحبة السعادة إسعاد يونس جعل أغلب الشباب يلتفون حولها و يلتقطون الصور معها .وفي ختام المؤتمر تكريم الشابة فاطمة سعيد التي فازت بجائزة أفضل سوبرانو في العالم .و تكريم المخرج محمد شاكر خضير.

رياضة و فن القوي الناعمة .
نأتي إلى اختيار مكان المؤتمر .شرم الشيخ واحدة من أروع الاماكن و الشواطئ الساحلية و مصدر جذب للسياح من جميع أنحاء العالم و توقيت المؤتمر في وقت تعاني فيه السياحة بسبب الحملات السلبية التي تجري ضد مصر من الغرب والإخوان لضرب الاقتصاد و إيقاف السياحة .

فيذهب رئيس الجمهورية و الحكومة كاملة و الشخصيات العامة و صحبة آلاف الشباب .رسالة واضحة قوية بأن مصر آمنة وإعادة الحياة الي مدينة السلام و عمل ماراثون جري ثاني يوم المؤتمر له دلالة بأن مصر شابة فتية لم تشيخ مستعدة للانطلاق و أي معركة .بجانب أغنية الختام و اختيار فريق له جمهور عريض من الشباب فريق بلاك تيما الذي أشعل المسرح بأغنية يالا سيب بصمتك يالا .

نأتي الى جلسات المؤتمر لأول مرة يجلس رئيس جمهورية يستمع الشباب ويجلس وسط الجمهور و الشباب يجلسون علي المنصة متحدثين لم تكن جلسة واحدة بل كانت عدة جلسات وجدنا الرئيس يضحك في بعض الجلسات و غاضب في أخرى خصوصا جلسة سعر الصرف و أعلنها صريحة بأن مصر تخوض حرب اقتصادية ضد أهل الشر .

إجراء حوارات مباشرة وتواصل الشباب مع الرئيس يعتبر من ضمن مدارس التسويق السياسي التي تجتذب الشباب .مراجع علم النفس السياسي تشير أن من ضمن الأساليب لجذب الشباب سياسيا هي التواصل المباشر عن طريق اللقاءات المباشرة لأن الرؤية مباشرة لها تأثير أكثر و تعطي حماسة أكثر .والاحدث هو التواصل عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي .و الرئيس أكد أنه متابع لوسائل التواصل الاجتماعي أكثر من مرة .

المؤتمر لم يكن يهدف صراحة التسويق السياسي للرئيس و لكنه كان يهدف لإبراز نماذج ناجحة من ال البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب بجانب وجود شباب الجامعات والأحزاب .الهدف كان الاهتمام بالشباب.


طبقا للإحصاءات الأخيرة للبنك الدولي عن التوزيع السكاني للدول وجد أن مصر تعاني من انفجار أو انبعاج سكاني في الهرم السكاني youth bulge في الشباب، حيث يمثل 65 في المئة من تعداد السكان شباب تتراوح أعمارهم من 20 إلي 45 طبقا للإحصاءات الأخيرة للبنك الدولي عن التوزيع السكاني للدول وجد أن مصر تعاني من انفجار أو انبعاج سكاني في الهرم السكاني youth bulge في الشباب، حيث يمثل 65 في المئة من تعداد السكان شباب تترواح أعمارهم من 20 الي 45

العجيب أن الغرب اهتم جدًا بهذا، وقام بعمل عدة أبحاث عن هذه الظاهرة، ولفت نظري ورقة بحثية قدمها دانيال جريف ضابط مخابرات أمريكية و عمل كمستشار لبعثة وزارة الدفاع الأمريكية في حلف الناتو، وعمل كمستشار لوزير الدفاع لفترة.

إذن ليس أمام باحث عادي ولكن أمام رجل مخابرات من طراز فريد، دارس للعلوم السياسية والأمنية، قام بعمل ورقة بحثية تتكون من أكتر من عشرين صفحة عن الانفجار السكاني لشباب في مصر و علاقته بثورات الربيع العربي و الأمن The Youth Bulge in Egypt: An Intersection of Demographics, Security, and the Arab Spring and LaGraffe Department of Defense 1

وأسهب الباحث في الكلام عن البطالة و الفقر و الأحوال الاقتصادية وكيف يؤدي هذا إلي العنف السياسي وصنع الثورات وانتشار الشائعات باختصار كان الهدف الخفي من هذه الورقة البحثية هي كيفية استخدام الشباب في مصر لاستمرار حالة الفوضى وعدم الاستقرار الأمني.

كما تتحدث دراسات ومقالات أخرى عن المشاركة السياسية للشباب المصري وعزوفهم عن المشاركة سواء بالانتخاب أو ترشيح أنفسهم.

بالطبع لفت هذا الأمر نظر سيادة الرئيس وأعلن أن عام 2016 عام الشباب، بجانب ذلك أنشأ وفعل البرنامج الرئاسي لشباب PlP ويهدف هذا البرنامج إلي إنشاء قاعدة شبابية قادرة علي الإدارة والقيادة والتواصل واستخدام التكنولوجيا و لديها دراية بمبادئ الأمن القومي وقدرة علي التخطيط والنظرة المستقبلية والنهوض بالوطن والقدرة علي استطلاع الراي و التحليل.

هؤلاء الشباب هم من يكونوا أدوات التسويق السياسي لمصر في الخارج والداخل بما اكتسبوه من مهارات وعلم من خلال البرنامج الذي اطلعت علي مناهج الدراسة فيه، وهي مناهج متقدمة جدًا في علوم الإدارة والعلوم الاستراتيجية و الإنسانية، حيث أتوقع أن كل شاب ناله الحظ ودخل البرنامج سوف يكون قادر علي حشد وتحفيز آلاف الشباب حوله.

الخلاصة بأن المؤتمر كان بروفة لشباب مصر و قدرتهم علي القيادة والتنظيم .نجحت التجربة بنسبة كبيرة أفرزت عن توصيات كان مفاجأة للمعارضة أبرزها لجنة للنظر في قضايا الشباب المعتقلين في قضايا سياسية و كنت حاضرا لحظة الإعلان فوجدت تصفيق حاد ومدوي من الشباب .وإن شاء الله تستمر التجربة.