الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السودان ... حكايات الوجع الممتد


يكون الحديث عن السودان دائما وأبدا في شكل تساؤلات تكون الإجابة عليها غير مكتملة.. ولكنني رأيت أن أتحدث تاركا للقارئ حرية الرؤية والتعليق والنقد، وليكن معلوما أنني أتحدث دائما في ضوء موضوعية أتمني ألا أحيد عنها يوما ، والحديث عن السودان هو في الحقيقة حديث الأهل مع بعضهم البعض والقصد هنا أنني أبتعد عن النخب التي كانت ومازالت في مرمي المسئولية عما آل إليه الوضع في السودان الآن.

علي بقعة مترامية الأطراف نري السودان أكبر البلدان الأفريقية من حيث المساحة يشقه نهر النيل وكذلك يحظي السودان بالتنوع في كل شيء من حيث المناخ والنبات والحيوانات ، تلك هي البيئة الجغرافية في أبسط صورة أما حديث التاريخ فإنه يشير إلي ذات التنوع الإثني والقبلي ، هذا التنوع الذي يعتبر سمة مميزة لأهلنا في القارة بأكملها وفي السودان علي وجه الخصوص، وعلي الرغم من أن هذه نعمة انقلبت إلي نقمة لأن ادارة هذا التنوع كانت كارثية علي واقع من التحيز وعدم العدالة قد يصل للأسف إلي حد العنصرية بمعناها الواسع وحتي لا يكون الأمر غامضا فالأمر كله يسير في فلك تفوق عنصر أو إثنية علي أخري مما يخلق صراعا أبديا يصعب علاجه أو السيطرة عليه.

وقد كانت حكايات السودان طويلة ومعقدة وحتي لا نضرب في عمق التاريخ بعيدا فإننا نكتفي بإشارات قليلة من الماضي القريب فمع استقلال السودان عام 1956 ضرب السودان موعدا مع عدم الاستقرار وظواهر الانقلابات شاهدة علي ذلك ، ونقترب أكثر من ثورة مايو عام 1969 تحت راية الضباط الأحرار حوالي 200 طالب بمدرسة المدرعات ومع وصولهم لمدينة الخرطوم ثم الاستيلاء علي مقر الإذاعة والتليفزيون وكان الخطاب الأول للعقيد جعفر نميري الذي أعلن فيه تأسيس جمهورية ديمقراطية في السودان وتم تأييد الانقلاب بارادة الجيش والشعب ودون الدخول في تفصيلات كثيرة فإن حقبة هذا الرجل شهدت الشيء وعكسه في نفس الوقت وشهد حكمه محاولات للانقلاب عليه ، المهم هنا ختام حياة الرجل الذي أعلن فيها أنه خليفة المسلمين ، ومع اعلان قوانين سبتمبر لتطبيق الشريعة الاسلامية علي كامل التراب السوداني يكون قد فعل ما قام به محمد المهدي في الحقبة المهدية وتعددت مظاهر تطبيق الشريعة الاسلامية حتي أنه أصبح مألوفا رؤية عمليات الجلد والقصاص في قارعة الطريق وانتهي الأمر سياسيا مع مظاهرات وتولي الفريق عبدالرحمن سوار الذهب قيادة التجمع الوطني لإنقاذ البلاد.

كانت هذه لمحة عن فترة شقت الصفوف السودانية مع وجود بعض المحاولات لاحتواء الجنوب الذي تحالف مع الكيان الصهيوني علنا من خلال حركة أنيانيا منذ عام 1967 في زيارات ودعم متبادل بين الجانبين لذلك لم يكن غريبا استقلال جنوب السودان منذ سنوات قليلة وذلك يمثل لنا قلقا ووجعا ممتدا وعلي أهلنا في السودان التعامل مع قضيته الكبري التي سببت الوجع وعدم الاندماج حتي الآن ألا وهي معضلة الهوية بالإضافة إلي تهميش الأطراف وتفضيل المركز عن سائر البقاع السودانية الأخري ورفع الراية الدينية التي أدت في النهاية إلي استقلال دولة الجنوب برغبة شمالية من الأساس ودعم غربي لتنفيذ ما تم تخطيطه منذ أمد بعيد ، ومسائل السودان المعلقة ومنها أزمة دارفور وعدم الاستقرار السياسي علي كامل الأرض السودانية.

ورسالتي لصانع القرار في السودان أيا كانت الأيديولوجية التي ينطلق منها وعلي الرغم من قناعتي من تأثير تلك الأيديولوجية علي قرارات النظام في المحيط الداخلي والخارجي فإنني أصرخ قائلا بأن سيف الوقت يقطعنا ولم يعد لدينا رفاهية الاختيار فالتنسيق والتكامل والوحدة مع مصر أمر لا مفر منه في ظل واقع إقليمي يتربص بنا من كل جانب، ولنبتعد عما فرقنا يوما ولنجلس سويا بعيدا عن المدركات السلبية التى داهمت عقولنا وشوهت وحدتنا من جميع النواحى لعلنا في النهاية نجد دواء شافيا لهذا الوجع الممتد.
وإلى حديث افريقى وسودانى آخر.......
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط