الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

باسم يوسف والظرف الأسود وأنتم


إنني أهاجم الآن 80% من الشعب المصري، ربما تكون أنت منهم. نعم إنني أهاجمك أنت أيها البائس. هل تعلم لماذا؟ لأنك السبب الوحيد في كل البؤس والدمار والفساد الذي انغمست فيه البلاد. أنتَ لعنة مستنسخ عنها ملايين العيّنات المشابهة، والتي أنتجت بدورها ملايين البشريين أمثالك، الذين يفضّلون تعاطي البؤس في الوريد كل يوم بعد الاستيقاظ وقبل النوم.

أهاجمك لأن الله أعطاك قيمة، وأنت دهستها بقدميك. أهاجمك لأن الله أعطاك عقلًا، وأنت عطّلت تنفيذه، ظنًّا منك أن استخدامه في التفكُّر والتدبر والتساؤل والبحث عن الحقيقة حرام حرام! أنت يا من تجلس على كرسيك المُفضّل وتتابع نشرات الأخبار لتتلقى منها مصيرك. ألم تستفق بعد؟ ألم تلاحظ أنك مجرد بئر فارغ يحوي ما يُملأ به ويُصَبّ فيه بدون تدخل منك أو اعتراض؟

_ هذا وقد فاز، على عكس المتوقّع، المرشح الأمريكي دونالد ترامب.
_ الرئيس السيسي يهنئ ترامب ويدعوه إلى زيارة القاهرة.

يسمع الأغلبية نشرات الأخبار لا لأخذ المعلومات والحقائق، بل لتقرير المصائر. الأغلبية مبرمجون على تلقّي المصير من عوامل سياسية واجتماعية خارجية. فإذا تلقّيت خبرًا سيئًا اليوم، لا بد أن يكون مصيري سيئًا بالتبعية.

كم مليون شخص شعروا أن حياتهم مهددة بالخطر من أجل حدث وقع في أمريكا صباح الأمس؟ جميعهم موقنون أن حياتهم وقدرهم ومصيرهم مربوط بشكل مباشر بشخص ما. هذا الشخص يمكنه أن يُحييهم أو ينسفهم من على وجه الأرض بإشارة منه، وكأنهم العَدَم، وكأنهم جمادات لا عقول لها، ولا إرادة. مستسلمون هم للظرف بطبيعته. يقبلون فكرة أن لا حيلة لهم في التحكُّم بمصيرهم الخاص، حتى وإذا ترتب على هذا التفكير فناؤهم!

على الجانب الآخر، نجد 20% فقط من جموع البشر، يتحكمون بمصائرهم في أسوأ الظروف، بل ويستغلّون الظرف السيئ ليطوّعوه ويحوّلوه إلى ظرف حميد يمكن التعامل معه بمرونة، ويمكن لهذا الظرف السيئ المتحوّل أن يجعل من حياتهم جنّة، ومن أعمالهم نجاحات عظيمة. وبما أنني اتخذت فوز ترامب في الانتخابات مثالًا للظرف الذي ترجمه الناس أنه ظرف أسود سيدمر مصيرهم الخاص، فيمكنني أن أشير لشخص طوّع هذا الظرف لصالح مصيره الخاص ليجعل منه نجاحًا ينعكس بالإيجاب على حياته كلها.

كلنا نتذكر باسم يوسف، هذا المذيع الذي نجح نجاحا باهرا بتقديم برنامج "البرنامج" في ظرف أسود قديم مشابه، عندما تولّى محمد مرسي رئاسة الجمهورية. استغل باسم يوسف هذا الظرف وأحاله إلى كوميديا سوداء، وطوعه ليخدم عمله كمذيع ساخر. اختفى باسم يوسف ثم عاد ليستغلّ ترشُّح ترامب للرئاسة ليجعل من ذلك مادة ساخرة يستمد منها نجاح مصيره الخاص! فنجده يسخر من الأمر بطريقته، وباللغة الإنجليزية، ليقدّم عمله إلى من يعنيهم الأمر فينجح على الصعيد الشخصي مرة أخرى.

لا أتكلم اليوم في السياسة، ولكنني أتكلم عن طريقة تفكير 80% مقابل 20% من البشر. 80% من الناس يتركون مصيرهم ليحدده الظرف، الظرف الذي هو نتاج لتفكير الناس ولو يعلمون! مقابل 20% يطوّعون أسود الظروف لصالحهم، وإن كان هذا الظرف زلزالًا مدمّرًا! الاختلاف بينهما هو طريقة استجابة كل منهما للحدث. هذا الاختلاف يجعل من الـ 80% فقراء بائسين، والـ 20% المتبقين أثرياء ناجحين. طريقة الاستجابة للحدث هي أنت، هي مصيرك، هي كل شيء. وما كان ذكري لأشخاص بعينها هنا إلا مجرد أمثلة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط