الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التشريعات الإعلامية وحالة الضبابية


مجددا يعود الحديث فى بلادى مصر عن التشريعات الإعلامية الجديدة ، والتى تدور حول مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام الموحد ، أو هكذا تم تداوله إعلاميا بعد أن تقدمت به لجنة الخمسين ، وهى اللجنة التى تولت وضعه ، وترأسها الكاتب الصحفى الكبير ونقيب الصحفيين الأسبق جلال عارف ، وضمت فى عضويتها نخبة من كبار الكتاب والصحفيين ، وأهل التخصص ، إلى الحكومة.

ويدور مشروع القانون حول ضوابط العمل الإعلامى عموما من صحافة ووسائل أخرى مرئية ، وحقوق وواجبات الإعلاميين ، والهيئات المنظمة لذلك العمل وكيفية تشكيلها ، وغير ذلك مما جاء به مشروع القانون ، من تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ، والهيئة الوطنية للصحافة ، والهيئة الوطنية للإعلام.

وقد تباينت الرؤى ووجهات النظر حول مشروع القانون ، وانقسم البعض حوله مابين مؤيد ومعارض ، غير أن حالة الضبابية هى التى سيطرت على المشهد العام للمشروع ، وتباينت الآراء حول تركيبته ، وما بين كونه مشروعا متكاملا لتنظيم الصحافة والإعلام ككل متكامل ، أو أنه ضم ثلاثة قوانين فى قانون واحد ، بدرجة تفوق التباين حول نصوصه وعما إذا كان مشروع قانون يختص بالصحافة المملوك للدولة منها والخاصة والحزبية.

غير أن اعتراضنا وهو الذى لايروق للبعض ، انصب حول مضمون مواد المشروع وذهبنا إلى أنه لايحقق الصالح العام لجميع الصحفيين ، وأنه مارس تمييزا بينهم ، فضلا عن أنه أعطى حقوقا للصحف المملوكة للدولة بشكل واضح لم يمنحها لغيرها من الصحف ، فضلا عن أنه لم يضبط علاقة عمل الصحفيين ، أو يضع تأمينا لمستقبلهم ، خاصة فى ظل زيادة حالات الفصل التعسفى للصحفيين ،وزيادة أعداد البطالة بينهم ، وعدم المقدرة على حل مشاكل الصحف المتوقفة عن الصدور بسبب التعثر المالى ، وأزمات التوزيع وخلافه ، فضلا عن ملاحظاتنا على تشكيل الهيئة الوطنية للصحافة ، وهو تشكيل لم يراع حقوق الصحفيين ، وغير ذلك من الملاحظات التى أبديناها وواجهها البعض بنقد شديد ، يدافع عن مشروع القانون بصيغته الحالية ، وكأنه المخلص لكل أزمات الصحافة والإعلام فى بلادى مصر.

وما ظهر مجددا كان من مجلس الدولة ، الذى أبدى ملاحظاته على مشروع القانون ، وانتهى وفقا لما أعلنه البرلمان إلى ضرورة الحديث عن تشكيل الهيئات الثلاث قبل القانون ، وذلك استنادا للمواد 211 و212 و213 من الدستور ، وهو الأمر الذى يعنى فى رأى البرلمان ، أن تشكيل الهيئات الثلاث يسبق الحديث عن مشروع قانون موحد للصحافة والإعلام ، ووجهة النظر فى ذلك أن تلك الهيئات تقوم بوضع القوانين الخاصة بها ، باعتبارها صاحبة الرأى والمشورة فيها.

ورغم أن تلك تمثل وجهة نظر دستورية ، إلا أن البعض ما زال يرى فى المشروع الموحد أنه الحل الآنى والآجل لكل المشاكل الإعلامية العالقة ، خاصة فى ظل ظاهرة الانفلات الإعلامى التى يعانى منها المجتمع المصرى ، وأن أى تأخير فى إقرار مشروع القانون بصيغته الحالية يمثل وفقا لوجهة النظر المؤيدة له التفافا عليه ومراوغة فى عدم اقراره ، فى حين تذهب وجهة النظر الأخرى إلى ضرورة تشكيل الهيئات الثلاث قبل اقرار المشروع ، وهو مايعنى وفقا لوجهة النظر تلك ، نسفا للمشروع الموحد.

واللافت للنظر فى أمر مشروع القانون الموحد للصحافة والإعلام ، أن عدم وضوح الرؤية هو السمة الغالبة ، وحالة الضبابية هى سيدة الموقف ، وقد يكون لذلك أسبابه ، أن الذين قاموا بصياغته ينتمون فى أغلبهم إلى مؤسسات حكومية ، وهو ما يفسر أسباب الاهتمام بالصحف المملوكة للدولة دون غيرها.

ما يعنينا فى هذا المقام ، هو إصلاح أوضاع مهنة الصحافة ، باعتبارها تسير وفقا لقوانين ومواثيق شرف صحفية ، أفرز عدم تطبيقها إلى أزمات خطيرة تهدد أبناء المهنة وكذلك المجتمع ، وذلك بخلاف تنظيم الإعلام المرئى الذى مازال البحث مستمرا حول آليات تنظيمه ، وهو ما يعنى – عندى – ضرورة إعادة النظر فى مشروع القانون الموحد للصحافة والإعلام ، على أن يسبق ذلك كله عمل جاد لإزالة حالة الضبابية التى فرضت نفسها على المشروع سواء كان ذلك متعلقا بمناقشاته أو ببناء مواقف مسبقة بشأنه ، وذلك إن أردنا تشريعات إعلامية تعالج الأزمات الحالية.
ويجب ألا يغيب عن المهتمين بالشأن الصحفى المصلحة العامة ، وإدراك أن الخلاف على مشروع القانون ، لا يعنى بحال من الأحوال الخلاف حول الأشخاص الذين ساهموا فى وضعه ، كما يجب التحلل من فكرة المصالح الخاصة ، التى يفسر البعض أسباب الخلاف على مشروع القانون على أساسها ، ذلك لأن الجميع يدرك تماما الظروف الاستثنائية التى تمر بها الصحافة والإعلام فى بلادى مصر ، وما يتطلبه ذلك من توافق على انهائها بشكل يضمن أداء إعلاميا متوافقا مع مبادئ الأخلاق والقوانين المنظمة ، ويسبق ذلك كله حق المجتمع فى المعرفة.
-------------
• مقرر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة
[email protected]
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط