الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكتاب أهم من قطعة الشيكولاتة


لاحظنا في الجمعة الماضية، والتي أسماها التجّار "الجمعة السوداء"، التهافُت على شراء الملابس والأدوات الإلكترونية المُخفّضة، رغم أن المكتبات نَهَجَت النهج ذاته وخفّضت ثمن الكُتب، إلّا أننا لم نرَ ولم نسمع عن تكدُّس وزحام أمام إحدى المكتبات لشراء الكتب المخفّضة! رغم أن ثمن الكتاب المخفض أقل من ربع ثمن سترة شتويّة أو حقيبة أو حتى حذاء!

في ظلّ الظروف التي نمُر بها الآن، وكمّ الفساد المزمن، وتوغّل الجهل في أدمغتنا حتى صار وكأنه طبيعيًا بديهيًّا، لا بُد أن نعود إلى الكتاب بعد طول هَجر وإهمال.

القراءة ضرورة قصوى يجب أن نثور مطالبين بها. القراءة ليست رفاهية وليست خيارًا يمكننا أن نفعله ويمكننا ألا نفعله. القراءة واجبة على كل فرد من أفراد مجتمعنا العربي. لو قرأ كل فرد وعلم ما لم يكُن يعلم وتفكّر وتدبّر وتساءل وبَحَثَ وتعلّم وعَلّم لسوف يتغيَّر ويُغيّر من حوله وبالتبعية سيتغيّر الحال من التردّي والهوان إلى العُلا والارتقاء.

وعلى كل مثقّف وقارئ أن يدعو غيره ويشجّع من حوله على القراءة. هذا وقد كانت أوّل آية أنزلها الله على عباده "اقرأ" وكتابنا المقدس اسمه "قرآن"! ما يؤكد لكل مفكّر أن القراءة فريضة وواجب، وأن الوسيلة لمعرفة حقائق الكون والدين والله والتساؤلات التي تشغل البال هي القراءة. فإذا كنت لا تقرأ فأنت لا تفكّر إلا في أمور تافهة لا مكان لها في الكون إلا في عقلك الخامل.

لقد كنت، وما زلت، كلما توفّر لدي مبلغ من المال صرفته كلّه لشراء الكتب، ولم يقابل من حولي هذا التصرّف إلا بالاستهزاء والشفقة "ليتك اشتريتِ ملابس جديدة تنفعك، أو طعامًا لذيذًا فيه الرّمق"، وكأن الكتاب مجرّد ورق لا ينفع ولا يضرّ. أو ربما هو يضر لأنه يأخذ مالي ولا يعطيني في المقابل شيئا ظاهرا أتفاخر به أمام الناس كالزينة والملابس، فيصبح شراء الكتاب نقمة غير مستحبة في البيوت العربية! ورفاهية يمكن الاستغناء عنها وشراء شيء ما يؤكَل أو يلبس لنستنفع به ولا يكون المال قد ضاع هباءً.

لا أعلم هل نحن بحاجة إلى تذكير الناس بأن الكتاب يعطينا عقلنا وروحنا وحياتنا؟ هل يجب أن نقول لهم إن الكتب هي خلاصة عقول قضت حياتها في البحث والتفكُّر والتدبُّر، وإنكَ باقتنائك كتابًا فأنت قد حملت عقل مؤلّفه بين يديك وعشت عمره فوق عمرك وأخذت كل أفكاره وتجاربه التي مات في سبيلها في ساعة من الزمن؟ هل يجب أن نقول "الكتاب أهم من الحذاء والحقيبة وقطعة الشكولاتة المحببة إلى قلبك"؟ لا أعلم.. ولكن إذا وجب علينا أن نقول ذلك للتذكير فلنفعل ولا حَرَج.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط