الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المُمولون.. والمجنسون.. والملعونون


أمام شاشة جهاز الكمبيوتر جلست وزميل مصور نتابع معًا فيلم الجزيرة القطرية الذى حمل اسم «العساكر»، وفجأة هتف الزميل وهو يشير إلى الشاشة: «هؤلاء ليسوا مصريين يا أستاذ» وأضاف: انظر إلى ملامح وجوههم وأجسادهم.. ونظرت فتأكدت أنه محق فى ملاحظته.

 وأردت أن أكون أكثر حصافة منه فنبهته إلى عبارة «مشهد تمثيلى» التى تعلو يسار الشاشة ولما أضفت هذه المشاهد الدرامية إلى الحكايات الشفاهية التى قال عنها مخرج الفيلم إنها متواترة.. كان لابد أن أحاول فحص وإحصاء نسبة التوثيق إلى التوظيف الدرامى فى الفيلم.

 وأندهش من هؤلاء الذين استقبلوا العمل على أنه توثيقى بكل ما يحمله من صنعة واضحة لا يمكن أن تدخل إلا على السذج وعديمى الخبرة والذين لم يخوضوا تجربة التجنيد من شبابنا، أو هكذا ظننت إلى أن تناهى لسمعى بعد يومين أو ثلاثة من عرض الفيلم عبارة صادرة عن شاب لم يخضع بعد للتجنيد يقول : لا يمكن أن يعامل جنود هذه المعاملة ويخوضون حرب أكتوبر وينتصروا فيها. 

لقد صدر هذا التعليق العفوى من الشاب الذى تصادف مجاورته لى وهو يتابع مشاهد تعرضها إحدى الفضائيات لحرب أكتوبر فرأيتها ملحوظة غابت عن كثيرين ومنهم مخرج الفيلم الذى عمل على فيلمه هذا لأكثر من عام برعاية قطرية. وليس لدى ما يثبت أو ينفى حصول هذا الشاب على الجنسية القطرية مكافأة لخدماته المقدمة فى هذا الفيلم أو قبله لكن الشىء المؤكد أنه حصل على التمويل اللازم مضافا إليه أجر خيانة الضمير والوطن ليلحقه عار اللعن للأبد.

(١)
ما هو وجه التوثيق فى هذا العمل؟!أن يجلس شاب على كرسى وخلفه صحراء أو بحر ويحكى ساخرا أنه فى الكشف الطبى على الشباب المؤهل للتجنيد يطلب الطبيب من الشاب أن يسقط سرواله ويستدير منكفأ على وجهه ليكشف الطبيب ويحدد إن كان هذا الشاب مثلى يمارس الشذوذ من عدمه؟! 

قد يناسب هذا الأمر شعوب اشتهرت باللواط أو ثقافات تقبله ونحن نعرفهم الآن ونعرف من أقصد، لكننى أجزم أن شيئًا مثل هذا لم يحدث معى ولا أعرف أنه حدث مع أحد من أبناء جيلى الذين خضعوا للكشف الطبى فى «نضارة التجنيد» والتحقوا بالجيش وقضوا فترة تجنيدهم الإلزامى الذى هو واجب وطنى وجزء من ضريبة مستحقة للمجتمع الذى نشأ فيه الشاب دافع هذه الضريبة، هذا المجتمع الذى يشمل أمه وأباه وشقيقاته وأشقاءه البنات والصبيان وممتلكات الأسرة الخاصة والعامة أو باختصار كما نقول - نحن المصريين - الأرض والعرض.

.. بداية من الاسم يجب أن ننتبه.. الفيلم يركز على فئة جنود الجيش دون صف الضباط والضباط لكن صنّاع الفيلم عمدوا إلى تسمية باتت مهجورة فى الثقافة المصرية وهى «العساكر» لربطها بهذا النداء الخبيث الذى تردد بعد ثورة يناير وجرى تمريره عن عمد – العسكر - وقد سربه الكارهون إلى المجتمع وتبناه الأغبياء من غير ذوى الفطنة ولم يروا ما وراءه.  

اللفظة تشير اصطلاحا إلى مافياوات المرتزقة التى تحكم بعض جمهوريات الموز التى تقع فى قارة أمريكا اللاتينية (وليس إمارة موزة التى تقع فى قارة آسيا) ولا يمكن بأى حال من الأحوال تشبيه جيش مصر الوطنى أو قادته بهؤلاء، هذا أمر مفروغ منه.. وكان أولى بصناع الفيلم ورعاته أن ينظروا إلى عساكرهم المجنسين من الباكستانيين والهنود والبنجلاديش الذين اشتروهم بأموال النفط والغاز وألبسوهم زيا مموها وأخرجوهم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط