الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إيران تهدد الكعبة


65 كيلومترا فقط فصلت بين الصاروخ الباليستي «الحوثي»، ومكة المكرمة، مهوى القلوب والأفئدة، وأرض بيت الله الحرام، قبل نجاح قوات الدفاع الجوي السعودية وقوات التحالف العربي في إسقاطه وتدمير أهدافه الخبيثة التي تعيدنا بالذاكرة إلى جاهلية عام الفيل، وهجوم القرامطة، وجريمة القحطاني، وغيرها من اعتداءات سافرة علي المقدسات الإسلامية وبيت الله الحرام.

وتتذيل جريمة الحوثي في 2016 قائمة الاعتداءات السوداء لأتباع إيران علي المقدسات الإسلامية والحرم المكي، لتذكرنا بأحداث مكة عام 1987 والتي راح ضحيتها 402 شخص في أيام الحج، وفي سبتمبر 1980 عندما تظاهر مجموعة من الحجاج الإيرانيين أمام المسجد النبوي الشريف رافعين صور الخميني، كما يأتي الاعتداء الباليستي السافر ليعيد أصابع الاتهام مرة أخرى إلى مرتكبي حادث مني الذي دفع ثمنه المئات من حجاج بيت الله الحرام في 2015 وهم شعث غبر يهرولون في طاعة الله بملابس الإحرام أول أيام التشريق.

ولم تكن جريمة استهداف الحوثيين لمكة المكرمة إلا إحدى الدلائل الكاشفة للدعم الإيراني لجماعة الانقلاب علي الشرعية في اليمن، ومحاولاتها الحثيثة للسيطرة على مفاصل السلطة علي دماء وجثامين أبناء شعبها بدعم إيران التي اعتادت واحترفت انتهاج الحرب بالوكالة وزرع جماعات تحمل لواءها في مناطق مختلفة بالوطن والخليج العربي، لتنفيذ مهام نشر الفوضي، وضرب الشرعية، وزعزعة استقرار الدول، وإدخالها في عداءات وحروب مع جيرانها، لتنفيذ أغراض إيرانية وتحقيق أطماعها في السيطرة والهيمنة علي المنطقة العربية لدعم موقفها والترويج لأسلحتها، وتحقيق مصالحها مع الغرب وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية ودول القارة العجوز.

ومسلسل نقل الأسلحة الإيرانية إلى جماعة الحوثي باليمن، لم يكن وليد اليوم، ولكنه مستمر منذ السنوات السابقة لما يسمي بــ«الربيع العربي»، وفقا لتقرير يمثل نتيجة تحقيقا سريا اجراه خبراء بالأمم المتحدة عقب اقتياد السلطات اليمنية سفينة «جيهان» الإيرانية في 2013، وتم رفع التقرير إلي مجلس الأمن العام المنصرم، ليكشف عن تقديم إيران تقدم أسلحة إلى المسلحين الحوثيين منذ ما يقرب من ثماني سنوات - 2009- ، ويكشف عن العديد من عمليات نقل الأسلحة طوال تلك السنوات، ومنها ضبط اليمن لمركب صيد إيرانيا ينقل 900 صاروخ مضاد للدبابات والطائرات صنعت في إيران.

وفي العام الجاري تم الكشف عن عدة عمليات جديدة لنقل الأسلحة الإيرانية إلي اليمن، ففي إبريل الماضي، أعلن الجيش الأميركي أن سفينتين للبحرية الأميركية في بحر العرب اعترضتا وصادرتا شحنة أسلحة من إيران كانت في الطريق إلى المتمردين في اليمن، وأكد بيان للبحرية الأميركية أن الأسلحة التي صادرتها السفينتان الحربيتان سيروكو وجرافلي كانت مخبأة في مركب شراعي واشتملت على 1500 بندقية كلاشينكوف و200 قذيفة صاروخية و21 بندقية آلية من عيار 50 ملليمترا.

وشهد فبراير الماضي اعتراض البحرية الأسترالية لمركبا شراعيا يحمل 2000 بندقية كلاشينكوف و100 قذيفة صاروخية وأسلحة أخرى، وفي مارس ايضا صادرت مدمرة فرنسية 2000 بندقية كلاشينكوف وعشرات بنادق القنص دراجونوف وتسعة صواريخ مضادة للدبابات ومعدات أخرى.

ومن الواضح أن محاولة الاعتداء علي الحرم ليست الدليل الوحيد الدامغ علي تورط إيران في دعم مسلحي الحوثي وإمدادهم بالأسلحة ، فالصواريخ الإيرانية من طراز« زلزال 3» سبق وأطلقتها ميلشيات الحوثي من اليمن تجاه نجران بالسعودية، لتوثق ماتقوم به إيران من خرق وانتهاك لقرارات مجلس الأمن 2216 و2231 ، دون رادع، ووسط صمت غير مبرر أو مفهوم من المجتمع الدولي، خاصة وأن تصدير إيران لأسلحتها لم يتوقف عند حدود اليمن وحده، بل امتد ايضا إلي سوريا ولبنان والعراق.

ويوم بعد يوم يفقد اليمنيون الأمل في إنهاء الصراع الدائر علي أراضيهم، في ظل حالة التأجيج الإيراني للأزمة وتحريض الانقلاب الحوثي علي إفشال كل محاولات الوصول إلي حلول، لتأتي ماتسمي بحكومة «الإنقاذ الوطني» بتحالف جماعة أنصار الله وحليفها حزب المؤتمر الشعبي، لتمثل انتهاكا جديدا في حق الشعب اليمني وحكومته الشرعية، وتعقيدا جديدا للأزمة المتواصلة وسط فشل مستمر لدعوات الهدنة ووقف اطلاق النار حتي وإن كان لأسباب إنسانية وهو ماشهدناه في الهدنة الأخيرة التي لم تستمر أكثر من 24 ساعة، والأمر نفسه تكررمع 6 اتفاقيات سابقة لوقف إطلاق النار باليمن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط