الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يوم نبتت فوق كنائسنا المآذن ...!


أوَ حق ما تبثه نشرات الأخبار ونسمعه مع جلبة الضوضاء من أصوات الصغار ...؟ أوَ هكذا تنتصر البينات عندما تتوضأ بالتسامح على البيانات التي تتوشح بالإجرام ..؟ أوَ ممكن أن يفيض علينا هذا الشرق بتلك المشاهد التي تزيح عن قلوبنا هموم الفتن الطائفية المغموسة بحقدها على المستقبل الذى يسحقه الفكر السلفي الوهابي حتى نستطيع بهذا المشهد المتجلي بقلب المسيح ومحبته غلبة الأوهام ...؟!

أؤكد لكم أن الصوت صاخب من الجليل الأعلى شمال فلسطين ينطلق .. وأؤكد لكم أن الرمال حوله تزهو بقيم المحبة التي غرسها المسيح المبارك في الأرض الطيبة..

لم يأت المسيح ليغلب بإنجيله دينا أو يهزم معبدا .. بل جاء لينشئ إنسانا يفيض على الحياه بقيم المحبة والتسامح والسلام التي هي في حقيقتها محراب كل دين وأصل كل معبد.

واليوم يتمثل أتباعه بيانه ... فيغرسون في كنائسهم المساجد ... ويرفعون من فوق قبابهم الأذان وكأن أسقفها قد أنبتت المآذن في الناصرة وما حولها يوم انتصرت بها قيم الإنسانية على جور الساسة التي يرسخها في الأرض المحتلة جماعات الصهاينة ويؤسسها في كل حوارينا المكر السلفي بالاستقرار والتعايش ...!

لقد قضى الكنيست الإسرائيلي بمنع رفع الأذان في القدس بطريقة مهينة لحرية الإيمان والاعتقاد .. لم يخضع الناس هناك لهوس هذا الاستبداد فرفعوا الأذان من فوق أسطح المنازل ..

وقامت الكنيسة الشرقية الشريفة ابنة الوطن وراعية الانجيل الكريم بالتضامن مع من حُرموا من حقهم في اعلان هويتهم الدينية والنداء لصلواتهم الندية .. ورفعت الأذان الإسلامي من فوق الكنائس .. عملا بالوصايا .. والتزاما بالقيم ... وإيمانا بالمحبة .. وتقديسا للحرية ... وخضوعا مسجى لروح التسامح ..الذى جاء به المسيح مبشرا هذا العالم ..

المشهد يزيح عن قلوبنا بعض الهموم التي تحاول أن تتلبد في سماء الشرق لتوحي بأن هناك مطرا من دم ينوى أن يهطل على سفوحنا .. نتيجة لفكر طائفي يمزق شوارعنا ... وسلوكيات قبيحة تعتدى بطائفيه على بعض شعبنا دون أن تنظر لما قد تجره الرعونة والغباء من مخاطر ...

في كل مرة تراهن الكنيسة على ولائها للحق وإيمانها بالتعايش ووطنيتها في صناعة اللُحمة الوطنية كلما اشتد الاعتداء عليها أو على شركائها في البلاد ..

لا يمكن أن يكون المشهد الذى قدمته كنائسنا الشرقية في مدن فلسطين إلا ابن فكر ديني قد تخلص من لوثة الاستبداد وعاد إلى طبيعته الطيبة ... إلى سطور كتابه الكريم ...

الكتاب الذى يؤمن بالحق والعدل والخير للناس جميعا ..
وهي السطور نفسها التي تحاول الحركة التنويرية في الشرق اليوم أن تتحلق حولها لتعيد للدين الإسلامي طبيعته وتخلصه من ايدي التراث الذى خلط المقدس بالبشري .. والتفسير بالمتن . والرأي الشخصي بالوحي ... وأخرج لنا خليطا نراه في سيف داعش التي هدمت كنائس الموصل والشمال السوري وقتلت الإنسان هناك واستباحت باسم الدين الأمان فسقطت المدن وهزمت الاستقرار ... !

في كل مرة تتقدم الكنيسة خطوتين ... وتبرهن لنا أن قلبها ليس إلا خريطة من محبه لهذا الشرق الذى تعب كثيرا من فتن الطائفية ونزوات المستبدين رافعي الرايات الدينية ...

فهل نتعلم من الكنائس التي رفعت الأذان ونرد لها الجميل والاعتبار فندق من مآذننا لها جرسا عتيقا كتحيه وإكرام؟
 
متى يأخذنا الحق إليه .. ونتعلم أن الله يأمرنا بالعدل والإحسان وايتاء ذي القربي ... وقرابتهم في الوطن ليست محلا للانتقاص والتلوي ...

متى نستيقظ من وهم الفكر السلفي الذي يكره المستقبل ويقطع التواصل ... لنسمع الأذان الذى جاء مخلوطا بأجراس البهجة والتعايش والنصر ..؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط