الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواعب إبراهمي تكتب : معنفات بلا قيود

صدى البلد

لست مع الذين يتخذون يوما عالميا لمناهضة العنف ضد المرأة، لأن المرأة لا تحتاج ليوم واحدا في العام لنقول لها سنحميكي من العنف، إنها تحتاج إلي التخلص من هذا العنف الذي يمارس ضدها في كل لحظة وفي كل حين وفي أشكال متعددة.

وفي حديثي هذا سأتناول العنف الذي لا يتحدث عنه الآخرون، لأنني أري أن هذا العنف يخالف الشريعة الإسلامية، ومع ذلك لا أحد يتحدث عنه إطلاقا، بل بالعكس لا نسمع من المتحدثين بالدين إلا حديثا واحدا وهو ما معناه، لو بات الرجل غضبان علي زوجته لعنتها الملائكة حتي تصبح، أما حقوق المرأة الخاصة والشخصية فلا أحد يتحدث عنها ولا حتي المرأة نفسها .

فكيف يمكن لنا أن نساعدها في التخلص من ذلك العنف ومقاومته , في الوقت الذي لا تستطيع كثير من النساء إثبات بعض ذلك العنف أو الحديث عنه , أو مقاضاة من يعنفها.

هناك عنف منظور ومحسوس وتستطيع المرأة أن تتحدث عنه وأن تطالب بالحماية منه، ولكن أيضا هناك عنف غير منظور ولكنه يقهر روحها ويدمر كيانها ولكن للأسف لا تستطيع الحديث عنه . ولا تستطيع الدفاع عن نفسها و لا تستطيع الشكوي.

وذلك العنف يمارس ضد المرأة من جهات مختلفة ومن أشخاص متعددون . ويمارس ضدها في كل وقت ربما منذ ولادتها وحتي تترك الحياة .
ومن هذا العنف الذي لا تستطيع المرأة أن تتحدث عنه هو الذي يحدث بينها وبين زوجها ربما عن قصد وعن غير قصد في علاقتها الخاصة معه.

فمن خلال عملي كمحامية، كنت أستمع إلي شكاوي كثيرة جدا تكون هي السبب الأساسي لطلب الطلاق، ولكن المرأة لا تستطيع الحديث عنها فتهرب منها إلي شكاوي ممكن الحديث عنها مثل عدم الإنفاق أو الضرب والإيذاء.

وذلك أيضا ما نص عليه قانون الأحوال الشخصية من ضمن الحالات التي تكون سببا لطلب الطلاق، إلي أن أتي قانون الخلع فأزاح عبئا كبيرا عن كاهل المرأة , ورحمها من ضرورة أن تقوم بالشرح والتوضيح لأسباب الطلاق.

ولكن في أرض الواقع توجد نساء كثيرات لا تستطيع رفع دعاوي الخلع ولا طلب الطلاق لأسباب مالية أو اجتماعية أو احتياج مالي.

ويوجد علي الجهة الأخري زوج يمارس العنف ضد زوجته ربما عن عمد وربما عن غير عمد فبعض الرجال أنانيون لا يعطون العلاقة الزوجية حقها كما أمر الله به، وبعضهم لا يهتمون، بل والبعض الآخر يستخدمون العلاقة الزوجية وحرمان المرأة منها كصورة من صور العقاب والضغط، وحتي دون فهم ودون وعي، وكثيرات زوجات تعيش مع زوجها وكأنهما أخوة، ولا يوجد بينهم علاقة المودة والرحمة والحقوق والواجبات.

ومثل تلك الحالات أنا شخصيا أعتبرها نوع من العنف ضد المرأة , بل وربما الأعنف والأكثر قهرا , حيث أن العنف فيها جسدي ومعنوي . وحيث أن الشكوي غير مسموح بها لا مجتمعيا ولا أخلاقيا ولا قانونيا.

أما صور العنف الأخري التي تتعرض لها المرة ولا تستطيع الحديث عنها، هو العنف الذي يحدث من أقرب الناس إليها، من الوالدين أو من الأخوة.

فقد تتعرض المرأة للعنف داخل اسرتها والتفرقة بينها وبين أخوتها الذكور , وتظل تلك الأشياء وهذه المشاعر مكبوتة بداخلها ولا تبوح بها لأحد ولكنها تترك بداخلها أثرا سيئا . وقد يتم حرمانها من الميراث بموجب عادات بالية قديمة ولا تمت للشرع بصلة , وقد ناقشت ذلك بوضوح في كتابي شرائع محرمة والذي صدر في عام 2014 . والذي به كيف أن العادات والتقاليد تحرم المرأة من أغلب الحقوق التي يقرها لها الشرع والدين , ومع ذلك يحرم المجتمع ما أباح الشرع والدين.

والسؤال هنا كيف نحمي المرأة المعنفة من العنف الممارس ضدها؟

خاصة إذا كانت لا تستطيع درء ذلك العنف أوالمطالبة بمحاربته.

من وجهه نظري الشخصية لابد من عمل دورات وندوات للرجال والنساء , يحاضر فيها أطباء وإخصائيين إجتماعيين لتوعية الزوجين معا عن مدي الضرر النفسي والجسدي الذي يلحق بالمرأة التتي تتعرض لهذا النوع من العنف في علاقتها الخاصة جدا مع زوجها.

وكذلك يجب عمل توعية بالمدارس وتنشئة التلاميذ علي أن الذكر والأنثي متساوون في الحقوق والواجبات , وأن المجتمع لا يكون سويا إلا في حالة أن يكون به البشر أسوياء وأن الإنسانية تكون من خلال النظر للإنسان مجردا من نوعه وجنسه.

وأن الشرع عندما حدد انصبة للمواريث لابد أن نلتزم بما شرع الله من فوق سبع سموات، وأنه لا يجب أن نضع نحن شرائع من عندنا ونطبق تلك الشرائع ونحرم شرائع الله وذلك ما قصدته في كتابي (شرائع محرمة).

ثم يجب أن يأتي القانون ليمنح الحماية لتلك الحقوق والتي لا تستطيع المرأة الحصول عليها بالرغم من أنه توجد آيآت قرآنية تحدد تلك الأنصبة .
وأقترح أن يكون التقسيم بأن تتم عملية تقسيم الأرث من خلال محكمة الأسرة، بعمل جرد للتركة وتقسيمها طبعا للأنصبة المنصوص عليها شرعا , وأن يصدر بها حكم يحدد لكل شخص نصيبه المفروض له.

لأننا إن أصدرنا القانون الذي يجرم حرمان الأشخاص من الميراث وفقط، سيواجهنا عدم قدرة النساء تحديدا إجتماعيا وإنسانيا علي الذهاب للمحكمة أو تقديم شكوي جزائية ضد أخ أو عم أو خال وتقديمه إلي المحكمة كمتهم.

وإن كان القانون سيكون به بعض الردع لمن تسول له نفسه ظلم أنثي وحرمانها من حقها الشرعي في الميراث.